نشاط حركة المنازل المستأجرة في السعودية تنعش وسطاء العقار من الركود

تأجير المساكن يعتبر الأكثر أداءً خلال شهر رمضان في ظل ازدياد العزوف

الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثاً والأكثر سعراً إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق في سوق الإيجارات السعودية (تصوير خالد الخميس)
الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثاً والأكثر سعراً إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق في سوق الإيجارات السعودية (تصوير خالد الخميس)
TT

نشاط حركة المنازل المستأجرة في السعودية تنعش وسطاء العقار من الركود

الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثاً والأكثر سعراً إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق في سوق الإيجارات السعودية (تصوير خالد الخميس)
الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثاً والأكثر سعراً إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق في سوق الإيجارات السعودية (تصوير خالد الخميس)

ينعكس ضعف الطلب على بيع وشراء العقار بشكل إيجابي على قطاع تأجير المنازل بأنواعها وأحجامها، التي فلتت من التقلص الكبير في الحركة التي تحدث بشكل سنوي تزامناً مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث تمكن قطاع تأجير المساكن من التحليق عاليا بالنسبة إلى الأفرع العقارية الأعلى طلبا ونشاطا، بعد شبه توقف في عمليات البيع والشراء التي وصلت إلى مستويات متدنية، بحسب تأكيدات متعاملين عقاريين لا يأملون كثيرا عليها في مكاسب الشهر الفضيل، نتيجة انخفاض الحركة العامة، الأمر الذي انعكس على تسيد قطاع تأجير المساكن الحركة العقارية.
وساعد تباطؤ الطلب على الشراء إنعاش حركة العقار ومكاتب السماسرة التي حركت القطاع العقاري ككل وبثت في أمل الحركة، كما ألقت هذه الحركة بظلالها إيجابا على الكثير من الأنشطة التجارية المرتبطة، أهمها شركات نقل الأثاث التي استنفرت إمكاناتها من أجل الاستفادة من هذا النشاط الذي يدور رحاه هذه الأيام، وتعددت أسباب تفضيل شهر رمضان على غيره من الشهور من أجل التنقل إلى عدة أمور، منها هدوء المناخ العام في هذه الأيام، إضافة إلى البحث عن منزل جديد استعدادا لبدء الموسم الدراسي، كما أن الفراغ الذي يكون طويلا خلال نهار رمضان يظل جاذبا قويا للعائلات للتنقل، وأهمها الهدوء الكبير في حركة الزيارات العائلية واستقبال الضيوف، وجميعها أمور دفعت بالنشاط العقاري بفرع التأجير إلى الانتعاش.
وقال بندر التويم الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة، إن هناك الكثير من أسباب تفضيل العائلات السعودية للتنقل في شهر رمضان، منها طول وقت النهار الذي يمكنهم من نقل الأثاث إلى المنزل الجديد، إلا أن أهم أمر يدفعهم إلى التنقل في هذا الشهر هو محدودية استقبال العائلات للضيوف في هذا الشهر، حيث يتمكنون من التنقل بحرية وترتيب المنزل، قبل أن يستضيفوا أي شخص إلى المنزل الجديد، إضافة إلى هدوء المناخ العام لمدينة الرياض خلال ساعات النهار، الأمر الذي يمكنهم من التنقل بحرية مطلقة، كما أن حركة التنقل في رمضان أنقذت وسطاء العقار من هبوط أرباحهم نتيجة ركود عمليات البيع والشراء والتي تعتبر المصدر الأول في تحقيق الأرباح.
وحول الأنواع الأكثر طلبا أكد التويم أن الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثا والأكثر سعرا إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق، وتقل نسبة الفائدة كلما ارتفعت الأدوار إلى الأعلى، كما أن المصعد الكهربائي يعتبر ميزة تحقق ربحا إضافيا وعملة جاذبة، كما أن الشقق متوسطة العمر تأتي في المرتبة الثانية من حيث زيادة الأسعار، تليها القديمة التي لا يحرص المستأجرون على اتخاذها عشا للزوجية وهم النسبة المؤثرة على هذا الإقبال الذي يشهده القطاع، إذا ما استثنينا من ذلك نسبة من ذوي الدخول المنخفضة، لافتاً إلى أن فرض رسوم الأراضي أثر بشكل كبير على حركة العقار ككل الأمر الذي دفع بتأجير المنازل إلى احتلال مقدمة النشاط العقاري محلياً.
وتعيش السوق السعودية في الفترة الأخيرة تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة عن مستقبل القطاع العقاري، خصوصا في ظل تذبذب الأسعار وإقرار الدولة رزمة من القرارات التاريخية، إلا أن الغموض لا يزال يسيطر على المشهد العام، إذ ينتظر العاملون في القطاع العقاري عن ما ستكشفه الأيام المقبلة، التي انتشرت فيها أنباء مختلفة عن قرب انخفاض وشيك للأسعار، نظرا إلى تجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع في ترجمة حلمهم إلى واقع تملك المساكن، الأمر الذي صب في مصلحة قطاع التأجير على حساب الشراء والبيع على أمل كبير في عودة الأسعار إلى حجمها الطبيعي.
وأوضح إبراهيم البنيان الذي يمتلك مكتبا عقاريا، أن هناك حركة نشطة للعقارات المعروضة للإيجار، حيث يعتمد الكثير من المستثمرين العقاريين على تنقلات العائلات خلال شهر رمضان، في تحقيق إيراداتهم وتعويض الكساد الذي لحقهم في الفترة التي سبقت دخول الشهر الفضيل»، لافتا إلى أن حركة التنقلات في المنازل المستأجرة في هذا الشهر تتربع على الاستثمارات العقارية ككل، خصوصا أن البعض يخفي بعض المنازل المعروضة للتأجير من أجل تأجيرها في شهر رمضان، للاستفادة من فورة الحركة التأجيرية، التي تتم في هذا التوقيت بشكل دوري، وقال: «الإقبال لم يرفع أسعار الإيجار بل ظلت على ما هي عليه، كما أن البحث عن المساكن القريبة من المدارس يظل الأكثر طلبا».
وحول الخيارات الأكثر طلبا، أكد البنيان أن الأدوار بأنواعها الأرضية والعلوية هي الأكثر طلبا على حساب الشقق، رغم ندرتها وارتفاع أسعارها خصوصا في الأحياء الشمالية التي تعيش موجة عالية من الإقبال على حساب المناطق الأخرى، حيث تبدأ قيمة الإيجار في المدن الكبرى من السعودية، ما بين 15 ألف ريال (4 آلاف دولار) وتصل إلى 80 ألف ريال (21.3 ألف دولار) سنويا، تختلف باختلاف المنطقة والتشطيب وعمر المنشأة وقربها وبعدها عن الخدمات والطرق الرئيسية، وجميعها أمور تأثر بشكل مباشر عند تحديد قيمة الإيجار، وزاد: «لم تتغير حالة السوق منذ فترة طويلة، حيث ظلت تعاني من ركود في مجالي البيع والشراء، إلا أن عمليات التنقل التي تتم في شهر رمضان من كل عام، حركت معروضاتهم وبدأوا يجنون الأرباح، على شكل عمولة يتم الاتفاق عليها عند تأجيرهم أي منشأة».
وفي شأن متصل بين عامر المشاري الذي يمتلك شركة «رحالون» المتخصصة في نقل الأثاث، أنهم يكثفون جهودهم في شهر رمضان المبارك، باعتباره موسما مهما في تحقيق الإيرادات خصوصا في ظل طول فترة النهار وبالتحديد وقت العصر الذي يمتد لأكثر من 3 ساعات ونصف الساعة وفراغ الناس فيه، الأمر الذي يستغلونه في التنقل بين المنازل، مبينا أن تنقلات العملاء بين البيوت المستأجرة أثرت عليهم بشكل إيجابي، وقال: «استنفرت شركات نقل الأثاث جميع إمكاناتها لتحقيق أعلى إيرادات ممكنة خلال هذا الموسم الذي يعتبر منجما للذهب بالنسبة لهم، واستطرد المشاري القول بأن هذا الإقبال لم يؤثر بشكل كبير على الأسعار، إلا أن الضغط الذي يعيشونه وضريبة تعب الصيام ومشقة العمل لها حساب مختلف، مبينا أن هناك عمالة أخرى امتهنت نقل الأثاث خلال هذه الأيام، ودخلت في مجال تخصصهم بحثا عن المال، بعد أن رأوا المكاسب التي يحصلون عليها والزحام الذي يحيط بهم، موضحا أن لحركة القطاع العقاري دورا مهما في تحقيق مكاسبهم، باعتبارهم قطاعا يعتمد بشكل مباشر على الحركة العقارية، ففي حال تحركها فإنهم يجنون الأرباح والعكس صحيح، خصوصا أن تجارتها تعتمد في المقام الأول على المواسم، لافتا إلى أن الحجز المسبق للعمالة أصبح أمرا ملحا، في ظل تنامي الطلب عليهم من قبل راغبي نقل الأثاث، خصوصا أن العمالة الماهرة المتخصصة في الفك والتركيب بالذات قليلة جدا في السوق.
وتشهد المكاتب العقارية في السعودية زيادة كبيرة في طلبات البحث عن المنازل، خصوصا القريبة من الخدمات العامة والمرافق الرئيسية، إلا أن هذا الأمر لم يسهم في رفع الأسعار كما هو المعتاد، نظرا إلى حاجة هذه المكاتب إلى الظفر بالعمولة دون الالتفات إلى سعر الإيجار، خصوصا أن معظم هذه المكاتب تدير فقط المنشآت المعروضة للبيع ولا تمتلكها، وهو السر الذي لم يدفع بالأسعار إلى القفز إلى مستويات جديدة من الارتفاع.


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»