الاحتجاجات على الموازنة تتسع وشكوك حول استهداف الحريري

TT

الاحتجاجات على الموازنة تتسع وشكوك حول استهداف الحريري

توسعت الاعتراضات على مقترحات تخفيض مخصصات موظفي القطاع العام وبعض الرواتب المرتفعة، من موظفين من ذوي الدخل المحدود إلى العاملين في قطاعات منتجة لم يشاركوا في اعتصامات من قبل، وهو ما يزيد شكوك أوساط سياسية حول أن تكون «اعتراضات مبرمجة» في مسعى «لاستهداف رئيس الحكومة سعد الحريري، وتحميله وحده مسؤولية الوضعين المالي والسياسي».
ومنذ الأسبوع الماضي، دخلت قطاعات جديدة موجة الاعتراض والإضراب والتوقف عن العمل، وهي مؤسسات حيوية ومؤثرة في القطاع الاقتصادي والمالي، كانت بمنأى عن هذه التحركات بالنظر إلى أن الحكومة منحتها وضعاً خاصاً واستقلالية إدارية، تركت للمسؤولين فيها حرية تقدير الرواتب في هذه المؤسسات خارج سياق «سلسلة الرتب والرواتب» الحكومية، مثل «مصرف لبنان» ومؤسسات أخرى.
والمفارقة أن مؤسسات شبيهة، وأخرى رسمية، لجأت إلى الإضراب في واحدة من المرات النادرة. وبعد إضراب موظفي «مصرف لبنان» وتعليقه أمس، دعا الموظفون الفنيون في المديرية العامة للطيران المدني أمس المسؤولين المعنيين إلى الأخذ بمطالبهم بشكل جدي تلافياً لاتخاذ مواقف تؤدي إلى إرباك حركة المطار جراء توقف الموظفين عن تقديم الخدمات الأساسية فيه. وطالب هؤلاء بعدم المس بالحقوق المكتسبة للموظفين العاملين في المديرية العامة للطيران المدني. وبالتزامن، دعت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، إلى الإضراب ابتداء من أمس وحتى إقرار الموازنة في مجلس الوزراء رفضاً للمسّ بالرواتب، وبصندوق التعاضد بالنظام التقاعدي... وغيرها.
ومع أن للإضرابات وجهاً تحذيرياً واحتجاجيّاً، إلا إن الخلفية السياسية التي تقف وراءها بدأت تتظهر أكثر خلال الأيام الماضية مع تنصل بعض القوى السياسية من موافقتها على التخفيضات قبل البدء بمناقشات الموازنة. وقال عضو «كتلة المستقبل» النائب عاصم عراجي لـ«الشرق الأوسط» إن بعض القوى السياسية «تمارس الشعبوية في خطابها، وتحاول تحميل رئيس الحكومة مسؤولية التخفيض وتوتر الشارع ومسؤولية الأزمة المالية»، مشيراً إلى أن ما يجري هو «استهداف للرئيس الحريري ولدوره».
وقال عراجي إن الإضرابات احتجاجاً على تخفيض الرواتب أمر منطقي، «لكن القول إن رئيس الحكومة وحده يتحمل المسؤولية أمر غير منطقي، لأن مجلس الوزراء ممثل من كل الكتل النيابية، وكل الأطراف فيه كانت موافقة على التخفيضات في الموازنة، قبل أن تتنصل بعض القوى وتلعب على الوتر الشعبوي لجهة القول إنها تعارض التخفيضات، مع العلم بأن الحريري كان أكد أن لا مساس بالرواتب». وإذ شدد على أن القرارات يتخذها مجلس الوزراء مجتمعاً، رأى أن الاحتجاجات «تسير بطريقة منظمة وتضرب قطاعات حيوية»، وهو ما يؤكد مرة أخرى «أن هناك جهوداً لاستهداف الحريري وتحميله المسؤولية».
وكان الحريري قال في مؤتمر صحافي ليل الاثنين الماضي عقب اجتماعه مع الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا، إن عدم التصديق على ميزانية «واقعية» لخفض العجز العام سيكون بمنزلة «عملية انتحارية» بحق الاقتصاد. وتوقع الحريري تسوية المشكلة في البنك المركزي (أمس)، لكنه انتقد الإضرابات «الاستباقية» بسبب مسودة الميزانية التقشفية. وقال إن الحكومة تتبنى إجراءات لتفادي انهيار اقتصادي.
وفي السياق نفسه، نبّهت «كتلة المستقبل» إلى أن «الدعوات التي تنادي بتعميم الفوضى والتحريض على استخدام (العنف الثوري) وما إلى ذلك من مصطلحات بائدة لا ترقى إلى الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية الوطنية، هي دعوات تستهدف تعطيل برنامج الدولة للإصلاح المطلوب، وقطع الطريق أمام أي مشاريع استثمارية من شأنها معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المشكو منها».
وخلال الأيام الماضية، توسعت التحركات والاحتجاجات لتطال كل الفئات، فبعد إضراب موظفي البنك المركزي للمرة الأولى منذ مطلع التسعينات، تسود اضطرابات مماثلة في قطاعات كثيرة والأشد تأثيراً بينها عرقلة المعاملات الصحية والاستشفائية المتعلقة بصندوق الضمان الاجتماعي والمستشفيات الحكومية، وتعقيد عمليات الرسو والتفريغ والتحميل في مرفأ بيروت.
وتعد أجور القطاع العام أكبر بند في نفقات الدولة، وتليها تكلفة خدمة الدين العام. وانضم عسكريون متقاعدون إلى معارضي الموازنة خشية أن تستهدف بعض المزايا التي يحصلون عليها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.