سكان غزة يستهلون شهر رمضان بتشييع القتلى وانتشال الجثث

فلسطيني تعرض منزله للقصف (إ.ب.أ)
فلسطيني تعرض منزله للقصف (إ.ب.أ)
TT

سكان غزة يستهلون شهر رمضان بتشييع القتلى وانتشال الجثث

فلسطيني تعرض منزله للقصف (إ.ب.أ)
فلسطيني تعرض منزله للقصف (إ.ب.أ)

استهل سكان غزة اليوم الأول من شهر رمضان بتشييع جثامين القتلى وانتشال الجثث من تحت أنقاض المنازل المنهارة، بعد يومين متتاليين من القصف الإسرائيلي ونيران الصواريخ الفلسطينية.
وسيطرت حالة من الترقب والحذر على سكان غزة مع حلول الفجر وتوقف القتال لمدة لا يعلم أحد إلى متى ستستمر، حيث غابت الأجواء الطبيعية لشهر الصيام عند النسبة الأكبر من الفلسطينيين في القطاع الفقير.
ووصل أقارب 21 فلسطينيا قتلوا أمس (الأحد) مستشفى الشفاء (أكبر مستشفى بمدينة غزة) لتسلم الجثامين للصلاة عليها وتشييعها إلى مثواها الأخير، فيما شرع العمال خارجها في إصلاح خطوط الكهرباء والهاتف التي دمرها القصف الإسرائيلي، والذي تسبب أيضا في هدم وحدات سكنية بالكامل وانتشار الحطام في أنحاء المكان واصطف موظفون آخرون بالحكومة أمام البنوك لسحب أموال حيث لم يتمكنوا من ذلك خلال تصاعد أعمال العنف.
وقال الجيش الإسرائيلي إن دباباته وطائراته الحربية قصفت 350 هدفا لحركتي «حماس» والجهاد الإسلامي في غزة بينها نفق عبر الحدود ومعسكرات تدريب وأماكن تستخدم لتخزين الأسلحة.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن حركتي «حماس» والجهاد الإسلامي أطلقتا نحو 690 صاروخا تجاه إسرائيل مما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين إسرائيليين. وقال الجيش إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت 240 صاروخا من تلك الصواريخ واصفا إطلاق الصواريخ بأنه عمل «طائش ومنسق».
وسيطرت حالة من الصدمة على سكان حي الشيخ زايد بشمال غزة بعد مقتل ستة أشخاص في غارة جوية إسرائيلية. وقالت وزارة الإسكان إن الوحدات السكنية الأربع التي دمرت في المبنى المؤلف من خمسة طوابق كانت ضمن 600 وحدة سكنية تعرضت إما للدمار وإما لحقت بها أضرار نتيجة القصف.
وقال زياد حمش (60 عاما) الذي يسكن في المبنى المقابل من الشارع «في حياتي لم أشاهد أبشع من هذه المشاهد، رأيت جثثا مقطعة وجثثا محروقة».
وقالت سمية أصرف التي فقدت زوجها وطفلها البالغ من العمر أربعة أشهر وأحد أقاربها خلال القصف في شمال غزة: «شهر رمضان هذا صعب جدا، ما راح نحس بأي أجواء».
وبينما كانت تتحدث أحضر عشرات الرجال جثمان رضيعها إلى المنزل لإلقاء نظرة الوداع عليه قبل تشييعه. وفي داخل عربة الإسعاف كان هناك نعش يضم أشلاء.
وتتهم إسرائيل حركة حماس التي تدير قطاع غزة بمحاولة الضغط عليها لتخفيف القيود القائمة منذ فترة طويلة على حركة الأشخاص والبضائع في غزة. وتقول إسرائيل إن هذه القيود ضرورية لمنع وصول السلاح إلى حماس.
وفي الضفة الغربية قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن السلطة الفلسطينية سترسل مساعدات إنسانية ومواد غذائية إلى غزة.
ولكن في غزة لم يكن هناك أي تفاؤل في أن وقف إطلاق النار سيستمر لفترة طويلة.
وقال عادل محمد علي (55 عاما) أثناء مشاركته في جنازة: «هاي الجولة انتهت بس عن قريب جولة تانية راح تبدأ، احنا بنتطلع ليوم ما يصير فيه أي حاجة من هاي الأشياء».



الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
TT

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدَّين الخارجي للعام المالي الحالي بواقع 3 مليارات دولار حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ووافق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسته العامة، الاثنين، على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي من خلال بنك «الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك «الإمارات دبي الوطني (ش.م.ع)» وبنوك أخرى.

وقال وزير المالية المصري، أحمد كجوك، خلال الجلسة العامة: «نرفض الاتهامات الموجهة للحكومة بتوسيع الاقتراض»، مؤكداً أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وسجَّل الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الثاني المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي نحو 152.9 مليار دولار، نزولاً من 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، بعد أن وصل إلى ذروته البالغة 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

برلمانيون مصريون خلال جلسة مناقشة حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي (مجلس النواب المصري)

وقال وزير المالية إن «الاتجاه تنازلي، والقول بعكس ذلك كلام غير دقيق»، متابعاً: «سددنا 7 مليارات ونصف المليار دولار أقساطاً، والاقتراض كان 5 مليارات ونصف المليار دولار». وتابع: «لا يخفى على أحد تخفيض الاقتراض الخارجي، نخّفض الدين الخارجي قدر المستطاع، ونُسدد أكثر من الاقتراض، والدين يقل ولا يزيد».

ولجأت مصر إلى الاقتراض الخارجي خلال السنوات الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية، وتبني الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي.

وعقّب وزير المالية على الموافقة على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي، قائلاً: «كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قراراً بتخفيض الرقم»، مشيراً إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

وكان مجلس النواب، قد وافق، الأحد، على قرار رئيس الجمهورية بشأن اتفاق تسهيل القرض الخاص بآلية مساندة الاقتصاد الكلي، وعجز الموازنة بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة مليار يورو كمرحلة أولى، إلا أن اعتراضات واجهت هذه الموافقات، حيث أبدى نواب انتقادهم معلنين رفضهم هذه القروض.

ورأى النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، في بيان، أن قرض الـ2 مليار دولار بمثابة «الكارثة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تغامر وتقامر بمستقبل الشعب المصري»، على حد وصفه، مؤكداً أن «الاقتراض الخارجي يرتهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة المصرية»، عادّاً ذلك «يهدد سلامة الدولة».

كما أعلن النائب أحمد فرغلي، عضو المجلس، رفضه للقرض، منتقداً الحكومة لتوسُّعها في الاقتراض، متسائلاً: «هل تَوَقَّفَ عقل الحكومة عن سد عجز الموازنة على الاقتراض فقط؟ مش شايفين (لا يرون) أي حاجة من الحكومة إلا الاقتراض فقط؟».

في المقابل، دافع النائب محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة، عن لجوء الحكومة للاقتراض، قائلاً: «عندما تتم مناقشة هذه الأمور نجد البعض يصيبه الذعر ولا داعي ذلك». وأضاف: «لماذا تلجأ الدول للاقتراض، لأسباب عدة وهي؛ إطالة عمر الدين العام، وتخفيض تكلفة الأموال المقترضة، وتمويل عجز الموازنة، ودعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وتخفيض الدين العام».

وأجرت بعثة «صندوق النقد الدولي» زيارة لمصر، الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، بينما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

ويرى الدكتور عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض ليس أمراً سيئاً، فكثير من الدول الكبرى والنامية تقوم بالاقتراض، لكن الأهم هو وجهة هذه القروض، فمن الضروري استخدامها وتوجيهها لصالح مشروعات تنموية، فما كان يعيب القروض في العهود السابقة هو استغلالها استغلالاً سيئاً، وتخصيصها من أجل دعم السلع الغذائية أو دعم المحروقات، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على مصر».

وتابع: «توجيه الاقتراض يجب أن يكون إلى المشاريع التنموية التي تدر عائداً، ومع عملها وإنتاجها أسدد من عائدها القروض، مع مراعاة أن تكون نسبة الفوائد بسيطة، مع مراقبة المصروفات في هذا القرض من جانب البرلمان».

وعن الانتقادات بشأن رؤية الحكومة للاقتراض، قال: «الأجدر بالمعارضين للقروض أن يرشدوا ويقدموا وسائل أخرى للحكومة من وجهة نظرهم، فنحن في وطن واحد يجب أن نتكاتف جميعاً فيه في ظل الظروف المحيطة بنا».

في المقابل، يرفض ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» «الاقتراض الخارجي بأي صورة وبأي شكل من الأشكال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنمية يجب أن تكون بالاعتماد على الذات، وتجنُّب تلقي المنح والمعونات، مع ترشيد الإنفاق العام، فالقروض الخارجية وصلت إلى مستوى لا تتحمله الموازنة العامة للدولة، وخدمة الدين تلتهم الميزانية».

وأضاف: «يتوجب على الحكومة الحالية أن تستجيب لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ترشيد الاقتراض الأجنبي، وعدم التوسع فيه، لكن الموافقات الأخيرة، هي مبلغ ضخم يأتي عكس ما طالب به الرئيس، وبالتالي الحكومة تحمِّل الأجيال الجديدة عبء عدم قدرتها على إدارة أمور البلاد؛ لذا نرفض هذه السياسة الحكومية شكلاً وموضوعاً، وإذا كان وزير المالية يقول إننا نُسدد أكثر من الاقتراض، فنحن نطالب الحكومة بأن نسدد ولا نقترض».