الرئيس اليمني يكثف مشاوراته من أجل استخدام القوة لكبح جماح المتمردين الحوثيين

لقاء موسع في صنعاء يدرس خيارات الرد على التمرد المسلح في شمال البلاد

عناصر تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن، أمس، قرب أحد المخيمات التي أقاموها في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن، أمس، قرب أحد المخيمات التي أقاموها في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الرئيس اليمني يكثف مشاوراته من أجل استخدام القوة لكبح جماح المتمردين الحوثيين

عناصر تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن، أمس، قرب أحد المخيمات التي أقاموها في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن، أمس، قرب أحد المخيمات التي أقاموها في صنعاء (إ.ب.أ)

تبددت آمال الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المتمردة في شمال اليمن في التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة القائمة والتحصينات التي يقوم بها الحوثيون في العاصمة صنعاء وحولها، رغم التصريحات التي أكدت إمكانية التوصل إلى اتفاق بحلول يوم أمس (السبت). ولوح الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مجددا، باستخدام القوة لوقف التمدد الحوثي بعد استنفاد كل الوسائل والطرق السلمية من أجل إيجاد تسوية سياسية.
وعقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، اجتماعا استثنائيا باللجنة العسكرية والأمنية العليا. وقالت مصادر رسمية إن الاجتماع «وقف أمام التطورات والأوضاع الراهنة في ضوء ما يحشده عبد الملك الحوثي باتجاه صنعاء وما حولها من ميليشيات مسلحة تهدد الأمن والاستقرار والتسوية السياسية برمتها». واعتبر هادي جماعة الحوثي تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار في اليمن، وأشار في الاجتماع إلى «طبيعة ما جرى في دماج وحاشد وعمران والجوف ومأرب والانتشار الممنهج لجماعة الحوثي وما تشكله من تهديد للأمن والاستقرار وإضعاف صلاحيات الدولة والحكومة في تلك المناطق»، في إشارة واضحة إلى التمدد الحوثي بالقوة المسلحة في العديد من المناطق اليمنية شمال البلاد.
وأضاف هادي أنه «بعد عدوان تنظيم القاعدة الإرهابي على الأصدقاء الأجانب في صنعاء وتكرار مثل تلك الاعتداءات ومنها ما تم في مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي من عدوان وحشي يندى له الجبين على الأطباء والممرضين والممرضات والطبيبات والعاملين والمرضى العزل من السلاح، فقد حشدنا وحدات من الجيش لمكافحة آفة الإرهاب، وبينما كان الجيش منهمكا في ملاحقة العناصر الإرهابية في عزان والمحفد ومناطق أخرى، كان عبد الملك الحوثي يقتحم بميليشياته مناطق في حاشد وباتجاه عمران». ورحب هادي «ترحيبا كبيرا بالبيان المهم الذي أصدره مجلس الأمن الدولي أمس، وكذا بياني الإدارة الأميركية والمملكة المتحدة التي تدين ميليشيات الحوثي ومحاولتها اختراق الصف الوطني والإجماع الذي تحقق في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والخروج عن ذلك الإجماع الذي يجنب اليمن ويلات الانقسام والتشظي والسلالية والطائفية والوصول باليمن إلى آفاق الاستقرار والأمان والتطور والازدهار»، وحث كل الجهات العسكرية والأمنية على «اتخاذ أقصى درجات الحيطة والجاهزية الكاملة لمواجهة مختلف الاحتمالات».
وفي سياق تحركاته لوقف زحف الحوثيين نحو العاصمة صنعاء ونشاطاتهم، عقد هادي، أمس أيضا، لقاء موسعا ضم الحكومة ومجلسي النواب والشورى ومنظمات المجتمع المدني، وقال فيه إنه «حريص على كل مواطن من أقصى المهرة إلى أقصى صعدة، وإنني لن أسمح لأي عابث بأن يهدد أمن واستقرار اليمن، ولا يحق لأي جماعة أن تكون وصية على هذا الشعب العظيم باستخدام ذرائع بالية، كما لا يحق لها أن تتعهد للناس بشيء وجميعنا يعلم أنها تنقض كل اتفاق»، في إشارة أخرى إلى جماعة الحوثي.
ودعا الرئيس اليمني «الأطراف التي تغرد خارج السرب لأن تعيد حساباتها وتلتزم بما أجمع عليه اليمنيون، وأن تعمل على تحقيق أهدافها وطموحاتها عبر الأطر السياسية والمؤسسية التي كفلها الدستور وعبرت عنها وثيقة الحوار الوطني بشكل لا لبس فيه». وأشار إلى أن «الدولة مسؤولة وضامنة لهذه الاتفاقيات وتحقيق الشراكة الوطنية روحا وفعلا»، وقال هادي «مددنا يد السلم دوما، ليس ضعفا منا ولكن حرصا على تجنيب البلاد ويلات حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وإدراكا منا أن لغة العنف سوف تحرق الأخضر واليابس، بل وستبدد كل طاقاتنا التي يجب أن نسخرها الآن للتنمية والبناء، كما ستحول البلاد لساحة احتراب لقوى خارجية لا يهمها اليمن ولا اليمنيين».
وأوفد الرئيس اليمني لجنة رئاسية خاصة للتفاوض مع زعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثيين، قبل أكثر من أسبوع، وعادت اللجنة دون التوصل إلى حل نهائي. وعقب ذلك بعث الحوثي برسالة إلى الرئيس لم تتضمن أي موافقة على العروض التي طرحتها اللجنة الرئاسية، وقد تضمنت العروض التي طرحتها اللجنة على الحوثيين مشاركتهم في حكومة وحدة أو مشاركة وطنية، واتخاذ إجراءات تحد من الأضرار الناجمة عن الإجراءات السعرية التي اتخذتها الحكومة في ما يتعلق برفع الدعم عن المشتقات النفطية، غير أن الحوثيين يواصلون التصعيد تحت هذه الذريعة ويقومون بحشد عشرات الآلاف من المقاتلين في صنعاء وحولها منذ فترة، ويرفضون كل العروض التي طرحت عليهم، في الوقت الذي تطالبهم فيه الدولة اليمنية بالعمل عبر أطر سياسية وسلمية وليس عبر القيام بحشد المسلحين في صنعاء وحولها.
وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء حالة من التوتر بسبب دخول مجاميع غفيرة من الحوثيين إليها مطالبين بإسقاط حكومة الوفاق الوطني وبالتراجع عن الإجراءات السعرية المتعلقة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وقد نصب المتمردون الحوثيون خياما أمام وزارة الاتصالات ووزارة الداخلية والحديقة العامة في منطقة الحصبة بشمال صنعاء، إضافة إلى المواقع التي نصبوها (عسكرية) في مدخل صنعاء من طريق محافظة الحديدة (الميناء الرئيس في الشمال)، ومحافظة ذمار (الجهة الجنوبية)، إضافة إلى سيطرتهم على مدخل العاصمة الشمالي بصورة شاملة وأيضا محافظة عمران المحادة لصنعاء من جهة الشمال.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.