ميليشيات في «الحشد» باتت «مافيا خارج السيطرة»

تقود شبكات فساد تخترق الاقتصاد العراقي على غرار «الحرس الثوري»

عناصر من أحد فصائل «الحشد الشعبي» في شمال العراق (خدمة «نيويورك تايمز»)
عناصر من أحد فصائل «الحشد الشعبي» في شمال العراق (خدمة «نيويورك تايمز»)
TT

ميليشيات في «الحشد» باتت «مافيا خارج السيطرة»

عناصر من أحد فصائل «الحشد الشعبي» في شمال العراق (خدمة «نيويورك تايمز»)
عناصر من أحد فصائل «الحشد الشعبي» في شمال العراق (خدمة «نيويورك تايمز»)

أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الحالي أن قواتها العسكرية العاملة في العراق تواجه تهديدات من «وكلاء إيران»، في إشارة إلى الجماعات والميليشيات المسلحة التي ساعدت في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وتسببت في إنهاك العراق وإفساده أكثر من أي وقت مضى.
وتملك الميليشيات المسلحة العراقية، وبعضها موالٍ لإيران، موطئ قدم عميق في كل محافظة ومدينة عراقية. ولم تستقر الآراء حتى الساعة حول ما إذا كانت تلك الميليشيات تعمل وكيلة من تحت العباءة الإيرانية من عدمه.
ويقول إنتوني كوردسمان، محلل الأمن القومي لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «تفيد لفظة الوكيل أن إيران تستغل هذه الجماعات والميليشيات كأدوات لبلوغ مآربها في العراق. وهم ليسوا كذلك. فهناك حفنة من الجماعات ضمن (الحشد الشعبي) العراقي، وبعضها من الجماعات السنية، وبعضها موالٍ للحكومة العراقية، والبعض الآخر تربطه صلات وثيقة بـ(فيلق القدس) المتفرع عن (الحرس الثوري) الإيراني».
ويكتنف المسألة مزيد من الغموض، إثر حقيقة مفادها أن هذه الجماعات المسلحة معترف بها وممولة من قبل الحكومة العراقية. وخلال الأسبوع الحالي، أصدرت الولايات المتحدة أوامرها لإحدى حاملات الطائرات وبعض القاذفات بالتوجه والانتشار في مياه الخليج العربي رداً على «تهديدات محتملة» من الجماعات المسلحة الموالية لإيران هناك.
وهناك ما يقرب من 30 ميليشيا عراقية مسلحة تحت مظلة ما يُعرف بقوات «الحشد الشعبي» التي تضم نحو 125 ألفاً من المقاتلين العاملين. وتتفاوت علاقة هذه الميليشيات مع إيران تفاوتاً كبيراً، وفقاً لآراء الخبراء والمسؤولين الحكوميين في العراق والولايات المتحدة. وفي حين تنأى بعض الجماعات الموالية لـ«الحشد الشعبي» بنفسها تماماً عن المدار الإيراني، فإن هناك جماعات أخرى، بما في ذلك بعض من أقوى الجماعات تسليحاً وتجهيزاً، على صلات وثيقة وراسخة بالنظام الإيراني. ومع تراجع حدة القتال ضد تنظيم «داعش»، باتت المشكلة التي تواجه العراق تكمن فيما ينبغي فعله مع هذه الجماعات المسلحة. وفي حين ثارت الأقاويل حول تفكيك تلك الجماعات وتسريح أفرادها، يبدو أن بعضها فقط على استعداد حقيقي للقيام بذلك.
وعلى رغم استيعاب قوات الأمن العراقية لهذه الميليشيات، فإنها غير خاضعة لقيادة وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية العراقية. بدلاً من ذلك، تحظى ميليشيات «الحشد» بوضعية خاصة تجعلها تحت قيادة رئيس الوزراء مباشرة.
بعض هذه الجماعات يبدو حميد المنهج والسلوك، ويهتم حصراً بالاضطلاع ببعض المهام ذات الطابع المحلي، من توفير خدمات الأمن وفرض النظام في الأماكن التي يقل فيها وجود الشرطة العراقية النظامية.
غير أن هناك ميليشيات أخرى سيئة السمعة، وذات فساد واضح، وتشبه عصابات المافيا إلى حد كبير، ووجّهت الاتهامات إلى الكثير منها، بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وفي حين أنها خاضعة لقيادة رئيس الوزراء، فليس من الواضح أنه يمكن لأحد في العراق الوقوف في طريقها أو كبح جماحها.
ويقول حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي السابق، في مقابلة أجريت معه هذا العام: «إذا كانت الجماعات تملك أجنحة مسلحة وفاسدة، فلن يمكن لأحد السيطرة عليها».
ومن بين الشواغل الكبيرة التي تشيع ضمن أوساط بعض كبار المسؤولين بشأن الميليشيات، تماماً كمصدر القلق الصادر عن «الحرس الثوري» الإيراني، أن تتحول إلى قطاعات المال والأعمال، ولكن بميزة غير منصفة، تتمثل في الحماية المسلحة للأجنحة العسكرية بتلك الميليشيات، فضلاً عن حماية بعض من كبار الشخصيات في الحكومة العراقية لها ولأعمالها.
ويقول إليكس فاتانكا، زميل «معهد الشرق الأوسط»: «إن لم تُفرض الضوابط على هذه الجماعات في العراق، فستجد هؤلاء الرجال يتحولون بمرور الوقت إلى شبكات من المصالح الواسعة التي تتراوح من الكيانات شبه الإجرامية إلى القوى السياسية ذات السطوة والنفوذ التي تقيم أركان دولة داخل الدولة».
من جماعات «الحشد»، هناك 4 أو 5 جماعات ذات صلات وثيقة بإيران، تعتبر ممارسة لأعمال السلطة والنفوذ غير المصرح بها حكومياً. وبعضها يدير أعمال الرشى والابتزاز على الصعيد المحلي، مستغلاً الإكراه في تنفيذ مآربه وإجبار رجال الأعمال على التنازل عن بعض من أرباح أعمالهم، أو قهر المواطنين على الاستفادة من خدماتهم قسراً.
ولدى جماعات عدة من «الحشد» أعداد كبيرة من الممثلين في البرلمان العراقي؛ حيث تنقسم سلطة تسمية الوزراء بين مختلف الكتل السياسية. فإذا كانت الكتلة معنية بتسمية وزير من وزراء الحكومة، فلديها فرصة سانحة للتأثير على من يحظى بالتعاقدات السخية أو الوظائف الرفيعة.
ومن شأن تلك الجماعات العمل أيضاً كورقة ضغط سياسي لخدمة المصالح الإيرانية داخل الدولة والحكومة العراقية.
ويساور كبار المسؤولين في الحكومة العراقية القلق على نحو خاص بشأن نفوذ الجماعات ذات الصلات الوثيقة بالنظام الإيراني ومناعتها من الانضواء تحت مظلة السيطرة الحكومية العراقية. غير أن المسؤولين غير مستعدين بصفة عامة للحديث علناً في تلك الأمور.
وأثيرت حفيظة وزارة الدفاع العراقية بصورة كبيرة مع انتقال بعض ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية إلى الحدود السورية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واتخاذها مواقع حاسمة هناك، لكن الوزارة توصلت إلى وسيلة ما لتفادي المواجهة معها.
وعلى نحو مماثل، وبعد فترة وجيزة من إعلان وزارة الخزانة الأميركية في مارس (آذار) الماضي عن إدراج إحدى جماعات «الحشد»، وهي «حركة حزب الله النجباء»، على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، أعلنت الحكومة العراقية عدم موافقتها على الخطوة.
ولم يدافع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن الحركة، إذ أثبت الجيش العراقي صعوبة تعامله وتعاطيه مع «النجباء» بصورة خاصة. بيد أنه أعرب عن تأييده لجماعات «الحشد» بصفة عامة. وقال عبد المهدي في مارس: «يمكن للأميركيين اتخاذ ما يشاؤون من القرارات، لكنهم ينظرون إلى الأمور من زاوية تختلف عن زاويتنا تماماً، وموقفنا من (الحشد الشعبي) معروف وواضح. إننا نكن احتراماً للجماعات المنضوية تحت مظلة الحشد كافة، ونثمن تضحياتها الكبيرة»، في إشارة إلى مشاركتها في القتال ضد «داعش».
ومع ذلك، تولى قادة الميليشيات العراقية ممارسة الأنشطة غير المشروعة في المناطق التي هُزمت فيها قوات «داعش» بغية إثراء أنفسهم مع القليل للغاية مما فعلوه لأجل المجتمعات المحلية في تلك المناطق. وحاربت هذه الميليشيات، وأغلبها يتركز في شمال العراق، القوات الحكومية العام الماضي بهدف السيطرة على خطوط تهريب النفط. وخسرت القتال في نهاية المطاف لصالح الجيش، غير أنها لا تزال تحتفظ ببعض القواعد بالقرب من بعض الآبار النفطية غير المستغلة حالياً.
إحدى هذه الجماعات تسمى «عصائب أهل الحق» التي تتهمها جماعات حقوقية بارتكاب جرائم القتل ضد السنة خارج نطاق القانون أثناء القتال ضد «داعش». وفي الشهور الماضية، وجّهت الانتقادات أيضاً لـ«العصائب» لمطالبتها أصحاب الأعمال في شمال العراق بسداد «إتاوة» عن أي أعمال تجارية يشاركون فيها. ونفت الحركة الاتهامات.
أما بالنسبة إلى الساسة العراقيين من الذين يريدون بناء بلادهم وتحسين مستويات معيشة المواطنين، فإن الضغوط التي تمارسها إيران على العراق تشكل أكبر وأقسى التحديات أمامهم. ويجري توجيه بعض من هذه الضغوط عبر قنوات «الحشد الشعبي»، كما يقول حيدر العبادي، الذي أضاف: «إنه مزيج مفعم بالخطورة الشديدة من الميليشيات والمافيا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.