تحدث المدافع البرازيلي غابرييل باوليستا عن عودته إلى ملعب الإمارات، ومواجهة فريقه السابق آرسنال في الدوري الأوروبي، وآرسنال وفالنسيا وفياريـال، والفترة التي قضاها في العاصمة البريطانية لندن، وعن حاجز اللغة والثقافات المختلفة في عالم كرة القدم، والحكام، وعن الوشم الذي يغطي قدمه اليمنى.
يقول باوليستا: «لقد كانت رحلة صعبة. فقد نشأت في مدينة ساو باولو البرازيلية، وواجهت أسرتي كثيراً من المشكلات، ومررت بتجارب سيئة، وبالتالي هناك كثير من الانتصارات على طول الطريق. لقد رأيت صورة وأردت أن أرسمها على جسدي كوشم، كما أردت أن أضع صورة ابني على الوشم، بالإضافة إلى رسم للكرة بالطبع».
وكثيراً ما يُحدث مدافع فالنسيا نجله ميغيل البالغ من العمر خمس سنوات، عن كيف كانت الأمور في السابق؛ حيث كان يعيش في منزل خشبي في أحد الأحياء الفقيرة التي غمرتها مياه الأمطار، وكانت أسرته تعاني من أجل الحصول على الغذاء. وقد لعب شقيقه الأكبر كرة القدم؛ لكنه لم يحصل على فرصة اللعب على المستوى الاحترافي، وسار في طريق سيئ، وواجه كثيراً من المتاعب، وقُتل على يد الشرطة وهو في الحادية والعشرين من عمره.
يقول غابرييل: «إنه درس وحافز كبير بالنسبة لي. إنني أقاتل داخل الملعب من أجل عائلتي، وأحاول أن أكون مثالاً لعائلتي الآن». ويقول غابرييل إن والدته أنفقت الأموال اللازمة للطعام على مساعدته لممارسة كرة القدم؛ لكنها أخبرته ذات مرة بأنه يتعين عليه أن يحصل على وظيفة حتى يتمكن من مساعدة الأسرة، بدلاً من التركيز على كرة القدم. وكان غابرييل قد فشل في تجارب سابقة للانضمام لناديي غريميو وسانتوس، كما فشل أشقاؤه في الأمر نفسه. يقول غابرييل: «أشقائي الأكبر سناً كانوا يريدون أن يصبحوا لاعبي كرة قدم أيضاً. لقد رأيتهم يبكون لأنهم لم يحصلوا على الفرصة؛ لكنني مؤمن بالله، وأراد اللعب أن يساعدني وأنا في السابعة عشرة من عمري».
وقد اشترى صديق لأخيه الراحل فريقاً محلياً صغيراً ينافس في إحدى أهم بطولات الشباب في ساو باولو، واتصل بوالدة غابرييل وأخبرها بأنه سيعطي غابرييل الفرصة التي لم يحصل عليها أبناؤها الآخرون. يقول غابرييل: «إنني أتميز بالقوة والصرامة، وبالتالي لم يكن من الصعب عليَّ أن أتكيف مع اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، على الرغم من أن آرسنال يلعب بطريقة مختلفة بعض الشيء؛ حيث يعتمد الفريق بصورة أكبر على جماليات كرة القدم نفسها. وما زلت أتذكر أول مباراة لي؛ حيث كانت أمام المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، وتدخلت عليه بقوة وأسقطته أرضاً وحصلت على الكرة، وهنا ارتفعت أصوات الجمهور في ملعب الإمارات».
ويضيف وهو يبتسم ابتسامة عريضة: «لقد تفاعل الجمهور مع الأمر وكأنني أحرزت هدفاً، وكان الأمر مفاجئاً بالنسبة لي، وأدركت حينئذ ما يتعين عليَّ القيام به، وعرفت أن الجمهور الإنجليزي يحب ذلك. لقد بذلت قصارى جهدي من أجلهم، وأعتقد أنني لعبت بشكل جيد في معظم المباريات. كنت أرغب في الحصول على مزيد من الفرص، وكنت أستحق المزيد بالفعل؛ لكن هذه هي كرة القدم وأنا هنا الآن».
ولم يندم باوليستا على أي شيء، ربما باستثناء شيء واحد يقول عنه: «الشيء الذي أندم عليه، هو أنني عندما كنت ألعب في إنجلترا لم أستغل الفرصة لاستكشاف مدينة لندن بالكامل. فقد كنت أمكث وقتاً طويلاً في المنزل. كنا نعيش في حي هامبستيد، ولم أكن أحب الخروج كثيراً بسبب برودة الطقس. وكنا نذهب للمشي في حديقة قريبة يوجد بها بعض الحيوانات؛ لكننا حتى لم نكن نذهب إلى تلك الحديقة كثيراً. وعندما عدت إلى إسبانيا، ندمت على عدم الخروج كثيراً في لندن، فهي مدينة كبيرة ولم أر كثيراً منها».
كما لم يتعلم باوليستا اللغة الإنجليزية جيداً. وعندما سألته عن اللغة التي يتحدث بها داخل الملعب، قال ضاحكاً: «كنت أتحدث كل اللغات! فقد بدأت اللعب إلى جانب الفرنسي لوران كوسيلني أو الألماني بير ميرتساكر، وكلاهما لا يتحدث الإسبانية أو البرتغالية؛ لكنهما كانا يحاولان. لقد كان ميرتساكر شخصاً رائعاً، أما كوسيلني فكان أكثر تحفظاً. كان ميرتساكر يصرخ ويقول لي باللغة الإسبانية: (ديريتشا، ديريتشا)، أي: (يميناً، يميناً)، كما كان ميرتساكر يبحث عن كلمات باللغة الإسبانية لمساعدتي. وحتى المدير الفني كان يتحدث الإسبانية قليلاً. وكان هناك لاعبون آخرون، مثل مونريـال، وهيكتور بيليرين، وسانتي كازورلا، وألكسيس سانشيز، وميكيل أرتيتا. كما كان مسعود أوزيل يتحدث الإسبانية قليلاً».
ويضيف: «وعندما كانت تحدث مشكلة مع حكم اللقاء، كان قائد الفريق هو الذي يتحدث بالنيابة عني. وكان كازورلا يترجم ما يقال. ونظراً لأنني ألعب بقوة فإنني أحب الحكام الإنجليز، الذين لا يشهرون البطاقات الصفراء مع أي تدخل قوي؛ بل يأتون إليك ويحذرونك أولاً؛ لكن الأمر مختلف في إسبانيا؛ حيث يحصل اللاعب على بطاقة صفراء مع أول تدخل قوي».
ويتابع: «في بعض الأحيان كنت أواجه مشكلة؛ لأنني لم أكن قادراً على الحديث بنفسي بسبب حاجز اللغة، تماماً كما حدث عندما حصلت على بطاقة حمراء أمام تشيلسي في سبتمبر (أيلول) 2015، بسبب ما حدث مع دييغو كوستا. لقد تحدث الحكم معي ومع كوستا؛ لكنني لم أفهم أي شيء».
ويقول باوليستا: «دييغو كوستا خارج الملعب شخص رائع وطيب للغاية. ولو لم أكن أعرفه خارج الملعب لقلت إنه لاعب مجنون وشخصية سيئة؛ لكنه في الحقيقة شخص لا يصدق ولديه قلب كبير. لم أتحدث معه بعد المباراة، فقد كنت لا أزال أشعر بالغضب؛ لكنني رأيته في وقت لاحق من ذلك الموسم في ملعب الإمارات. كنت أتحدث مع ديفيد لويز، وجاء كوستا وبدأ يتحدث مع ابني ويلعب معه، ويتحدث مع زوجتي. هذه هي الأشياء التي تحدث في عالم كرة القدم، فهو ليس شخصاً سيئاً، وكثير من اللاعبين تتغير شخصيتهم تماماً بمجرد نزولهم إلى أرض الملعب. وأنا أيضاً تختلف شخصيتي كثيراً داخل الملعب عن خارجه».
ويقول باوليستا عن نادي آرسنال: «يمكنك أن ترى أن الفريق قد تحسن كثيراً الآن من حيث الاستحواذ على الكرة واللعب بكل قوة». وعندما سُئل عن أصعب المهاجمين الذين واجههم، رد قائلاً: «هذا سؤال صعب؛ لكن يمكنني أن أقول: دييغو كوستا، وسيرجيو أغويرو، بالإضافة إلى لويس سواريز، الذي يلعب بكل قوة وشراسة، ولا يتوقف عن الحركة، ويتحدث إلى المدافع الذي يراقبه باستمرار حتى يفقده تركيزه.
وفي نهاية المباراة، يأتي سواريز إليك ويحضنك، وأنا أتفهم ذلك الأمر تماماً؛ لأنني أفعل ذلك كثيراً. إنني أريد أن أستفز اللاعب المنافس؛ لكن بمجرد انتهاء المباراة نكون أصدقاء». وقد كانت المقومات التي جعلت نادي آرسنال يتعاقد مع باوليستا، هي نفسها تلك المقومات التي جعلت المدير الفني لنادي فالنسيا، مارسيلينو غارسيا، يعجب بقدرات باوليستا، ويعيده إلى الفريق ويعتمد عليه بصورة أساسية. يقول باوليستا عن ذلك: «عندما جئت إلى أوروبا لأول مرة، كانت الأمور صعبة، إذ إن كرة القدم في البرازيل ليست بالتنظيم نفسه الموجود في أوروبا، وبالتالي كان يتعين عليَّ أن أتعلم كثيراً من الأشياء، مثل متى أتقدم للأمام، ومتى أقف في مكاني، ومتى أدافع من داخل منطقة الجزاء، وهكذا. لقد تعلمت كثيراً من مارسيلينو، وأصبحت لاعباً مختلفاً الآن بفضل توجيهاته، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة كل منا، فهو يعرف أنه يمكنه الاعتماد عليَّ، وأنا سعيد لأن ذلك يطور مستواي من مباراة لأخرى».
ويقول باوليستا عن عودته لملعب الإمارات في مباراة الدور نصف النهائي للدوري الأوروبي، والتي انتهت بفوز آرسنال على فالنسيا بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد: «لقد كانت مباراة استثنائية على ملعب استثنائي أمام فريق قوي للغاية».
البرازيلي باوليستا... من فقر مدقع إلى أحد أفضل المدافعين في العالم
لاعب فالنسيا وآرسنال السابق يؤكد أن نشأته الصعبة جعلت منه مقاتلاً داخل الملعب
البرازيلي باوليستا... من فقر مدقع إلى أحد أفضل المدافعين في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة