جدل في العراق إزاء تعليقات برلمانية شكّكت في تمدن مناطق الجنوب

TT

جدل في العراق إزاء تعليقات برلمانية شكّكت في تمدن مناطق الجنوب

تتواصل منذ نحو أسبوع حملات منتقدة وأخرى مؤيدة للبرلمانية عن «الحزب الشيوعي» العراقي في ائتلاف «سائرون» هيفاء الأمين، إثر تصريحات لها في جلسة حوارية بلبنان، أشارت فيها إلى أن محافظات جنوب العراق تفتقر إلى التحضر والتمدن قياسا بلبنان وإقليم كردستان.
وقالت الأمين، الأسبوع الماضي، خلال الجلسة الحوارية مخاطبة الجمهور اللبناني: «أنتم مجتمع متحضر ومتمدن، وذلك يختلف عن طابع العادات والتقاليد والموروث المتخلف في العراق». وأضافت: «أنا من الجنوب وأرّكز على الإحصاءات، الجنوب أكثر تخلفا كمنطقة قياسا بإقليم كردستان».
ولم تنفع التوضيحات التي أصدرتها الأمين في التقليل من الانتقادات التي جوبهت بها من جهات اعتبرت تصريحاتها «إهانة بالغة لأهالي الجنوب العراقي». في المقابل، رأت جهات أخرى مؤيدة أن ما صرحت به الأمين «يكشف عن واقع محافظات الجنوب ولا يشكل إهانة».
وعقب إثارة الموضوع من قبل مراسل قناة «العراقية» شبه الرسمية الذي حضر الجلسة الحوارية في لبنان ولم يرض عن تصريحات البرلمانية وهاجمها أثناء الجلسة، أصدرت هيفاء الأمين، الخميس الماضي، بيانا قالت فيه: «لا أحد يزايد على وطنيتي، لأن هذا من بديهيات الأمور، لكننا أمام مشكلة لدى بعض الإعلاميين الذين لا يملكون مقدارا بسيطا من المهنية أو لهم انحيازات مسبقة سياسية وربما حزبية». وأضافت: «نحن بلد وشعب عانى من الديكتاتورية عقودا طويلة ومن الحروب خلال ذلك الحكم وبعده ولدينا طائفية كبيرة رافقتها مجازر وسبي ونهب ولدينا مهاجرون ومهجرون خارج العراق وداخله بالملايين، إذن نحن متخلفون ولسنا في موقع حضاري ومدني متقدم».
ثم ذكرت النائبة الأمين في إحدى مقابلتها التلفزيونية أنها تقدمت بشكوى لقناة «العراقية» ضد الصحافي الذي أثار الضجة ضدها.
ثم تطورت الأمور لاحقاً لتنخرط في الموضوع اتجاهات عراقية مختلفة، تتوزع بين أساتذة جامعات وساسة وصحافيين، ومدونين انخرطوا في التعليق على تصريحات البرلمانية بين ناقد لها بشدة، ومتعاطف معها.
وأمام تلك الانتقادات، أصدرت البرلمانية بيانا آخر أمس قالت فيه إنها تلقت «تهديدات كثيرة وصلت إلى حد الوعيد بالتصفية الجسدية». وأضافت: «أتعرض منذ أيام لحملة سياسية شعواء من الواضح أنها ممولة من قبل أجندات حزبية تضررت من الحملات التي قمنا بها أخيراً في محافظة ذي قار».
واعتبرت الأمين أن الحملة موجهة ليست ضدها فحسب بل ضد «كتلة (سائرون) التي أنا جزء منها، وضد منهجنا المدني الوطني». كما اعتبرت الأمين أن «الحملة التسقيطية الجائرة ضدي، سببها في الأساس يعود لسعيي لتشريع قانون العنف الأسري».
وبمجرد إصدارها البيان الثاني، انهالت عليها الانتقادات من جديد، وجاءت هذه المرة من أعضاء وكتل سياسية في البرلمان، حيث اعتبرت البرلمانية عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف، أن ادعاء هيفاء الأمين بتعرضها للتسقيط بسبب قانون العنف الأسري «ادعاء باطل». وقالت نصيف في بيان، أمس، إن «قانون العنف الأسري حصيلة جهود نخبة من الأكاديميين والنواب والمختصين منذ 2012». وأضافت: «من المعيب جداً على السيدة هيفاء الأمين أن تختزل جهود كل هؤلاء طيلة سبع سنوات لتدعي أنها تتعرض للتسقيط بسبب سعيها لتشريعه».
ومن المفارقة أن الأمين، وفي ذروة «أزمتها» مع جمهور الناقمين على تصريحاتها، تم اختيارها، أول من أمس، لرئاسة لجنة المرأة والطفل في البرلمان العراقي، الأمر الذي نظر إليه من قبل الاتجاهات المنتقدة لها على أنه «تكريم غير مبرر للإساءة التي صدرت عنها» ما دفع 54 نائبا إلى جميع تواقيع وتقديمها إلى رئاسة البرلمان بهدف إقالتها من رئاسة اللجنة.
ولم تقف الانتقادات بحق النائبة الأمين عند حدود ما قالته في جلستها الحوارية في بيروت، ووصلت إلى تصريحات وانتقادات أدلت بها في بغداد بشأن حالة التعليم في المحافظات الجنوبية.
وانتقدت نقابة المعلمين في ذي قار بشدة تصريحات الأمين، بشأن ممارسة مديرات المدارس للطم داخل المؤسسات التعليمية وارتباطهن بالأحزاب السياسية.
وقالت النقابة في بيان: «باعتبارنا نقابة مهنية تعنى بالشأن التربوي والمهني نستنكر أشد الاستنكار مثل هذه التصريحات الذي تقدح بمهنية وحيادية وسلوك مديرات المدارس وندعوها إلى الاعتذار العلني من خلال بيان يبث من أروقة مجلس النواب العراقي».
يشار إلى أن النائبة هيفاء الأمين، عضو في «الحزب الشيوعي» العراقي الذي ينضوي ضمن مظلة تحالف «سائرون» الذي يدعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتمكنت من الفوز بمقعد نيابي في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في مايو (أيار) 2018 بعد حصولها على أكثر من 10 آلاف صوت في محافظة ذي قار الجنوبية التي ولدت وتعيش فيها، وهي تحمل الجنسية السويدية، وكانت التحقت منذ ثمانينات القرن الماضي بحركة «الأنصار» الشيوعية التي قاتلت نظام «البعث» في مناطق إقليم كردستان بشمال العراق.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.