قاطع الرؤوس الأسترالي.. من حبوب الهلوسة إلى صفوف «داعش»

الانتحاري أبو بكر سرع بصدور قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب

خالد شروف قاطع الرؤوس الأسترالي
خالد شروف قاطع الرؤوس الأسترالي
TT

قاطع الرؤوس الأسترالي.. من حبوب الهلوسة إلى صفوف «داعش»

خالد شروف قاطع الرؤوس الأسترالي
خالد شروف قاطع الرؤوس الأسترالي

بعد الصورة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع أثار حفيظة دول، بينها الولايات المتحدة وأستراليا، لولد أسترالي اصطحبه والده معه للقتال بسوريا، وظهر فيها وهو يحمل رأسا مقطوعة، ثار الجدل حول هوية الوالد، خالد شروف، الذي عُرف في الإعلام الغربي باسم «قاطع الرؤوس»، وخلفياته الفكرية التي جعلت منه اليوم أحد أشهر المنتمين لجماعات إرهابية بالغرب.
وُلد خالد شروف لأبوين لبنانيين عام 1981 في أستراليا، وارتبط بعلاقة عنيفة مع والده. لم يكمل شروف دراسته في المدرسة، إذ طُرد وهو في الصف التاسع لسلوكه العنيف، وبعدها عاش شبابه في المحاكم بين 1995 و1998 بينما كان يتعاطى المنشطات وعقاقير الهلوسة «إل إس دي»، مما أدى إلى ظهور مرض انفصام الشخصية لديه، أو ما يُعرف بـ«الشيزوفرينيا».
وكانت أستراليا أعلنت، الأسبوع الماضي، اتخاذها إجراءات لمنع مواطنيها من القتال ضمن الجماعات المسلحة في العراق وسوريا، وبينت أنه يوجد مزيد من الإرهابيين المحتملين داخل أراضيها.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت إن بلاده اتخذت إجراءات لمنع مواطنيها من القتال ضمن الجماعات المسلحة في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن «60 أستراليا على الأقل يقاتلون في العراق وسوريا إضافة إلى دعم من نحو 100 شخص آخرين يسهلون انضمامهم».
وحذر أبوت من «وجود مزيد من الإرهابيين المحتملين داخل أستراليا»، مؤكدا أن «أعمال القتل الوحشية في سوريا ووجود أستراليين بين المسلحين تسلط الضوء على الحاجة لاتخاذ إجراءات لمواجهة التطرف».
وكانت وزيرة الخارجية الأسترالية حذرت، يوليو (تموز) الماضي، عن «مخاوف عميقة بشأن مواطنيها الذين يسافرون للقتال بالخارج» من التقارير التي أشارت إلى تفجير مواطن أسترالي نفسه في منطقة الشورجة وسط بغداد، مشيرة إلى أنه لمأساة أن يتحول شاب أسترالي إلى مفجر انتحاري ويقتل آخرين في العراق.
وأعلن تنظيم «داعش» في موقع «تويتر» مسؤوليته عن التفجير الانتحاري، الذي قتل العشرات، في يوليو الماضي، في منطقة الشورجة وسط بغداد، في هجوم قال إن الذي نفذه مواطن أسترالي، يدعى أبو بكر الأسترالي. وأشارت أستراليا في الآونة الأخيرة، إلى أن عددا من مواطنيها يعتقد أنهم يقاتلون في سوريا والعراق، قائلة إنها تشتبه في أن العشرات شاركوا في القتال بالبلدين.
وأشارت أستراليا في الآونة الأخيرة، إلى أن عددا من مواطنيها يعتقد أنهم يقاتلون في سوريا والعراق، قائلة إنها تشتبه في أن العشرات شاركوا في القتال في الخارج. وفي منتصف يوليو الماضي، أعلن المدعي العام الأسترالي جورج برانديس، إصلاحات أمنية واسعة ستزيد من سهولة تعقب المواطنين الأستراليين الذين يعتقد أنهم قاتلوا في الخارج، سواء كانوا مسافرين أو عند عودتهم لبلدانهم.
وستسهل القوانين عملية حصول الحكومة على صلاحيات لتفتيش أجهزة الكومبيوتر والشبكات الخاصة، كما ستتيح تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن الأسترالية الداخلية والخارجية بشكل أفضل.
وجاءت الإجراءات الأسترالية لمكافحة الإرهاب، بعد أن استشعرت كانبرا خطر الإرهاب الذي يتهددها بعد حصولها على معلومات مفادها انضمام العشرات من إسلامييها المتشددين إلى الجماعات التكفيرية التي تقاتل الأنظمة في الشرق الأوسط.
وحول هذه الخطوة التي وصفها محللون بأنها «حازمة»، أوضح توني أبوت رئيس الوزراء الأسترالي في بيان له أن حكومته ستنفق 630 مليون دولار أسترالي (585 مليون دولار أميركي) على إجراءات تشمل تعزيز برامج مشاركة المجتمعات المحلية في الحياة المدنية الأسترالية.
وشدد أبوت في هذا الصدد على أن التركيز سينصب بكل قوة لمنع الشبان الأستراليين من التورط مع الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وتشمل الإجراءات الجديدة إنشاء فرقة متابعة بالشرطة الاتحادية الأسترالية لرصد عودة المقاتلين إلى أستراليا وأولئك الذين يدعمونهم، فضلا عن تشكيل مجموعة للتحقيق مع المقاتلين العائدين ومؤيديهم وملاحقتهم.
وتقود الحكومة الأسترالية إلى جانب الولايات المتحدة حملة في الأمم المتحدة لاعتماد معايير دولية للتعامل مع الأعداد المتزايدة للمقاتلين الأجانب في صراعات الشرق الأوسط والتهديد الذي قد يمثلونه لدى عودتهم إلى بلادهم.
وكان جون كيري وزير الخارجية الأميركي قال في وقت سابق الشهر الحالي، بعد اجتماع في سيدني مع وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، إنه سيتناول قضية التطرف الإسلامي في الأمم المتحدة في وقت لاحق هذا العام.
وعمل شروف قاطع الرؤوس الأسترالي، في البناء، وكان يتلقى مبلغا من المال إعالة لذوي الحاجات الخاصة، إلى أن قُبض عليه بتهمة تدبير عملية إرهابية مع ثمانية أشخاص، في محاولة لبدء «حرب جهادية» في أستراليا، حيث قاموا بسلسلة هجمات على منازل وشركات، وقد أدت إصابة شروف بمرض عقلي إلى تأجيل محاكمته، بعد أن اعترف باقتناء بطاريات وساعات كانت ستُستخدم في صنع متفجرات.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 قالت اختصاصية عينتها المحكمة إن شروف مصاب بحالة حادة من مرض انفصام الشخصية، وبعد تلقيه العلاج في عام 2009، قضت المحكمة له بخمس سنوات وثلاثة أشهر في السجن، لكنه خرج بعد ثلاثة أسابيع من السجن، علما بأن معظم تلك المدة قضاها بانتظار وقت المحاكمة، بحسب «نيويورك تايمز». من جهته، يقول البروفسور فريدريك بيماك خبير الطب النفسي من جامعة جورج ماسون لـ«نيويورك تايمز» إن مشهدا لصبي يحمل رأسا بشرية مقطوعة يثير الفزع، ويشير إلى أن الوالد يعاني من أمراض نفسية، «وخلال فترة سجنه كان شروف يأمل بأن يقضي وقتا أطول مع أطفاله، وينتقل بعائلته إلى بلد آخر، كما نقل عن زوجته تارا نيتلتون، لكن سبب اختياره الانتقال إلى سوريا غير معروف.
أثبت شروف أن أفكاره لم تتغير، بينما هو في السجن، بل إن هذه المدة منحته الفرصة للتفكر والتعمق أكثر بمعتقداته، مما زاد حالته سوءا كما قال كلارك جونز، وهو خبير من جامعة أستراليا ناشونال، مضيفا أن طريقة التعامل مع الإرهابيين وفصلهم عن الناس يعطيهم المجال للتفكير والتعمق بمعتقداتهم، وقد أدى بقاء شروف في السجن إلى المزيد من التطرف، مؤكدا حاجته للعلاج.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.