المحافظون الإيرانيون يضغطون للهيمنة على فريق التفاوض النووي

جاك سترو: لمسنا في طهران مناخا سياسيا أفضل حتى من وقت خاتمي

صورة أرشيفية لإيراني على دراجة أمام مفاعل بوشهر النووي (أ.ب)
صورة أرشيفية لإيراني على دراجة أمام مفاعل بوشهر النووي (أ.ب)
TT

المحافظون الإيرانيون يضغطون للهيمنة على فريق التفاوض النووي

صورة أرشيفية لإيراني على دراجة أمام مفاعل بوشهر النووي (أ.ب)
صورة أرشيفية لإيراني على دراجة أمام مفاعل بوشهر النووي (أ.ب)

فيما أعرب مسؤولون حكوميون ووزارة الخارجية في إيران عن عدم علمهم بوجود لجنة تتولى الإشراف على فريق المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، قال عضو لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني محمد إسماعيل كوثري «تضم اللجنة التي تقوم برسم السياسات والإشراف على الفريق النووي الإيراني رؤساء السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف».
وتناقلت وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأسبوعين الماضيين أخبارا متناقضة عن تشكيل أو عدم تشكيل لجنة مشرفة على فريق المفاوضين النوويين. وتكشف هذه الأنباء عن محاولات يقوم بها التيار المحافظ لأعمال نفوذه على مسار المفاوضات النووية بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران والقوى الست العالمية بشأن الملف النووي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.
وأعرب عدد من النواب المعارضين لاتفاق جنيف النووي والمحسوبين على التيار المتشدد في البرلمان الإيراني عن استيائهم للفريق الإيراني في المفاوضات النووية، إذ هناك انسجام فكري بين أعضاء الفريق والرئيس روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. ويطالب النواب المتشددون بانضمام نواب من البرلمان إلى فريق المفاوضين النوويين، الأمر الذي واجه معارضة حسن روحاني.
وتمكن التيار المحافظ من كسب تأييد مرشد الجمهورية الإسلامية في ضم رؤساء السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية إلى اللجنة التي تقدم التوجيهات الأساسية في الملف النووي الإيراني. وسبق للمرشد الأعلى لآية الله خامنئي أن أيد مسار المفاوضات النووية.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عن كوثري تأييده لوجود لجنة تقوم بالإشراف على أداء وسياسات المفاوضين النوويين في إيران، وقال «يقوم أعضاء اللجنة برسم السياسات والإشراف على الفريق النووي، إذ انضم اثنان آخران إليه»، دون أن يذكر أسماءهما.
وأضاف البرلماني الإيراني «لا يخدم الاتفاق النووي في جنيف مصلحة نظام الجمهورية الإسلامية». ويعتقد كوثري أن هذا الأمر أدى إلى إنشاء هذا الفريق. وأكد كوثري أنه «لن تحدث أي تعديلات في فريق المفاوضين الإيرانيين».
وقد وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف دعوة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى زيارة إيران.
وقال نائب وزير الخارجية في الشؤون الدولية عباس عراقجي أمس «لقد وجه ظريف دعوة إلى كاثرين آشتون لزيارة طهران».
وليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها مسؤول إيراني دعوة إلى آشتون لزيارة البلاد، بل تم توجيه الدعوة إليها لزيارة إيران خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى نيويورك للمشاركة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2013. وقال عراقجی إن آشتون لديها «دعوة عامة» لزيارة طهران، غير أن موعد الزيارة لم يتحدد بعد».
وفي تطور جديد قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية على أكبر صالحي أمس إن «إيران لن يكون أمامها خيار سوى رفع درجة تخصيب اليورانيوم إذا وافق البرلمان على مشروع قانون يناقشه الآن رغم أنها لا تحتاج حاليا إلى مثل هذا النوع من اليورانيوم العالي التخصيب».
وأبدى 218 على الأقل من إجمالي أعضاء البرلمان وعددهم 290 نائبا تأييدهم لمشروع القرار وفي حالة إقراره فإنه قد يهدد التقدم الذي أحرز نحو حل لنزاع طويل الأمد بين إيران مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وتوصل الجانبان إلى اتفاق مؤقت في نوفمبر الماضي.
ويتبنى البرلمان موقفا أكثر تشددا من موقف الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني فيما يتعلق بالقضية النووية رغم أن البعض يرى أن مشروع القرار الذي طرح الشهر الماضي جاء ردا على مشروع طرحه محافظون في مجلس الشيوخ الأميركي لفرض عقوبات جديدة على إيران.
وتخزن إيران كميات من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء خمسة في المائة وهي درجة كافية للاستخدام في محطات الطاقة النووية إضافة إلى كميات بدرجة نقاء 20 في المائة وهو ما يثير قلقا شديدا لدى القوى الكبرى لأنه يضع طهران على بعد خطوة فنية قصيرة من درجة النقاء اللازمة لصنع أسلحة نووية.
وسيطلب مشروع القانون تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المائة وهو ما يكفي للاستخدام في تشغيل الغواصات النووية. وتقول إيران إنها «تعتزم بناء غواصة من هذا النوع»، لكن موقع «جلوبال سكيورتي» وهو مركز أبحاث على الإنترنت قال، إن «هذا الأمر سيتطلب قفزة هائلة في قدرات التصنيع الإيرانية».
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن «صالحي أبلغ شبكة (جام جم) الإعلامية الإيرانية في مقابلة، إن إيران ليست في حاجة الآن إلى مثل هذا النوع من اليورانيوم العالي التخصيب».
لكنه أضاف «إذا رأى أعضاء البرلمان أن ذلك في مصلحة البلاد، وأن التخصيب إلى 60 في المائة يمكن أن يكون مفيدا وحولوا هذه الرغبة إلى قانون فعندئذ لن يكون أمامنا من خيار سوى أن نطيع.
وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية، إن «من المقرر أن يبحث أعضاء البرلمان مشروع القرار خلال أيام». وبموجب بنود الاتفاق المؤقت الموقع مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا يتعين على إيران أن تقيد التخصيب إلى درجة نقاء عالية لمدة ستة أشهر مقابل تخفيف بعض العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وقال صالحي، «عموما لا خيار سوى التوصل إلى اتفاق. الخيار الآخر سيكون عدم الاتفاق وهو ما لا يفيدنا ولا يفيدهم ولا يفيد المنطقة أو أي أحد آخر».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».