حرق رايتي «داعش» و«النصرة» يثير أزمة في لبنان

وزير العدل قال إنها تسيء للشعائر الدينية

حرق رايتي «داعش» و«النصرة» يثير أزمة في لبنان
TT

حرق رايتي «داعش» و«النصرة» يثير أزمة في لبنان

حرق رايتي «داعش» و«النصرة» يثير أزمة في لبنان

دعا وزير العدل اللبناني أشرف ريفي لـ«إنزال أشد العقوبات» بعدد من الشبان الذين قاموا يوم أمس السبت بإحراق رايتين لـ«داعش» و«جبهة النصرة» في منطقة الأشرفية في بيروت، على خلفية ذبح التنظيم الأول جنديا في الجيش اللبناني واختطاف عدد آخر من العسكريين مطلع الشهر الحالي.
وأعلن ريفي أنه طلب من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود «التحرك لملاحقة أشخاص أحرقوا راية (داعش) في ساحة ساسين وإنزال أشد العقوبات بهم». وردّ ريفي في بيان تحركه قضائيا لكون «الراية كتب عليها شعار (لا الله إلا الله محمد رسول الله)، وهو بعيد كل البعد عن راية (داعش) ونهجها الإرهابي»، مشيرا إلى أن إحراق الراية التي تحمل هذا الشعار «يشكل تحقيرا للشعائر الدينية للأديان السماوية، ويمكن أن يؤدي إلى إثارة الفتنة».
وطالب عدد من النواب ريفي بالتراجع عن قراره، فيما أعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب المحامي إبراهيم كنعان أنه «سيتوكل للدفاع عن الشبان الذين أحرقوا علم (داعش)». واستنكر عضو التكتل نفسه، النائب نبيل نقولا، رد فعل ريفي، وتمنى عليه سحب الدعوى التي تقدمها بها، لافتا إلى أن «الشبان الذين أحرقوا علم (داعش) لم تكن في نيتهم إهانة الدين الإسلامي»، علما بأنه «وبالنسبة لي هذا العلم لا يمثل الدين الإسلامي أبدا». واعتبر وزير العمل سجعان قزي (حزب الكتائب اللبنانية) أنه «ليس المطلوب حرق علم (داعش) بل حرق (داعش)».
واتصل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل برئيس الحكومة تمام سلام وبالوزير ريفي، داعيا إياهما إلى «التنبه إلى الفتنة وعدم اتخاذ أي إجراء ممكن أن يجر إليها». وحثّ باسيل المسيحيين على «عدم الخلط بين الإسلام و(داعش) وبين راية الرسول وراية (داعش)، لأن الإسلام هو أبعد شيء عن (داعش)». كما طلب باسيل من المسلمين «عدم الخلط بين الخاطفين والمخطوفين وبين قاطعي الرؤوس حيث تتوجب الملاحقة لقطع الإرهاب، وبين حارقي الأعلام حيث لا يجوز أكثر من لفت النظر للتمييز بين العلمين».
وأشار مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، إلى أنه وبعد التواصل مع الجهات المعنية تأكد أن «حرق الأعلام في الأشرفية كان تصرفا فرديا ولا يحمل أي خلفية سياسية». واستنكر الشعار في بيان «أشد الاستنكار التعرض للرموز الدينية لأي جهة انتسبت»، وقال «كما أننا نهيب بالجميع أن يغلبوا لغة العقل ومصلحة البلد على العواطف والنوازع النفسية. فبلدنا يمر بمرحلة حرجة تحتاج إلى وعي أبنائه وتضافر الجهود للخروج من هذا النفق المظلم. كما أننا نهيب بالجميع أن يتركوا الأمور للمسؤولين المعنيين والمؤسسات الرسمية والقضائية التي تعمل على معالجة مثل هذه المشكلات ضمن إطار القانون وحفظ الانتظام العام».
وتطور الأمر على موقع «تويتر» لحد دعوة ريفي للاستقالة، فيما اعتبره ناشطون يبرر لـ«داعش» أفعاله. وتساءل أحمد ياسين على حسابه على «تويتر» قائلا «حرق علم (حزب الله) في طرابلس عادي وحرق علم (داعش) جريمة؟».
وغرد عماد بزي قائلا «الوزير أشرف ريفي يطلب ملاحقة كل من أحرق علم (داعش)، باعتبار أن سفارة دولة البغدادي قد تستاء، مما يؤدي لأزمة دبلوماسية بيننا».
واعتبر سلمان عنداري في تغريدة أن «الوزير أشرف ريفي أخطأ في هذا القرار، فـ(داعش) الذي ذبح عنصرا من الجيش لا بد من إحراق علمه وإعدام عناصره. أصلا (داعش) خارج عن الإسلام». وانتشر على «تويتر» هاشتاغ «أحرقوه» ودعوات للنزول إلى الشوارع وإحراق أعلام «داعش».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.