اتهامات متبادلة بالفساد بين القوى السياسية في نينوى

على خلفية الصراع الطاحن على المنصب الأول في المحافظة العراقية

TT

اتهامات متبادلة بالفساد بين القوى السياسية في نينوى

على الرغم من توقع قرب التوصل إلى اتفاق لاختيار محافظ جديد لمحافظة نينوى العراقية، خلفا لنوفل العاكوب الذي أقاله البرلمان العراقي على خلفية تهم بالفساد والتقصير إثر حادث غرق العبارة في الموصل في مارس (آذار) الماضي مما أدى إلى غرق عشرات العراقيين، تتواصل الصراعات بين القوى السياسية في المحافظة، وباتت الاتهامات المتبادلة بين تلك الأطراف بالفساد ودفع الرشى لـ«خطف» مناصب المحافظ علانية وتجري على كل لسان.
واتهم النائب عن محافظة نينوى منصور المرعيد، وهو شخصية سنية منضوية ضمن تحالف «العطاء» الذي يقوده رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض، أمس، القيادي بتحالف «المحور» السني النائب فلاح حسن زيدان بأنه «بؤرة فساد». وقال المرعيد في بيان: «شخصيا عملنا قبل أكثر من عام ونصف العام على إقالة المحافظ وحل مجلس محافظة نينوى لكن زيدان وغيره هم من وقفوا بالضد من ذلك، وإن زيدان هو بؤرة الفساد ويتكلم حاليا عن فساد مجلس نينوى»، لافتا إلى أن «زيدان ومن معه يحاولون تمرير مرشحيهم لمنصب المحافظ من خلال الضغط على مجلس المحافظة».
وحيال هذه الاتهامات، صرح الزيدان ببيان مماثل، أمس، واتهم المرعيد بـ«دفع أموال للفاسدين» للظفر بمنصب محافظ نينوى. وقال زيدان في بيانه إن «ما صرح به النائب منصور المرعيد الطامع أن يكون محافظاً لنينوى عار عن الصحة، وكلامه عبارة عن بهتان وزور». وأضاف زيدان: «قبل سنة ونصف عندما حاول مجلس محافظة نينوى إقالة العاكوب لم يكن المرعيد سوى مقاول دفع الأموال لبعض الفاسدين ليكون محافظاً في صفقة فساد مكشوفة، ولدينا شهود على ذلك مستعدون أن يشهدوا أمام أي لجنة نيابية يشكلها مجلس النواب». وتابع زيدان أن المرعيد «لا يصلح أن يكون نائباً أو محافظاً وهو يدفع الأموال، ولهذا نوضح ذلك لأهلنا في نينوى وفي العراق».
وتبدو قصة الصراع السياسي في الموصل من أجل الظفر بمنصب المحافظ غريبة وغير مسبوقة في تاريخ محافظة نينوى وبقية المحافظات العراقية، حيث يتنافس هناك طيف واسع من القوى التي تتداخل فيها الشخصيات السنية والشيعية القريبة من «الحشد الشعبي» بجانب القوى الكردية. ويقول مصدر قريب من أجواء الصراع في نينوى هذه الأيام، إن «بوادر الصراع للفوز بمنصب المحافظ بدأت عقب إزاحة المحافظ السابق مباشرة، وكان أطرافها، رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والقوى القريبة منه، وتحالف خميس الخنجر مع أحمد الجبوري، إضافة إلى قوى مقربة من تحالف البناء الحشدي». ويضيف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر الغريب في صراع نينوى اليوم، أن كل فريق من المتصارعين يضم طيفا واسعا من الشخصيات السنية والشيعية والكردية، كما أنه ولأول مرة تدخل شخصيات سنية من خارج نينوى، مثل الحلبوسي والخنجر حلبة المنافسة للحصول على منصب المحافظ وإسناده لأحد حلفائها».
ويرجّح المصدر «عمليات البيع والشراء والمساومة على المنصب»، ويقول: «هناك كلام شبه موثق يفيد بأن إحدى الكتل عرضت مبلغ 250 ألف دولار وسيارة (GMC) حديثة لكل عضو في المحافظة مقابل ضمان تصويته على مرشحها لمنصب المحافظ».
من جانبه، أكد عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع «حالة الصراع الشرس الدائر هذه الأيام بين الكتل السياسية حول منصب المحافظ». ويرى الوكاع في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أكبر مشكلة تعاني منها نينوى اليوم هو صراع القوى السياسية داخل البرلمان الاتحادي حول المنصب، علما بأن كثيرا من تلك القوى ليس لها وجود أو تمثيل في نينوى، لذلك حين أراد مجلس نينوى انتخاب محافظ جديد هدد من قبل مجلس النواب بالتصويت على حله». ويشير الوكاع إلى أن «نينوى ومجلسها اليوم صارا ضحية تلك الصراعات، وبدلا عن التركيز على إعادة إعمار المحافظة المحطمة، تحوّل الموضوع بعد أكثر من عام على طرد (داعش) إلى مجرد صراع على منصب المحافظ». ويرجّح الوكاع «تراجع الخلافات بين الكتل وانتخاب محافظ جديد في غضون الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد وصول قرار المحكمة الإدارية المتعلق بقانونية إقالة المحافظ السابق». ويشير إلى أن «عضو المحافظ الحالي حسام العبار هو الأوفر حظا للفوز بمنصب المحافظ الجديد».
ويتفق عضو البرلمان السابق عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي، على أن العضو الحالي في مجلس نينوى حسام العبار هو الأوفر حظاً من بين المرشحين لشغل منصب المحافظ. وكتب اللويزي في صفحته على «فيسبوك» أن «اختيار العبار يمكن أن يرضي رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لأنه يريد مرشحاً منتمياً لإحدى الجهات المتحالفة معه في نينوى»، كما أنه يرضي (رئيس الحشد) فالح الفياض، من خلال الإتيان بشخصية من الحزب الإسلامي وشركائه في تحالف (عطاء). ورأى أن اختيار العبار يمكنه أن يؤدي أيضاً إلى «ضرب مشروع (أسامة) النجيفي المؤيد لبقاء مزاحم الخياط (رئيس خلية الأزمة الحالي في نينوى)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».