«النهضة» تهاجم شركات الاستطلاعات في تونس

قلّصت من حظوظها في الانتخابات المقبلة

TT

«النهضة» تهاجم شركات الاستطلاعات في تونس

هاجمت حركةُ «النهضة»؛ الحزبُ الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم حالياً في تونس، شركات سبر الآراء، ودعت إلى وضع آليات لمراقبة عملياتها ومنع التلاعب والعبث بنتائجها، وذلك على خلفية استطلاعات قلّصت حظوظها في الفوز بالانتخابات المقبلة.
وقالت «النهضة» إن النتائج التي أصدرتها إحدى شركات سبر الآراء التونسية أثارت استغرابها بعدما أشارت إلى أن حظوظها في الفوز بالانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تراجعت من 33 في المائة من نوايا تصويت الناخبين التونسيين في فبراير (شباط) الماضي، إلى 18 في المائة فقط مع نهاية أبريل (نيسان) الماضي. وأشارت الحركة الإسلامية، في ردها، إلى ما سمته الصعود «الصاروخي» لأحزاب سياسية تونسية أخرى «دون تبرير مقنع» للتغيير في توجهات الناخبين، متهمة شركة سبر الآراء بالتلاعب بالنتائج.
وفي هذا الشأن، أكدت فريدة العبيدي، القيادية في «النهضة»، أن المسألة ليست مرتبطة مباشرة بالنتائج التي أعلنتها شركة سبر الآراء بقدر الحرص على توفير «مناخ شفاف ونزيه» للتنافس الانتخابي بمنأى عن الضغوط الجانبية وعمليات التوجيه التي قد يخضع لها الناخبون، على حد تعبيرها. ونبهت العبيدي إلى أن شركات سبر الآراء ساهمت خلال المحطات الانتخابية السابقة في تشكيل ظواهر سياسية «غريبة»، وهي غالباً ما تفتقر إلى التخصص العلمي، ودعت إلى ضرورة الالتزام بالحد الأدنى من الأخلاقيات السياسية قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستعرفها تونس.
وفي السياق ذاته، قال عصام الشابي، رئيس الحزب «الجمهوري» المعارض، إن حركة «النهضة» أبدت اهتمامها بشركات سبر الآراء في تونس عندما قلّصت من حظوظها في الانتخابات المقبلة ولم تأبه للأمر عندما كانت الشركات تضعها في السابق على رأس نيات التصويت. ودعا الشابي إلى ضرورة تنظيم عمل هذه الشركات حتى تعتمد على الوسائل العلمية نفسها؛ إذ إن النتائج المعلن عنها خلال الفترة الماضية متفاوتة وبعيدة كل البعد بعضها عن بعض، وهو ما يطرح تساؤلات حول النتائج ومدى تأثير المال السياسي عليها، بحسب رأيه.
وكانت مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة قد دعت بدورها البرلمان التونسي إلى سن قانون ينظّم عمليات سبر الآراء لما لها من تأثير مباشر على الحياة السياسية في البلاد. وفي هذا المجال، قدّم حزب «التيار الديمقراطي» المعارض الذي يتزعمه محمد عبو، مبادرة تشريعية بهذا الخصوص في مايو (أيار) 2016، لكنها لم تجد متابعة نيابية كافية.
يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قررت بدءاً من 16 يوليو (تموز) المقبل، الذي يتزامن مع انطلاق الفترة الانتخابية في تونس، منع وسائل الإعلام من التعاطي مع الإشهار السياسي، ومنع تخصيص رقم هاتفي مجاني أو موزع صوتي أو مركز نداء لمرشحين للاستحقاق الانتخابي أو لأحزاب سياسية، إضافة إلى منع نشر وبث نتائج سبر الآراء.
على صعيد آخر، دعت مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة إلى وقف التفاوض حول اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي المعروفة اختصاراً بـ«اتفاقية الأليكا»، وأطلقت عريضة على مواقع إلكترونية دعت عبرها التونسيين إلى معارضة هذه الاتفاقية على أساس أنه سيكون لها تأثير سلبي للغاية على عدد من الأنشطة الاقتصادية؛ على رأسها القطاع الفلاحي وقطاع الخدمات والمؤسسات الصناعية الصغرى والمتوسطة. وقال حمة الهمامي، رئيس حزب «العمال» المعارض، إن «المفاوضات بين تونس والاتحاد الأوروبي في جولتها الرابعة انطلقت يوم 29 أبريل الماضي في ظل تعتيم إعلامي على محتواها، وغياب التفويض البرلماني الذي يسمح بالخوض في مصير التونسيين مستقبلاً، ومن دون إجراء تقييم جدي لانعكاسات اتفاق الشراكة الموقّع بين الطرفين منذ سنة 1995». وفي السياق ذاته، طالبت مجموعة من الجمعيات الحقوقية التونسية بالوقف الفوري للمفاوضات المتعلقة باتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي، ودعت إلى ضرورة التقييم الجدي والشفاف لكل الاتفاقات السابقة، خصوصاً اتفاق 1995، مع نشر كل المعطيات والمعلومات والوثائق المرتبطة بمسار التفاوض.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».