تشكيلة «فندي» لصيف 2019... {بروليتارية} في المظهر راقية في العمق

تشكيلة «فندي» لصيف 2019... {بروليتارية} في المظهر راقية في العمق
TT

تشكيلة «فندي» لصيف 2019... {بروليتارية} في المظهر راقية في العمق

تشكيلة «فندي» لصيف 2019... {بروليتارية} في المظهر راقية في العمق

ما حققه الراحل كارل لاغرفيلد في كل من «شانيل» و«فندي» لم ينجح أي مصمم آخر في تحقيقه. فحتى الآن باءت كل المحاولات التي يقوم بها البعض لضخ بيوت قديمة بدماء جديدة على أمل أن تعيد لها الشباب، بالفشل. كان فلتة بكل المقاييس رغم أنه فشل في تأسيس دار أزياء ناجحة تحمل اسمه أسوة بغيره. في المقابل حقق المستحيل وترك إرثا لا ينضب. فأسلوبه يُلخص معنى السهل الممتنع، كما يُلخص ذلك المزيج اللذيذ بين الماضي والمستقبل وبين الفن والعلم لا سيما في دار «فندي». الفن يتجلى في تصاميم راقية، والعلم في التقنيات المعقدة التي يستعملها في خط الـ«هوت كوتير» تحديدا. فهو نفسه اعترف في إحدى المناسبات بأنه يستعمل في عروض فندي «تقنيات معقدة، لكني لا أرغب أن أسهب في الكلام فيها لأني أفضل أن يكون الناظر إليها رأيه الخاص من النظرة الأولى، إما أن يحبها أو لا يحبها».
تشكيلته لربيع وصيف 2019 كانت آخر ما أشرف عليه قبل أن يُغيبه الموت، الأمر الذي يزيد من أهميتها وقيمتها على حد سواء. بيد أن هذه النقطة لا تُلغي ما ضخه فيها من جماليات تتجلى في التفاصيل الغنية، وتراعي خطوط الموضة الحالية. ورغم قول الدار بأنها استوحيت من أسلوب الطبقات «البروليتارية»، فلا شيء فيها يشي بأنها كذلك سوى أنها مناسبة لكل زمان ومكان. فهذه الإيحاءات مجرد صور كانت تتراءى للمصمم ويترجمها بطريقة لا تراها العين أو تخطر على البال، حسب تصريحه: «مثال على ذلك أني استلهمت من قطعة سجاد سابقا، وعملت على صياغتها بطريقتي الخاصة، لأني لا آخذ أي شيء بشكل حرفي. هناك أيضا معطف ظهر في تشكيلتي لخريف وشتاء 2019 استلهمته من طبق مصنوع من السيراميك، لكن لا يمكن لأي أحد أن يرى ذلك أو يخطر بباله».
من هذا المنظور فإن البروليتارية التي تمت الإشارة إليها تتجلى فقط في العملية التي تميزت بها القطع، إضافة إلى الجيوب الكبيرة التي نافست حقائب اليد. كانت من الجلد الطبيعي، بأحجام مبالغ فيها وبألوان مختلفة. لكن المهم فيها أنها لا تُخلف أي انطباع بأنها في غير مكانها حتى عندما جاءت من الجلد لتزين معطفا مصنوعا من الفينيل، افتتحت به العارضة أدوا أبوا العرض. ورغم هذه الجيوب التي يمكن أن تُغني عن استعمال حقيبة اليد، إلا أن سيلفيا فندي، المسؤولة على هذا الجانب كان لها رأي آخر. قدمت مجموعة من الحقائب، لم تكن لافتة أو مثيرة لعددها فحسب بل لجمالها، إذ كان من الممكن أن تمر مرور الكرام إلا أن الرسالة التي أرادت المصممة سيلفيا فندي أن تُوضحها وهي أن الإكسسوارات بأهمية الأزياء.
تجدر الإشارة إلى أن الدار أعلنت مؤخرا أنها ستقدم عرضها من خط الـ«هوت كوتير» في روما هذا العام من باب التحية لمصممها الراحل كارل لاغرفيلد.
ورغم أن الوقت مبكر على العرض، وجاء في وقت كانت فيه أوساط الموضة وعشاقها يتابعون عروض «الكروز» لعام 2020. فإن الخبر حظي باهتمام كبير. السبب يرجع إلى أن الكل يترقب ما ستقدمه الدار بعده. هل ستحمل الأزياء والإكسسوارات بصماته وجيناته، أم ستكون ولادة جديدة للدار؟ هذه وأسئلة أخرى كثيرة تدور في الأذهان وتنتظر جوابا في شهر يوليو (تموز) المقبل. فعلاقة المصمم الراحل بـ«فندي» من أطول علاقات العمل في تاريخ الموضة على الإطلاق رغم ارتباط اسمه بدار «شانيل» أكثر. فبينما ظل في هذه الأخيرة لـ30 عاماً، تمتد علاقته بالدار الإيطالية التي تملكها حالياً مجموعة «إل في إم آش» إلى 54 عاما.
اللافت في الخبر أيضاً أن الدار لم تُعلن عمن سيخلفه لحد الآن، وإن كانت الدلائل تشير إلى أن سيلفيا فندي، سليلة العائلة المؤسسة، ستتعاون مع فريق كامل لتصميم التشكيلة القادمة. فسيلفيا أكثر من تفهمه وتعرفه، حيث عملت معه منذ عقود في جانب الإكسسوارات، كما تربطها به علاقة شخصية وطيدة. تقول بأنها تعرفت عليه لأول مرة وعمرها 5 سنوات، وهذا بحد ذاته يجعلها تنظر إليه كفرد من أفراد عائلتها عدا عن تأثيره عليها كمصممة. أما عن اختيار روما لهذه الاحتفالية فتعود، حسب شرح الدار، إلى عشق المصمم الراحل للفن الذي تحتضنه، ويستنشقه الزائر إليها في كل حواريها وبناياتها وليس فقط في متاحفها. قد يكون السبب أيضاً أن الدار تريد إعادة الحلم الذي قدمه في عام 2016 حين قدم عرضه على خلفية نافورة «تريفي» احتفالاً بمرور 90 عاماً على تأسيس دار «فندي». كان العرض خيالياً حظي بتغطيات كبيرة لا تمانع الدار في الحصول عليها مرة أخرى.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.