استجابة فاترة لدعوة غوايدو للتظاهر... ومادورو يفاخر بدعم الجيش

الرئيس الفنزويلي دعا إلى الاستعداد لمواجهة «التدخل العسكري الأميركي الوشيك»

فنزويليون يُشيِّعون طفلاً في الـ14 قُتل خلال مظاهرات ضد حكومة مادورو أمس (إ.ب.أ)
فنزويليون يُشيِّعون طفلاً في الـ14 قُتل خلال مظاهرات ضد حكومة مادورو أمس (إ.ب.أ)
TT

استجابة فاترة لدعوة غوايدو للتظاهر... ومادورو يفاخر بدعم الجيش

فنزويليون يُشيِّعون طفلاً في الـ14 قُتل خلال مظاهرات ضد حكومة مادورو أمس (إ.ب.أ)
فنزويليون يُشيِّعون طفلاً في الـ14 قُتل خلال مظاهرات ضد حكومة مادورو أمس (إ.ب.أ)

أصيبت جهود المعارضة الفنزويلية لإزاحة النظام بانتكاسة أخرى نهاية الأسبوع الماضي، عندما باءت جهود الرئيس المكلّف خوان غوايدو لإحداث شرخ في صفوف القوات المسلحة بالفشل، وانتهت كمحاولة لم تثمر سوى بعض النتائج الرمزية.
وكان غوايدو، الذي اعترفت بشرعيته أكثر من خمسين دولة، قد طلب من مؤيديه الانتشار أمام الثكنات العسكرية، وإقناع العسكريين بالانشقاق عن نظام مادورو؛ لكن لم يتجاوب مع دعوته سوى مئات من الأشخاص الذين سلّموا وثيقة إلى بعض أفراد القوات المسلّحة.
أما مادورو، فقد ظهر مفاخراً بدعم الجيش له في استعراض عسكري، طالب خلاله القوات المسلّحة بالولاء المطلق، ودعاها إلى الجهوزية التامة لمواجهة ما وصفه بـ«التدخل العسكري الأميركي الوشيك»، قائلاً إن «علينا أن نكون مستعدين وجاهزين للدفاع عن الوطن بالسلاح، إذا تجرّأت الإمبراطورية الأميركية على مسّ هذا التراب». وكانت قد سرت إشاعات قبل ذلك عن انشقاقات عسكرية، بعد أن قُتل أربعة جنود وشرطيّان في كمين تعرّضوا له وسط البلاد.
وجاءت هذه التصريحات لمادورو، الذي بدا واثقاً أكثر من الأيام السابقة، بعد العمليّة التي قادها غوايدو مع مجموعة من المنشقّين لإطلاق سراح الزعيم المعارض ليوبولدو لوبيز من منزله؛ حيث كان يقضي عقوبة بالإقامة الجبرية منذ ثلاث سنوات، والتي كانت تهدف إلى التحريض على تمرّد عسكري أوسع لم يحصل، وانتهت بمواجهات دامية بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وبدأ الغموض الكثيف الذي أحاط بالأحداث المتسارعة التي شهدتها فنزويلا منذ الثلاثاء الماضي، يتكشّف في الساعات الأخيرة، عن حقيقة ما حصل والأسباب التي أدّت إلى إخفاق محاولة أخرى لزعزعة الدعم العسكري للنظام.
وتقول مصادر مطّلعة من المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن مساعي التحضير لتلك الخطوة بدأت أواخر فبراير (شباط) الماضي، باتصالات سرّية مع بعض الأفراد في الحلقة الضيّقة، المدنية والعسكرية، المحيطة بمادورو، وذلك بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، التي تعتبر المعارضة أن دعمها هو العامل الحاسم لإسقاط النظام؛ لكنها لا تميل، في غالبيتها، إلى استخدام القوة العسكرية الخارجية، وتفضّل مواصلة الضغط بكل الوسائل الأخرى لزعزعة النظام من الداخل.
وتفيد المصادر بأن الاتصالات مع مقرّبين من مادورو بلغت مرحلة متقدّمة مطلع الشهر الماضي، مهّدت لوضع خطة تشكّل مخرجاً سلميّاً من الأزمة، عن طريق إصدار المحكمة العليا قراراً بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجاري. وتؤكد المصادر أن الخطة كانت تحظى بتأييد رئيس المحكمة العليا، ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو، وقائد الحرس الرئاسي ووزير الداخلية. وشارك في تلك الاتصالات، التي وصفها أحد المعنيين بالشّاقة والدقيقة جداً، قضاة في النيابة العامة وقيادات عسكرية ومدنية، وبعض كبار المسؤولين في وسائل الإعلام.
وقد لعب مسؤولون سابقون في أجهزة المخابرات العسكرية خلال عهد شافيز، يعيشون اليوم في الخارج، دوراً رئيسياً في الاتصال بالحلقة الضيّقة حول مادورو، والضغط عليها عبر وسطاء وأقرباء داخل فنزويلا وخارجها. وتركّزت محاولات الإغراء والإقناع على الضمانات بالعفو عن المعنيين، وحذف أسمائهم من قائمة العقوبات الأميركية، وتسهيل خروجهم من البلاد. ويذكر أنه بعد فشل المحاولة، أكّد المبعوث الأميركي إلى فنزويلا، إليوت أبرامز، أنه كان قد تمّ التوصّل إلى وثيقة حول تلك الضمانات، شملت أيضاً «خروجاً لائقاً» من الحكم لمادورو.
وتقول المصادر إن تلك الاتصالات مع شخصيّات نافذة في النظام، بلغت مرحلة النضج عندما أعطى وزير الدفاع موافقته، مشترطاً ألا يكون إسقاط مادورو عن طريق تمرّد أو انقلاب عسكري؛ بل عبر مخرج قانوني في إطار المؤسسات الدستورية. وتؤكد المصادر أن موافقة بادرينو كانت مطلقة، رغم أن الأحداث اللاحقة بيّنت أنّه لعب دور العميل المزدوج لإفشال الخطة. ويلفت في المعلومات ما قالته المصادر بأن جهات المعارضة المعنيّة كانت على اتصال بعدد من الحكومات الغربية، مثل كندا وألمانيا وفرنسا، بعلم من واشنطن؛ لكن من غير إطلاع إسبانيا، رغم دورها المحوري أوروبياً في الأزمة، ودفعها الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بشرعية خوان غوايدو رئيساً بالوكالة.
ويعود ذلك، في رأي المعنيين، إلى أن المعارضة الفنزويلية لا تشعر بثقة كاملة تجاه حكومة بيدرو سانشيز، علماً بأن لوبيز اختار اللجوء إلى السفارة الإسبانية بعد إطلاق سراحه.
اعتباراً من هذه المرحلة تبدأ المعلومات في التضارب، إذ يقول البعض إن ظهور غوايدو ولوبيز المفاجئ لم يكن مدرجاً ضمن الخطة، وإن الخطوة كانت متسرّعة، وأجهضت الشق الثاني والأهم منها. لكن مصادر مقرّبة من غوايدو تعزو ذلك إلى أن معلومات كانت قد بدأت تتسرّب عن الخطة، مما أدّى إلى التخوّف من الاعتقال واتخاذ القرار السريع بتغيير السيناريو. وثمّة من يؤكد أن الولايات المتحدة لم تكن على علم بالتعديلات الأخيرة في الخطة، وأن القرار كان أحادياً من طرف لوبيز، وأن غوايدو تجاوب معه بصفته عرّابه ومثاله السياسي.
ويقول مسؤول دبلوماسي أوروبي شارك في الاجتماع الذي عقده خوان غوايدو يوم الخميس الماضي، مع عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين في كاراكاس، إن «الرئيس المكلّف أعطى الانطباع بأنه لم يكن له دور أساسي في الأحداث الأخيرة»، واعترف بأن إطلاق سراح لوبيز لم يثمر النتائج المنشودة؛ لكنه أكّد أن محاولة شق صف القيادات العسكرية «كانت خطوة أولى ولم تكن مطروحة كحل نهائي».
المؤشر الأوّل على فشل المحاولة جاء من واشنطن، في تصريحات مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي دعا ثلاثة من كبار المسؤولين في النظام الفنزويلي، وزير الدفاع ورئيس المحكمة العليا وقائد الحرس الوطني، إلى الوفاء بالعهود التي قطعوها في محادثاتهم مع المعارضة للتخلّي عن مادورو. ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو الذي أكّد أن طائرة كانت معدّة لنقل مادورو إلى الخارج، وأن روسيا أثنته عن ذلك؛ لكن موسكو نفت تلك المعلومات.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».