واشنطن تكثف وجودها العسكري في المنطقة وتحمّل طهران مسؤولية أي هجوم

واشنطن تكثف وجودها العسكري في المنطقة وتحمّل طهران مسؤولية أي هجوم
TT

واشنطن تكثف وجودها العسكري في المنطقة وتحمّل طهران مسؤولية أي هجوم

واشنطن تكثف وجودها العسكري في المنطقة وتحمّل طهران مسؤولية أي هجوم

تزايدت المخاوف مع التحركات العسكرية الأميركية وتكثيف إرسال طائرات حربية وأربع قاذفات أخرى، بعد أوامر بإرسال حاملة الطائرات الهجومية «أبراهام لنكولن» من البحر المتوسط إلى منطقة الخليج العربي على أثر رصد تهديدات مؤكدة، بناءً على تقارير استخباراتية تحمل تفاصيل حول هجمات محددة على القوات الأميركية في العراق وسوريا واليمن وتنفيذ هجمات عبر وكلائها في مضيق باب المندب.
وأدت تلك التحركات إلى مخاوف من تصعيد من الجهتين، وتزايد الاستعداد الأميركي لمهاجمة إيران وإمكانية استفزازات تؤدي إلى اندلاع حرب.
ويشير خبراء إلى تصاعد مواقف المسؤولين، وتراكم الأدلة القانونية لدى واشنطن ضد إيران، وفرض قائمة من العقوبات الاقتصادية، فضلاً عن التحركات العسكرية المتزايدة، باعتبارها كلها مؤشرات على استعداد أميركي عسكري واسع ربما مقصود به إما توجيه ضربة وإما فرض ضغط واسع النطاق على إيران.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في حديث صحافي في فنلندا أول من أمس، إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية حماية الدبلوماسيين الأميركيين في جميع أنحاء العالم، مشيراً إلى مؤشرات على تهديدات إيرانية في كل من أربيل وبغداد في العراق وعمان في الأردن.
وشدد بومبيو على أن بلاده ستقوم «بكل ما في وسعها في أي وقت نتلقى فيه تقارير عن التهديدات»، للتأكد من أن تلك الهجمات وما يخطط لها «لا تحدث»، وقال: «قمنا باتخاذ الموقف الأمني الصحيح».
وألغى بومبيو رحلته المقررة إلى ألمانيا واجتماعه المفترض في برلين بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وعزا مسؤولون في الخارجية الأميركية أسباب إلغاء اللقاء إلى «قضايا أمنية دولية» دون إعطاء أي تفاصيل.
ويأتي هذا الإلغاء في اللحظات الأخيرة في أعقاب محادثات قصيرة بين بومبيو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هامش اجتماعات قمة المنطقة القطبية الشمالية.
من جانبه، أشار وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، إلى أن قرار إرسال حاملة الطائرات القتالية «أبراهام لنكولن» من البحر المتوسط عبر قناة السويس والبحر الأحمر إلى منطقة الخليج أسرع مما كان مخططاً له هو إعادة ترتيب حكيمة للأصول العسكرية الأميركية للرد على مؤشرات على وجود تهديد حقيقي من قبل قوات النظام الإيراني.
وأضاف شاناهان: «إننا ندعو النظام الإيراني إلى وقف أي استفزاز، وسنحمّل النظام الإيراني مسؤولية القيام بأي هجوم على القوات الأميركية أو المصالح الأميركية».
من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون تشارلز آي. سامرز، مساء الاثنين، إن «خطوة إرسال حاملة الطائرات (أبراهام لنكولن) إلى المنطقة تضمن أن لدينا القوة التي نحتاج إليها في المنطقة للرد على أي حالة طائرة والدفاع عن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة»، وأضاف: «نحن لا نسعى إلى الحرب مع النظام الإيراني لكننا سندافع عن أفراد القوات الأميركية وعن حلفائنا ومصالحنا في المنطقة».
ونقلت تقارير صحافية أن الجنرال كينيث ماكنزي الرئيس الجديد للقيادة المركزية الأميركية، طلب نقل معدات عسكرية أميركية إضافية إلى المنطقة، وهو الطلب الذي وافق عليه وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان.
وأوضحت التقارير نقلاً عن ثلاثة مسؤولين، أن المعلومات الاستخباراتية أفادت بأن إيران أو وكلاءها كانوا يستعدون لمهاجمة القوات الأميركية في العراق أو سوريا ومهاجمة القوات البحرية الأميركية.
ويقول مسؤولون بالبنتاغون إن حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» هي نفسها التي أرسلتها الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) 2010 في مهمة روتينية لمواجهة التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، وتحتوي حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» على أنظمة صواريخ وعدة مدمرات وجناح جوي يحتوي على طائرات هليكوبتر وطائرات دوارة وثابتة الجناح وطائرات مقاتلة من طراز F-A18 وأنظمة حرب إلكترونية وتكتيكية وطائرات إنذار مبكر ومقاتلات بحرية. وأوضح المسؤولون العسكريون أن حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» تمر حالياً عبر قناة السويس ويستغرق الوصول إلى مضيق هرمز نحو يوم ونصف اليوم. وقال مسؤولون أميركيون لـ«رويترز» أمس، إن قوة القاذفات التي قالت الولايات المتحدة إنها سترسلها إلى الشرق الأوسط ستضم على الأرجح أربع طائرات قاذفة مع أفراد لقيادة وصيانة الطائرات. وأضاف المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم نشر أسمائهم، أنه من المرجح أن تكون هذه القاذفات من طراز «بي – 52»، وذكروا أن هذه الطائرات لم ترسَل بعد إلى الشرق الأوسط.
وأشارت مصادر عسكرية إلى أن احتمالات التهديدات الإيرانية وضعت القوات الأميركية في المنطقة على أهبة الاستعداد خصوصاً في العراق. وقال مسؤول أميركي للصحافيين مساء الاثنين، إن التقارير الاستخباراتية تشير إلى احتمالات انتقام إيراني في منطقتين هما اليمن والعراق.
ورأى البعض أن تصاعد التوترات والتهديدات يمثل انجرافاً نحو دق طبول الحرب، بينما أشار البعض الآخر إلى أن التحركات العسكرية الأميركية قد تزيد من احتمالات تحركات دبلوماسية حقيقية كأفضل مسار لتفادي صراع تقع فيه الدولتان وتكون له تداعيات وخيمة على دول المنطقة كافة. ويقول الباحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية بهنام بن طالب لو: «هناك أربعة أهداف تدعم الموقف العسكري الأميركي في منطقة الخليج: الأول أنه يوفر للولايات المتحدة قواعد عسكرية في مسرح الأحداث ويمكنها من القيام بعمليات إذا استدعى الأمر، والثاني أن هذا الوجود يضمن التدفق الحر لصادرات النقط وتأمين المعابر البحرية الحيوية للاقتصاد الدولي مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس، والهدف الثالث هو إرسال رسالة واضحة واستعراض قوة تمكّن من القيام بردع أي عدوان إيراني، والهدف الرابع هو طمأنة الحلفاء والشركاء الرئيسيين في المنطقة».
من جانبه قال الباحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية برادلي بومان، إن هذا الوجود العسكري الأميركي في المنطقة يدعم فرض مسار العمل الدبلوماسي، مستعيناً بعبارة السفير الأميركي لدى روسيا جون هنتسمان أن «حاملة الطائرات الأميركية تمثل 100 ألف طن من الدبلوماسية الدولية»، حول إمكانية انخراط إيران في مسار دبلوماسي مع الولايات المتحدة.
وأوضح بومان أن «إيران تتبيع سياسة الصبر الاستراتيجي على أمل أن تتمكن من تجاوز سياسات الضغط القصوى التي تتبعها إدارة ترمب ضدها، وقد اعتمدت إدارة ترمب على الأدوات الاقتصادية لإكراه طهران ومعاقبة النظام الإيراني، وواجهت إيران هذه السياسة الأميركية بالتهديدات والتصعيد في استخدام تكتيكات المنطقة الرمادية، ما دامت طهران تعتقد أن بإمكانها الإفلات من العقاب، وغالباً ما تتراجع إيران حينما تواجه القوة، وفي ظل إدارة ترمب تقلصت المضايقات البحرية للسفن الأميركية من قِبل الحرس الثوري الإيراني واعتمد النظام على التهديدات اللفظية والبلاغية».
ويضيف بومان أن هذا النشر للمعدات العسكرية الأميركية يشير إلى بداية التغيير في هذا التوجه، لأن البصمة العسكرية الأميركية المتزايدة في المنطقة ستقدم للنظام الإيراني حقائق جديدة مما يجعل طهران تفكر مرتين قبل القيام بأي تحركات تصعيدية، لافتاً إلى التحركات العسكرية الأميركية حيوية ومهمة لأنها فرصة لتعزيز السياسة الأميركية تجاه إيران ومواجهة منافسة القوى العظمى، إضافةً إلى التأكيد أن منطقة الخليج تظل مصلحة أمنية قومية قصوى للولايات المتحدة.
ويقول ألكس فاتانكا، الباحث بمعهد الشرق الأوسط: «لا أعتقد أن أياً من واشنطن أو طهران تريد خوض غمار الحرب، لكنّ هذا النوع من التصعيد يمكن أن يدفع إلى حافة الهاوية ويخرج عن السيطرة». وأشار إلى أن كبار المسؤولين بالبنتاغون حذّروا من إقدام واشنطن على تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، مشيرين إلى أن الخطوة ستؤدي إلى انتقام إيران وتهديد مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها. بينما تتخوف سوزان مالوني الباحثة في الشأن الإيراني بمعهد «بروكنغز»، من توجهات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، وتشير إلى أن بولتون يتمتع بسجل حافل في الدعوة إلى الإطاحة بالنظام الإيراني. وتعتقد أن كلاً من بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو أكثر استعداداً للقيام بمعركة محدودة مع إيران خلال عهد ترمب.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.