تباين فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن «تفسير» المبادرة المصرية

حماس تقول إنها أسقطت مناقشة سلاح المقاومة.. وإسرائيل تؤكد أن الميناء لن يقام

تباين فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن «تفسير» المبادرة المصرية
TT

تباين فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن «تفسير» المبادرة المصرية

تباين فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن «تفسير» المبادرة المصرية

تظهر تصريحات مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين فهما متباينا للمبادرة المصرية التي نجحت في وقف إطلاق النار بعد 50 يوما من الحرب على غزة، إذ يعدها كل طرف نصرا له وهزيمة للآخر.
وفيما أعلن مسؤولون من حركة حماس أنهم أسقطوا بند مناقشة سلاح المقاومة من المفاوضات، وأنهم سيرجعون بميناء ومطار إلى غزة بعد الجولة الثانية من المفاوضات المرتقبة في القاهرة - قال مسؤولون إسرائيليون إن «الحركة الإسلامية» تنازلت عن شروطها وإنهم لن يقبلوا بوجود ميناء وما زالوا متمسكين بنزع سلاح غزة. وتشي التصريحات المتباينة بمفاوضات صعبة ومعقدة منتظرة في القاهرة من أجل إكمال الاتفاق، إذا حصل.
وكان الطرفان اتفقا الثلاثاء الماضي على وقف إطلاق نار يضمن وقف الهجمات المتبادلة وإعادة فتح المعابر وتوسيع منطقة الصيد البحري وإدخال أموال ومواد بناء إلى غزة، على أن يناقشا في مرحلة لاحقة النقاط الخلافية، التي تتعلق بإقامة ميناء ومطار وتسليم جثث جنود إسرائيليين وإطلاق أسرى فلسطينيين اعتقلوا لاحقا بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومفاوضات السلام وسلاح غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعالون، إن حماس تخلت عن جميع مطالبها بعدما «تلقت الضربة الأشد في تاريخها» وأن لا ميناء سيقام بالقطاع. وقال نتنياهو، في مقابلة مع القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي: «إن حماس تخلت عن جميع مطالبها وإنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المعركة ضدها ستتجدد أم لا». وأشار إلى أن إسرائيل «قد تضطر إلى العمل مستقبلا في قطاع غزة بطرق أخرى»، مستبعدا أن يكون احتلالها واحدة من هذه الطرق. وأوضح: «إمكانية الدخول إلى قطاع غزة، نوقشت من قبل، ولكن لو كنا دخلنا إلى غزة لبقينا 500 يوم وليس 50. من دون أن يتضح ما إذا كنا سنخرج منها أو لا».
وفي مقابلة ثانية مع القناة العاشرة، خير نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بين السلام مع إسرائيل وحماس، ودعاه إلى «التخلي عن الشراكة مع حماس ونبذها لكي يتسنى عمليا البدء بعملية سياسية تفضي إلى اتفاق سلام». وقال نتنياهو: «على أبو مازن الاختيار ما بين السلام مع إسرائيل أو حماس. عليه أن يختار، وأنا أعتقد أنه من الصواب له أن يختار ترك حماس، التي لا تدعو فقط لتدميرنا، بل تدعو لإسقاطه وقامت فعليا بالسعي لإسقاطه لولا كشف مخطط من قبلنا»، في إشارة إلى ما أعلنته السلطات الإسرائيلية أخيرا عن إحباط مخطط تديره حماس للانقلاب على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
من جانبه، أكد وزير الدفاع موشيه يعالون أن حماس اضطرت إلى قبول وقف إطلاق النار دون تحقيق أي من الشروط التي كانت حددتها لذلك. وقال في مقابلة تلفزيونية: «لا توجد أي شروط، حماس رضخت ولم تحقق أي إنجاز سياسي أو عسكري، وهي تعرف أن أي تجدد لإطلاق النار سوف يعني أنها ستدفع ثمنا كبيرة وسنكسر ذراعها».
وأردف: «حماس وافقت على وقف إطلاق النار دون قيد أو شرط عبر القبول بالمبادرة المصرية».
وتابع: «طالبوا بالميناء والمطار وتحرير السجناء كأساس لوقف إطلاق النار، ولكن كما كنا نرغب حصل وقف إطلاق النار دون أي شرط ودون تحقيق أي إنجاز لهم، ولن تكون هناك فرصة أمام حماس مستقبلا في بناء ميناء بحري، لأن ذلك ليس في مصلحة إسرائيل ولا مصر ولا السلطة الفلسطينية». وشدد على تمسك إسرائيل بالمبادرة المصرية وقال إنهم «نجحوا في صد المبادرة القطرية». وفيما حسم يعالون موضوع الميناء سلفا، أصر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان كذلك على نزع سلاح حماس وقال إن ذلك هو «الحل الوحيد نحو السلام». لكن الحركة أعلنت موقفا يحمل فهما متناقضا تماما للفهم الإسرائيلي، وقال القيادي في حماس أسامة حمدان، إنه من المفترض أن يبرم الاتفاق مع إسرائيل بكل تفاصيله خلال الشهر المقبل، بما في ذلك قضيتا الميناء والمطار. وأضاف: «الاتفاق يضم نصوصا واضحة تقضي بفتح المعابر وإنهاء الحصار بما في ذلك بناء الميناء والمطار». وأشار حمدان، في تصريح لموقع «الرسالة» التابع لحماس، إلى أن اتفاق التهدئة الموقع بين الفصائل وإسرائيل بوساطة مصرية «انطوى على استعداد الاحتلال للتعامل بشكل إيجابي مع هذين المطلبين».
وفي وقت سابق، رفضت حماس كذلك أي حديث عن سحب سلاحها، وقال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، إن «سلاح المقاومة خط أحمر ومقدس ولا نقبل أن يكون على جدول الأعمال». وحدد مشعل الخطوط الحمراء التي لا يمكن تخطيها، وقال إن سلاح حماس «لن يكون مجالا للمساومة أو التفاوض ولا يستطيع العالم كله أن ينزع سلاح حماس والمقاومة». ورد وزير الخارجية الإسرائيلي، بالقول إنه «أصبح من الواضح جدا أن الإسرائيليين والفلسطينيين لن يعرفوا السلام والأمن طالما لم ينزع سلاح حماس». ويدرك الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء أن أمامهم مفاوضات صعبة في القاهرة. وتوقع عضو وفد التفاوض إلى القاهرة، النائب بسام الصالحي، أن تكون المفاوضات غير المباشرة، والمتعلقة بقضية المطار والميناء وبقية المطالب الفلسطينية، صعبة، في ظل نتائج التفاوض السابقة. ودعا الصالحي، خلال ندوة سياسية، أقيمت بساحة المجلس التشريعي الفلسطيني، إلى «ضرورة تقييم أداء الوفد التفاوضي في الاتفاق الأخير، من أجل الوصول إلى استراتيجية وطنية موحدة في إدارة التفاوض المقبل». وأشار إلى أن «إسرائيل ستحاول كسب الوقت في إضاعة كل القضايا، وألا تلتزم في المفاوضات، وقد لا تلتزم بهذا الاتفاق». لكنه قلل من إمكانية أن تتجدد الحرب في حال التعثر في التوصل إلى حل في قضايا الميناء والمطار. وقال: «ربما قد تكون مناوشات وخروقات من قبل الاحتلال في هذه الحالة».
ومن غير المعروف متى تنطلق مفاوضات الجولة الثانية، وقال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أمس، إنه حتى الآن لا توجد اتصالات لاستئناف التفاوض في القضايا العالقة لتثبيت وقف إطلاق النار، بانتظار بيان من الجانب المصري يدعو لاستئناف المفاوضات.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في مجمع الشفاء الطبي، أمس: «التهدئة ووقف إطلاق النار لا علاقة لهما باستكمال بعض القضايا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.