عودة القاعدة تعيد الانتقادات في واشنطن لسياسة أوباما الشرق أوسطية

البيت الأبيض يرفض فكرة أن إبقاء قوة صغيرة في العراق كان سيمنع الاضطرابات الطائفية

جون كيري و المالكي
جون كيري و المالكي
TT

عودة القاعدة تعيد الانتقادات في واشنطن لسياسة أوباما الشرق أوسطية

جون كيري و المالكي
جون كيري و المالكي

تعتبر عودة ظهور تنظيم القاعدة والاضطرابات بين السنة والشيعة في كل من العراق وسوريا اختبارا لنفوذ الولايات المتحدة المتآكل في منطقة الشرق الأوسط ومنطق سياستها الخارجية التي بنيت على الابتعاد عن المشكلات في هذه المنطقة.
ووفقا لتقرير لوكالة الصحافة الفرنسية استند على تعليقات محليين في واشنطن، فقد أثارت عودة المتطرفين إلى مدن مثل الفلوجة والرمادي، اللتين كانتا ساحتي معارك شهيرتين للجيش الأميركي، اتهامات للرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه تسرع في سحب قواته من العراق وأهدر تضحيات الأميركيين. وتساور أجهزة الاستخبارات الأميركية مخاوف من أن توسع معاقل متطرفي القاعدة في سوريا المضطربة يمكن أن يزيد من أعداد الجهاديين الذين قد ينفذون عمليات إرهابية في الولايات المتحدة وأوروبا.
ويجري كبار المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم نائب الرئيس جو بايدن اتصالات هاتفية مكثفة مع بغداد لحث رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي على التصالح مع العشائر السنية في محافظة الأنبار الغربية قبل أن يهاجم مسلحي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطين بتنظيم القاعدة. وتعكس الجهود الأميركية المحمومة الصعوبات التي يواجهها البيت الأبيض في مواكبة وتيرة الثورات والتفكك من مصر إلى سوريا ومن لبنان إلى ليبيا. وتريد واشنطن من المالكي أن يتبنى استراتيجية من شقين لضبط تقدم القاعدة. الأول هو المصالحة مع العشائر السنية، والثاني هو القيام بعمل عسكري.
وهذه هي الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها القوات الأميركية خلال الاضطرابات في العراق. وقد ساعدت، إضافة إلى الصحوات السنية في طرد القاعدة. إلا أن البعض في واشنطن يشكك في قدرة القوات العراقية حديثة التشكيل على طرد المقاتلين من الفلوجة التي احتاج فيها الأميركيون إلى الدعم الجوي للانتصار في العملية القتالية التي كانت من بين الأكثر دموية منذ حرب فيتنام. وبعد عامين من انسحاب القوات الأميركية من العراق، تشعر واشنطن بالإحباط من أن المالكي لم يبذل الجهد الكافي لتهدئة الخلافات الطائفية التي أشعلها الغزو الأميركي للعراق في 2003.
وقال السناتور الجمهوري جون ماكين إن التضحيات الأميركية «أهدرتها إدارة أرادت الخروج، ولم تشأ أن تبقى وتعزز المكاسب التي تحققت بالدم والمال الأميركيين». ويقول منتقدو أوباما إنه فشل في التوصل إلى اتفاق لإبقاء قوة أميركية في العراق، وهو ما كان يمكن أن يحافظ على النفوذ الأميركي ويمنع عودة القاعدة، بحسب رأيهم. ولكن هل كان يمكن لعدد محدود من القوات الأميركية أن تمنع الاضطرابات الطائفية؟
يقول ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية «إن الذين كانوا يدعون إلى الإبقاء على قوات أميركية في العراق بعد 2011 حذروا من حدوث ما يحدث الآن. وللأسف أعتقد أن تحذيراتنا تحققت». إلا أن البيت الأبيض يرفض فكرة أن إبقاء قوة أميركية صغيرة كان يمكن أن يحول دون وقوع اضطرابات طائفية.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض: «عندما كان عدد القوات الأميركية على الأرض 150 ألف جندي كان العراق يشهد عنفا طائفيا شديدا». ولا يواجه أوباما، الذي بنى رئاسته على معارضة الحرب، الكثير من المخاطر السياسية المتعلقة بالعراق في بلده الذي أنهكته الحروب.
ويعتقد كثير من المحللين أن معظم اللوم فيما يحدث في العراق يقع على المالكي بسبب فشله في تشكيل حكومة متعددة المكونات، وكذلك على تدفق المتطرفين من سوريا. إلا أن سيناريو دخول العراق في حرب أهلية شاملة سيلطخ إرث أوباما ويقوض مزاعمه بأنه «أنهى الحرب». ووعدت واشنطن بالتسريع بتسليم العراق صواريخ هيلفاير وطائرات استطلاع دون طيار، إلا أن بعض أعضاء الكونغرس يخشون أن يوجه المالكي أسلحة أشد فتكا مثل المروحيات القتالية ضد أعدائه الداخليين بدلا من القاعدة.
ورغم أن وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية قدمت للمالكي معلومات استخباراتية، كما اقترح بعض الضباط العسكريين تدريب القوات العراقية خارج العراق، إلا أن تدخل واشنطن بشكل مباشر لا يلقى الكثير من التأييد. وقال وزير الخارجية الأميركية جون كيري «إن هذه معركتهم». وأثارت الضغوط الأميركية على المالكي سؤالا آخر هو: ما مدى نفوذ وتأثير واشنطن في العراق؟
يقول منتقدون في واشنطن إن انسحاب القوات الأميركية من العراق وعدم استعداد أوباما لتسليح المعارضين في سوريا وقراره عدم توجيه ضربة عسكرية لدمشق عقابا لها على استخدامها المفترض لأسلحة كيميائية، هو رسالة واضحة عن رغبته بعدم التدخل المباشر. ويقول السناتور الجمهوري ليندسي غرهام: «ما أستغربه هو أن سياستنا الخارجية لا تركز على تهديد القاعدة المتزايد».
وقال ديفيد إغناتيوس الصحافي في الـ«واشنطن بوست» والمعروف بعلاقاته الممتازة مع الاستخبارات الأميركية، في مقال نشر مؤخرا إن إدارة أوباما وأثناء استعجالها للخروج من العراق، سمحت لإيران بأن تحول المالكي والعراق إلى «عملاء افتراضيين» وتقوض النفوذ الأميركي. كما يراقب البيت الأبيض التطورات في سوريا بعين من القلق، حيث أدى انقسام المعارضة إلى فتح الباب أمام تقدم تنظيم القاعدة.



اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
TT

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك الستة المعاقبة في صنعاء من البنك المركزي في عدن، واستئناف الرحلات من مطار صنعاء إلى مطار عمّان بواقع 3 رحلات يومياً.

المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غرونبرغ، أعلن، الثلاثاء الماضي، توصل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق لخفض التصعيد الاقتصادي من شأنه أن يمهد لمحادثات شاملة في الملف الاقتصادي والإنساني.

طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

وأعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية تشغيل ثلاث رحلات يومياً لخط صنعاء - عمّان صنعاء ابتداء من الخميس، بعدما كانت تقتصر قبل التصعيد على رحلة واحدة فقط، على أمل أن يتم تسيير رحلات إلى مصر والهند بعد استيفاء الإجراءات اللوجستية مع البلدين.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخطوط الجوية اليمنية، حاتم الشَّعبي، أن تشغيل الرحلات يأتي حسب الاتفاق بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، الذي أعلنه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ.

وأكد الشعبي أن شركة الخطوط الجوية اليمنية تحرص على تقديم خدمتها لكل اليمنيين، وأن تشغيل رحلات صنعاء- عمّان صنعاء جاء بعد الحصول على التصاريح المطلوبة.

وأضاف المتحدث أن الشركة تتابع الحصول على التصاريح لتشغيل رحلات من صنعاء إلى القاهرة، ومومباي، عندما تحصل على جميع التصاريح اللازمة لذلك. مشيرًا إلى فتح منافذ البيع بجميع مكاتب الشركة ووكلائها المعتمدين على جميع درجات الإركاب من جميع مناطق اليمن دون استثناء.

المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام حكومي)

في السياق نفسه أعلن الإعلام الحوثي أن جمعية الاتصالات العالمية بين البنوك «سويفت» أخطرت البنوك اليمنية الخاضعة في مناطق سيطرة الجماعة بإعادة تفعيل الخدمة، مقابل إلغاء الجماعة بعض الإجراءات التي اتخذتها عبر فرع البنك المركزي الخاضع لها في صنعاء «كخطوة للتعبير عن حسن النوايا»، من دون توضيح تلك الإجراءات وماهيتها.

تواصل الترحيب

تواصلاً للترحيب الخليجي والمصري بالاتفاق اليمني لخفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، رحبت دولة الإمارات، ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ.

ورأت الخارجية الإماراتية في بيان، الخميس، أن الاتفاق خطوة إيجابية في طريق الحل السياسي في اليمن بما يحقق تطلعات شعبه في الأمن والنماء والاستقرار، مثمنة الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.

وجدد البيان، التأكيد على أن دولة الإمارات تدعم كل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإحلال الاستقرار في اليمن، ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني، ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار.

وينص اتفاق خفض التصعيد اليمني على أربع نقاط؛ الأولى هي إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.

الحوثيون احتجزوا 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء أثناء التصعيد ضد الشرعية (إعلام حكومي)

أما النقطة الثانية فتنص على استئناف طيران «الخطوط الجوية اليمنية» الرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها من رحلة واحدة إلى ثلاث يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو حسب الحاجة.

وفي النقطة الثالثة اتفق الطرفان على عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها شركة «الخطوط الجوية اليمنية».

أما البند الرابع فتضمّن الاتفاق على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة القضايا الاقتصادية والإنسانية كافّة بناء على خريطة الطريق.

وكان البنك المركزي اليمني في عدن سحب تراخيص 6 مصارف في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد عجزها عن نقل عملياتها إلى عدن، وردَّت الجماعة الحوثية بتدابير مماثلة ضد البنوك في مناطق سيطرة الحكومة، واحتجزت 4 من طائرات «الخطوط الجوية اليمنية» في مطار صنعاء، نتيجة الخلاف على إيرادات الشركة.