الحوثيون يطلقون «تهديدات إرهابية» رداً على التدابير الاقتصادية للشرعية

البنك المركزي في عدن يتحول إلى ضابط وحيد لإيقاع حركة الأموال

TT

الحوثيون يطلقون «تهديدات إرهابية» رداً على التدابير الاقتصادية للشرعية

أدت التدابير الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة اليمنية ممثلة في اللجنة الاقتصادية العليا والبنك المركزي اليمني في عدن، إلى رفع حدة الذعر والغضب لدى الميليشيات الحوثية بعد أن باتت الجماعة الموالية لإيران عاجزة عن تهريب الأموال أو النفط الإيراني عبر المصارف الخاضعة لها في صنعاء. وفي حين قادت هذه الإجراءات الحكومية والتسهيلات التي قدمتها للمصارف المحلية وكبار المستوردين وفتح الاعتمادات لدى البنك المركزي في عدن، لتغطية فواتير استيراد السلع والبضائع بما في ذلك الوقود، إلى سحب البساط من تحت أقدام الميليشيات، دفع ذلك الجماعة الحوثية في صنعاء لإطلاق «تهديدات إرهابية» وصفتها بـ«الخيارات المؤلمة»، دون أن تفصح عنها بعدما اعتبرت التدابير الحكومية حرباً موجهة ضدها.ويرجح الكثير من المراقبين أن الجماعة ليس في يدها شيء غير التهديد الإرهابي بتفجير المخزون النفطي المجمد في الخزان العائم (صافر) الموجود في ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للجماعة منذ الانقلاب على الشرعية وتدمير البيئة في البحر الأحمر، أو استهداف الملاحة التجارية في البحر وتهديد تدفق الشحنات التجارية عبر باب المندب.

اتهامات حكومية للجماعة
بتدمير الاقتصاد
وكانت اللجنة الاقتصادية اليمنية اتهمت في بيانات سابقة الميليشيات الحوثية بأنها تسببت في انهيار الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد، جراء جرائمها المتواصلة بحق الاقتصادي الوطني، وقالت إن الجماعة الحوثية «تتاجر سياسياً بمعاناة المواطنين، بهدف تعزيز إيراداتها وبناء شبكتها الاقتصادية، وذلك عن طريق تدابير تعسفية عدة».
كما اتهمت اللجنة الحكومية الميليشيات بأنها تعمل على إعاقة حركة التجارة، ونقل البضائع والأموال، وذلك من خلال استحداث النقاط والموانئ الجمركية، ومنع دخول الشاحنات إلى المدن، واصطناع أزمات الوقود والتسبب فيها.
وأوضحت اللجنة أن الميليشيات فرضت طبقة جديدة من التجار التابعين لها، ومنحتهم حصة أكبر من السوق، بالإضافة إلى تحصيلها الإيرادات، وعدم صرف الرواتب، والتدخل في أعمال النقابات والجمعيات المهنية التجارية والمصرفية.
وقالت إن الجماعة الحوثية تتحمل مسؤولية الانهيار في قيمة العملة الوطنية، وذلك بسبب مضاربتها بالأموال العائدة من تجارة المشتقات النفطية، وتعزيزها للسوق السوداء.
وأكدت اللجنة الاقتصادية أن الميليشيات منعت البنوك من ممارسة مهامها أو الاستفادة من الامتيازات والفرص التي يوفرها البنك المركزي في عدن، علاوة على سجن الموظفين المخالفين لها في القطاع الاقتصادي وأقاربهم.
وفي حين لجأت الجماعة الحوثية أخيراً إلى تطبيق ما أطلقت عليه «الريال الإلكتروني» قالت اللجنة الحكومية: إن الميليشيات تطبق التداول النقدي الإلكتروني، من دون ضوابط قانونية، أو غطاء مالي حقيقي، وتستغله وسيلةً لنهب أموال التجار ومستحقات الموظفين.
واتهمت اللجنة الميليشيات الحوثية بمخالفة الضوابط والإجراءات القانونية، الحكومية الخاصة بالضبط والتنظيم الفني والمهني الهادف إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني، وأكدت أن الجماعة، أجبرت المصارف والتجار على تعهدات غير قانونية، تبيح لها أموال التجار والشركات، واستخدامها غطاءً للصفقات والعمل التجاري الدولي.
وكانت اللجنة الاقتصادية اليمنية في عدن أقدمت أخيراً على سحب «السويفت» الخاص ببنك التسليف التعاوني الزراعي (حكومي يخضع للميليشيات في صنعاء)؛ ما حرم الجماعة من تهريب الأموال وتمويل الصفقات الخاصة بقادتها عبر نظام الحوالات الدولية.

تدابير حكومية لحماية
المصارف المحلية
ولأن الميليشيات الحوثية تمنع التجار والمستوردين والمصارف المحلية من التعامل مع البنك المركزي في عدن، وتضع قيوداً مشددة تحول دون نقل السيولة النقدية إليه أو التعامل بالفئات النقدية المطبوعة حديثاً، أعلن البنك هذا الأسبوع اتخاذ عدد من الإجراءات لحماية البنوك التجارية العاملة في صنعاء، التي تعاني ضغوطاً وإجراءات تعسفية من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.
وجاء ذلك خلال اجتماع عقده البنك في مقره بالعاصمة المؤقتة عدن، ضم رؤساء البنوك الأهلية، والغرف التجارية، وعدداً من رجال المال والأعمال.
وأوضح البنك أنه يهدف من خلال هذه الإجراءات إلى فتح قنوات بعيدة عن رقابة الميليشيات الحوثية، لتمكينها من فتح اعتمادات مالية وتغطية احتياجاتها من العملة الصعبة.
وأكد محافظ البنك المركزي اليمني حافظ فاخر معياد، في الاجتماع الأخير أن البنك نفذ كل ما سبق الإعلان عنه من مصارفة وتغطية احتياجات التجار من العملات الأجنبية بسعر 506 ريالات للدولار الواحد فيما يخص المشتقات النفطية والسلع من غير الأساسية المدعومة من الوديعة السعودية.
وأوضح معياد، أن «المركزي اليمني» اقترح آلية لتغطية أرصدة بعض البنوك في الخارج أطلق عليها «خمسين خمسين» لتغطية الاعتمادات في المناطق غير المحررة، وقال: إنها جاءت استجابة من الحكومة والبنك المركزي لإيصال السلع الأساسية في جميع المناطق دون استثناء.
وتقوم الآلية على توريد 50 في المائة من قيمة الاعتماد نقداً إلى البنك المركزي في عدن عبر بنك المستورد و50 في المائة من قيمة الاعتماد يتم الاحتفاظ بها في البنك نفسه في حساب خاص لتستخدم هذه الأموال للدفع للمنظمات الدولية الإغاثية العاملة في المناطق غير المحررة بحيث تقوم تلك المنظمات بمصارفة قيمة المساعدات لدى البنك المركزي وبسعر السوق في تاريخ المصارفة وتحويل المبالغ بالريال إلى حساب المنظمات في البنوك التي يتعاملون معها.
وجدد محافظ البنك المركزي اليمني تأكيده على استعداد البنك لتغطية احتياجات التجار من العملات الأجنبية لأغراض الاستيراد من خلال الحوالات البنكية أو الاعتمادات ودون الحاجة لقيام التاجر بالشراء المباشر من سوق العملة.

ضبط استيراد الشحنات النفطية
من جهتها، كانت اللجنة الاقتصادية العليا أعلنت عن إنهائها منح وثائق الموافقة للاستيراد والشحن إلى ميناء الحديدة، لجميع شحنات المشتقات النفطية بحسب ما جاء في بلاغ رسمي اطلعت عليه «الشرق الأوسط».
وقالت اللجنة إن منح الموافقة شمل جميع شحنات المشتقات النفطية الملتزمة بالضوابط والشروط وفقاً لآلية ضبط وتنظيم تجارة المشتقات، حيث تم منح بعضها استثناءات غير مخلة بأهداف الآلية في سياق السعي لحل أزمة المشتقات التي افتعلتها الميليشيات الحوثية بإجبارها التجار بعدم تقديم الطلبات للجنة أو الالتزام بضوابط الآلية الحكومية بموجب القرار 75.
ودعت اللجنة جميع تجار المشتقات المؤهلين والموردين إلى ميناء الحديدة للاستمرار في الاستيراد والشحن وفقاً لضوابط الآلية وشروطها وبشكل عاجل ومستمر لتعزيز مخزون مادة البنزين بالتحديد.
وطلبت اللجنة من التجار تقديم طلبات الحصول على وثيقة الموافقة وجميع الوثائق المطلوبة والمرفقة بها حسب النظام إلى المكتب الفني للجنة الاقتصادية مباشرة.
وحمّلت اللجنة الاقتصادية اليمنية الميليشيات الحوثية الانقلابية مسؤولية أي إجراء قد يعطل من تدفق الوقود إلى تلك المناطق بانسيابية والتسبب بأي أزمة وقود مستقبلاً سواء بإجبار التجار مرة أخرى بعدم الالتزام بتلك الضوابط أو منع البنوك من تقديم خدماتها للتجار أو بالمضاربة على العملة، والتسبب في انهيار قيمتها باستخدام إيرادات بيع المشتقات في السوق الرسمية والسوداء في المناطق الخاضعة لها.
وتسببت هذه التحركات الحكومية في إثارة هلع الميليشيات وغضبها في الوقت نفسه؛ ما جعلها تعتقد اجتماعاً لكبار قادتها المسؤولين عن ملفها الاقتصادي، حيث وصفت هذه التدابير بأنها «حرب اقتصادية» تستهدف انقلابها.
وعلى الرغم من عدم اعتراف الجماعة بالبنك المركزي في عدن، فإنها قالت: إن ما يقوم به ينافي مبدأ «تحييد الاقتصاد»، مشيرة في بيان لها تداولته وسائل إعلامها إلى أنها «تدرس كافة خيارات الرد وبطرق فعّالة ومزعجة»، بحسب تعبيرها.
وهددت الميليشيات الحوثية في بيانها بـ«خطوات وردود وخيارات» قالت إنه سيكون لها «آثار وتداعيات وتبعات»، محمّلة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولية ذلك.

مناورة حوثية لاقتسام
عائدات النفط
وأخيراً، لجأت الميليشيات الحوثية إلى مناورة جديدة عرضت خلالها اقتسام عائدات النفط اليمني مع الحكومة الشرعية، بما في ذلك نحو مليون برميل مجمدة في الخزان العائم (صافر) في رأس عيسى.
وجاء العرض الحوثي على لسان القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي، في حين يرجح مراقبون أن هذا العرض يسعى إلى تعويض موارد الجماعة التي ستتأثر بفعل تضييق الخناق على النفط الإيراني المهرب وانتهاء الاستثناءات الأميركية بالنسبة للعقوبات المفروضة على طهران.
وسبق أن لوح القيادي في الجماعة ورئيس ما تسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي بتفجير خزان النفط العائم في رأس عيسى والتسبب في كارثة بيئية في البحر الأحمر، بعد أن عجزت الجماعة في مساعيها لبيع المخزون المجمد منذ انقلابها على الشرعية وتوقف ضخ الخام اليمني إلى ميناء رأس عيسى.
وحمل العرض الحوثي الذي جاء في تغريدة على «تويتر» دعوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لوضع «آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنها نفط خزان صافر العائم مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي كونها مواد ضرورية للمواطنين»، بحسب ما زعمه الحوثي.
كما تضمن العرض أن يتم توريد العائدات من البيع إلى البنك المركزي اليمني في عدن وإلى النسخة الحوثية من البنك في صنعاء، على أن يتولى الحوثي صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرته وتتولى الشرعية صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.
وترجح مصادر يمنية في صنعاء أن الجماعة الحوثية بدأت تستشعر خطر نقص الموارد التي كانت تحصل عليها من مبيعات النفط الإيراني المجاني، بخاصة من قرار الحكومة الشرعية 75 القاضي بمنع استيراد النفط إلا عبر البنك المركزي في عدن والذي سيتولى تعزيز المصارف الأجنبية بقيمة النفط المستورد بعد أن يحصل من المستوردين على القيمة بالعملة المحلية (الريال). ويرجح مراقبون يمنيون أن الجماعة الحوثية لم يعد أمامها من خيار إلا الرضوخ لتدابير الحكومة الشرعية في الشأن الاقتصادي، إلا أنها ستبدأ البحث عن مصادر تمويل جديدة عقب تجفيف مواردها من النفط الإيراني المهرب.
وكان تقرير الخبراء الأمميين التابعين للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي أشاروا في أحدث تقرير لهم هذا العام إلى إنشاء الميليشيات الحوثية شركات وهمية لاستيراد النفط وتهريبه من إيران بأوراق مزورة.
ويقدر اقتصاديون يمنيون أن أرباح الميليشيات اليومية من بيع الوقود المهرب تصل إلى مليونَي دولار في اليوم الواحد، وبخاصة مع قيامها برفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وتحويل أغلب الشحنات للبيع في السوق السوداء.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.