إدانات رسمية في مصر بعد اقتحام منتج لمقر قناة تلفزيونية

بسبب خلافات على حقوق عرض مسلسل رمضاني

مسلسل «سوبر ميرو» سبب الأزمة
مسلسل «سوبر ميرو» سبب الأزمة
TT

إدانات رسمية في مصر بعد اقتحام منتج لمقر قناة تلفزيونية

مسلسل «سوبر ميرو» سبب الأزمة
مسلسل «سوبر ميرو» سبب الأزمة

أثار اقتحام منتج فني مصري لمقر قناة فضائية تلفزيونية بمصر، مساء أول من أمس، انتقادات رسمية وإدانات متعددة، بعد وقوع اعتداءات من مجموعة من الأشخاص ضد صحافيين. وأدان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، الاعتداء الذي تعرض له مقر موقع «صدى البلد»، وقال في بيان صحافي: «لا يجوز الاعتداء على الصحافيين مهما كانت المبررات». كما أعلن مجلس نقابة الصحافيين أنه تابع بقلق بالغ وانزعاج شديد، وقائع الاعتداء على موقع «صدى البلد»، وإصابة 3 صحافيين، من قبل مجموعة من الأشخاص، مؤكداً تضامن المجلس الكامل مع الزملاء المعتدى عليهم، أثناء قيامهم بعملهم في مقر موقعهم الإخباري، ورفضه المطلق لهذا الاعتداء الذي لن يمر بسهولة.
وأكد نقيب الصحافيين ضياء رشوان، في بيان صحافي، أن «محامي النقابة حضر مع الزملاء في تحقيقات النيابة منذ بدايتها، وأنه سيقف مع الزملاء المعتدى عليهم بكل السبل والأدوات القانونية والنقابية، حتى ترد لهم حقوقهم واعتبارهم، وتوقيع الجزاء القانوني على من قاموا بهذا الاعتداء المدان بأشد عبارات الإدانة»، مشدداً على أن مقار الصحف والمؤسسات الإعلامية ينبغي أن تحظى بحماية وحصانة، تنأى بها عن تصفية الحسابات أو الخلافات أو الاعتداء عليها، وأن المجلس سيعلن عن الإجراءات والقرارات التي سيتخذها في مواجهة هذا الاعتداء المشين على الصحافيين، أثناء قيامهم بعملهم، في ضوء نتائج تحقيقات النيابة العامة.
وتصاعد الخلاف على عرض مسلسل «سوبر ميرو»، بين منتجه أحمد السبكي، وإدارة قناة وموقع «صدى البلد»، إلى تبادل الطرفين اتهامات بالاعتداء في بلاغات رسمية، خضعوا على إثرها للتحقيق أمام نيابة الدقي، مساء أول من أمس، قبل أن تخلي سبيل المنتج أحمد السبكي، بكفالة مالية قدرها ألف جنيه، لاتهامه بالاستعانة بـ11 حارساً، في اقتحام موقع «صدى البلد»، والتعدي على العاملين فيه، والذين تم إخلاء سبيلهم أيضاً بكفالة ألف جنيه. وفي المقابل، تم إخلاء سبيل أحمد صبري، رئيس تحرير موقع «صدى البلد» بضمان محل إقامته.
وبدأت الأزمة قبل يومين من انطلاق موسم دراما رمضان، بشكوى تقدمت بها إدارة قناة «صدى البلد» للمجلس الأعلى للإعلام في مصر، لتضررها مما وصفته بممارسات غير مشروعة تمارس ضدها من قنوات «النهار»، مؤكدة على أنها رغم تعاقدها مع «كيوبك نت» الشركة الموزعة المعتمدة لمسلسل «سوبر ميرو» بعقد رسمي، وسداد الدفعة الأولى من التعاقد، فإن شركة «السبكي» المنتجة للمسلسل رفضت تسليم الحلقات لها، بدعوى اعتراض قنوات «النهار» على منح «صدى البلد» هذه الحقوق، رغم إقراره بصحة العقد ونفاذه، وهو ما يعرض قنوات «صدى البلد» التي أعلنت مسبقاً عن عرض المسلسل إلى أضرار جسيمة من كل النواحي.
قنوات «النهار»، من جانبها نفت في بيان رسمي وجود أي أزمات مع قناة «صدى البلد» حول إذاعة مسلسل «سوبر ميرو»، مؤكدة على أنها تحترم تعاقداتها مع منتجي المسلسلات المذاعة عبر شاشتها خلال شهر رمضان، كما تحترم تعاقد القنوات الأخرى على إذاعة المسلسلات المختلفة عبر شاشتها. أما منتج المسلسل أحمد السبكي، فاعترف في تصريحات صحافية، بأنه بالفعل كان قد وقع عقداً مع موزع لبناني كان وسيطاً لقناة «صدى البلد»، ولكنه فسخ هذا التعاقد لاعتراضه على طريقة سداد الدفعات، ولم يتقاض منه أي دفعات، وبناء عليه لم يسلمه حلقات «سوبر ميرو».
ورغم أن لجنة الشكاوى التابعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة جمال شوقي، عقدت جلسة حضرها إلهام أبو الفتح، رئيس شبكة «صدى البلد»، مقدمة الشكوى، وعلاء الكحكي مالك قنوات «النهار»، وعمرو الليثي رئيس شبكة تلفزيون «النهار»، لحل النزاع الذي نشب بين قناتي «صدى البلد» و«النهار»، بسبب مسلسل «سوبر ميرو»، وجرى الاتفاق على تسوية الخلاف بينهما ودياً، وسحبت على إثره «صدى البلد» الشكوى المقدمة ضد «النهار»، فإن الموقف تصاعد مع عرض قناة «صدى البلد» للحلقة الأولى من المسلسل، باقتحام المنتج أحمد السبكي مقر الشركة.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».