«إف بي آي» يعتقل مترجمه الصومالي

يواجه عقوبة السجن لمدة 25 عاماً إذا أدين بالتواطؤ مع إرهابي ينتمي إلى «حركة الشباب»

عبد الرازق وهيلي (أ.ب)
عبد الرازق وهيلي (أ.ب)
TT

«إف بي آي» يعتقل مترجمه الصومالي

عبد الرازق وهيلي (أ.ب)
عبد الرازق وهيلي (أ.ب)

ألقت السلطات الأميركية القبض على أحد مترجمي مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) السابق، وذلك لوجود علاقة بينه وبين أحد المتهمين في الإرهاب ومشاركته مع حركة «الشباب» الصومالية المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، وكذلك تزييف المعلومات وتضليل الإدارة الأميركية وعدم نقل المعلومات الصحيحة. وعلى الرغم من التعاون المستمر بين المترجم المسلم ذي الأصول الصومالية والسلطات الأميركية في السابق في الفترة 2012 – 2015، فإن المترجم متّهم بالكذب وتزييف الحقائق خلال فترة عمله مع «آف بي آي»، والتي نشرت السلطات الأميركية وثيقة الادعاء العام التي تتهم المترجم بالعلاقة بالإرهاب، وسيتم عرضه على المحكمة الفيدرالية بمدينة الإسكندرية في ولاية فيرجينيا (جنوب العاصمة واشنطن) الأسبوع المقبل. وقالت المصادر الأميركية إن عبد الرزاق وهيلي (66 عاماً) مثل أمام محكمة فيدرالية في الإسكندرية (ولاية فرجينيا، ضواحي واشنطن العاصمة) أول من أمس (الاثنين)، وأنه كان يعمل «لغوياً» يترجم الرسائل التي تلتقطها الأجهزة الأمنية خلال المراقبة التي يوافق عليها قضاة فيدراليون.
واتهمت لائحة الادعاء الأميركية المترجم عبد الرزاق وهيلي الذي كان يعمل مترجماً متعاوناً مع مكتب التحقيقات الفيدرالية خلال فترة الرئيس الأميركي باراك أوباما السابق، وقد سبق له إقامة دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترمب العام الماضي مع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية والمعروف بـ«كير»، وذلك بسب مخالفة الإدارة للدستور الأميركي وإنشاء قائمة اعتقالات إرهابية غير صحيحة كما يدّعون.
ويواجه وهيلي سبع تهم تتعلق بالإدلاء بتصريحات كاذبة للمحققين، وواحدة لعرقلة التحقيق الفيدرالي، ويواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 25 عاماً، في الوقت الذي امتنع محاميه عن الإدلاء بأي تصريحات للإعلام.
وأفاد الادعاء العام في وثائق الاتهام، بأن المترجم تلقى مكالمة هاتفية من الشخص المشتبه في علاقته بحركة «الشباب» الصومالية الإرهابية، وأخفى معلوماته في التقرير الذي سلّمه لإدارته بحيث أشار إلى اسمه بـ«شخص مجهول»، ولم يفصح عن علاقته المتينة بهذا المتهم بالإرهاب، والذي حصل بينه وبين هذا الشخص 180 مكالمة هاتفية.
وتزعم الوثائق أن وهيلي، الذي قُبض عليه مطلع الأسبوع، قد تستر على حقيقة أن شخصاً يخضع للمراقبة من قِبل الحكومة الأميركية ترك له بريداً صوتياً على هاتفه، ومتهم بعدة تهم منها الإدلاء بتصريحات كاذبة وتهمة واحدة تتعلق بعرقلة التحقيق الفيدرالي، وكانت لديه علاقة طويلة الأمد مع الشخص الخاضع للمراقبة.
ولم يتم تحديد معلومات الشخص المتهم بالإرهاب في أوراق المحكمة، لكن يبدو أن التفاصيل تتطابق مع التحقيق الذي أجراه ليبان حاجي محمد، وهو سائق سيارة أجرة في شمال فرجينيا هرب إلى الصومال للانضمام إلى حركة «الشباب»، ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي فإنه يشتبه في أن هذا المتهم ليبان له علاقة مع وهيلي وساعده حسب لائحة الاتهام.
وفي مكالمة هاتفية تم اعتراضها من قبل الحكومة، اتصل الشخص «أ» (تتوقع تقارير إعلامية أنه ليبان حاجي) بالسيد وهيلي في عام 2012 وترك بريداً صوتياً، وتم اعتراض المكالمة من قبل الحكومة الأميركية، والتي تم تقديمها إلى السيد وهيلي للترجمة إلا أنه أخفى معلوماته، ووضع علامة على صوته الخاص في تحية البريد الصوتي باعتباره «صوتاً غير معروف» في أنظمة الكومبيوتر التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي مقابلة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2016 قال وهيلي للمكتب إنه لا يعرف الشخص جيداً وإنهم لم يتحدثا أبداً عبر الهاتف، ولكن حينما تم القبض عليه اعترف بأن هناك روابط صداقة وثيقة بين والد المشتبه به ووهيلي. وكانت السلطات الأميركية قد حكمت على نجل وهيلي، يوسف، بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم تتعلق بالأسلحة النارية، وقال لمكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يريد استخدام العديد من الأسلحة الآلية لإطلاق النار على مركز للتجنيد العسكري، وأعرب عن تعاطفه مع تنظيم «داعش» الإرهابي، وتم وضعه مع أخيه على قائمة حظر الطيران في عام 2016 وتقطعت بهم السبل في القاهرة، وعلى الرغم من أنه مواطن أميركي فإنه مًنع من دخول البلاد، وفي النهاية سُمح لهم بالعودة.
وفي أغسطس (آب) من عام 2018 الماضي، رفعت منظمة «كير» دعوى قضائية ضد إدارة ترمب نيابةً عن عائلة وهيلي، والتي قدمت أوراق المحكمة التي تم تحديدها على أنها ابنة وهيلي، وجادلت «كير» في قضيتها الإدارة الأميركية بأن تدابير مكافحة الإرهاب التي فرضتها الجمارك الأميركية وحماية الحدود كانت بمثابة تصنيف المسلمين كنوع من «جنسية الدرجة الثانية في المجتمع الأميركي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.