الأمم المتحدة تطالب بـ «هدنة إنسانية» في ليبيا

منشقون عن مجلس النواب يعيّنون رئيساً جديداً في طرابلس

TT

الأمم المتحدة تطالب بـ «هدنة إنسانية» في ليبيا

وسط استمرار الاشتباكات المتقطعة جنوب العاصمة الليبية، دعت الأمم المتحدة، أمس (الأحد)، إلى هدنة إنسانية لمدة أسبوع، في ظل محاولات يقوم بها «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر منذ 4 أسابيع لانتزاع السيطرة على طرابلس.
ودعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان أوردته «رويترز»، الطرفين المتحاربين إلى هدنة تبدأ صباح اليوم (الاثنين)، الساعة 04:00 بالتوقيت المحلي، بالتزامن مع بدء شهر رمضان المبارك. وقالت البعثة إنها تدعو «كل الأطراف المنخرطة في القتال، عملاً بروح المناسبة، كما باتفاقية حقوق الإنسان، إلى هدنة إنسانية، مدتها أسبوع، تبدأ في الرابعة من صباح الأول من رمضان، الموافق السادس من مايو (أيار) الحالي، وتكون قابلة للتمديد، تتعهد كل الأطراف خلالها بوقف العمليات العسكرية بمختلف أنواعها، من استطلاع وقصف وقنص واستقدام تعزيزات جديدة لساحة القتال».
ودعت البعثة أيضاً «كل الأطراف للسماح بإيصال المعونات الإنسانية لمن يحتاجها، وبحرية الحركة للمدنيين خلال هذه الهدنة، كما تدعوها للبدء بتبادل الأسرى والجثامين، وهي على أتم الاستعداد لتوفير الدعم اللازم لذلك».
ولفتت «رويترز» إلى أنه لم يرد تعليق من الجيش الوطني الليبي، ولا من الحكومة المعترف بها دولياً في العاصمة. لكنه أمكن سماع قصف بالمدفعية في الضواحي الجنوبية للعاصمة، حيث يحاول «الجيش الوطني الليبي» اختراق دفاعات قوات حكومة طرابلس.
في غضون ذلك، أعلن أعضاء موالون لحكومة «الوفاق» التي يقودها فائز السراج ومنشقون عن مجلس النواب الليبي، عن تعيين الصادق الكحيلي رئيساً جديداً للمجلس، بدلاً من عقيلة صالح، الرئيس الحالي للمجلس الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقراً له. واختار عشرات الأعضاء في جلسة عقدوها أمس في طرابلس، عضو المجلس عن منطقة تاجوراء رئيساً مؤقتاً للمجلس، علماً بأنه كان قد أدار باعتباره العضو الأكبر سناً أول جلسة عقدها المنشقون عن البرلمان يوم الخميس الماضي بطرابلس.
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من مجلس النواب على هذه الخطوة، التي تعكس تزايد حدة الانقسام السياسي في البلاد.
ووسط معارك، أصبح الكرّ والفرّ هو طابعها، واصلت قوات «الجيش الوطني» محاولة «اختراق الدفاعات الحصينة للقوات الموالية لحكومة الوفاق في الضواحي الجنوبية من المدينة». وقالت «الكتيبة 166 مشاة» التابعة للجيش الوطني، إنها نفذت، أمس، ما وصفته بعملية نوعية من محورين، بمحيط العزيزية، استهدفت فيها مواقع للميليشيات، وأدت إلى مقتل 6 من أفرادها وتدمير آلية عسكرية. وكان الجيش الوطني أعلن في بيان لغرفة عملياته في طرابلس، مساء أول من أمس، أن طائراته شنت 14 غارة على مواقع للميليشيات المسلحة في مناطق مختلفة حول طرابلس. وهدد بأن الجيش سيقصف كل مواقع هذه الميليشيات إذا استمرت في البقاء داخل المدينة.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج إفادة بشأن تقدم قواته من محور الطويشة باتجاه مطار طرابلس، فيما شنت طائرات تابعة للوفاق، انطلقت من مدينة مصراتة في غرب البلاد، غارات استهدفت مواقع تابعة للجيش الوطني، بالإضافة إلى مخازن أدوية ومواد غذائية في منطقتي وادي الربيع وعين زارة بجنوب العاصمة.
وأعلنت وزارة الصحة بحكومة السراج، مساء أول من أمس، حالة الطوارئ في مستشفيات طرابلس وبعض البلديات الأخرى، واستدعاء العناصر الطبية للعمل. وطمأنت المواطنين بوجود مخزون استراتيجي من الأدوية ومواد التشغيل تكفي لأشهر قادمة، وأن الوضع الصحي تحت السيطرة، مشيرة إلى أن عدد قتلى الاشتباكات بلغ 187 قتيلاً، بالإضافة إلى 1257 جريحاً.
إلى ذلك، طالبت مؤسسة النفط، الموالية لحكومة السراج، بالإفراج الفوري عن رئيس اتحاد عمال النفط سعد الفاخري وعودته سالماً، بعدما تم اعتقاله من قبل مجموعة من المسلحين في مدينة سلوق على بعد 50 كيلومتراً، جنوب مدينة بنغازي بشرق ليبيا.
على صعيد آخر، ألقى حامد الخيالي، عميد بلدية سبها، باللوم على حكومة السراج في الهجوم الدامي الذي استهدف أول من أمس معسكراً للجيش الوطني، أسفر عن مقتل 9 جنود في مدينة سبها بجنوب البلاد.
وندد الخيالي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بموقف حكومة فائز السراج بشدة، وتساءل: «ماذا فعل هؤلاء الشهداء لهذه الحكومة؟ إنهم كانوا في معسكرهم آمنين». وأضاف: «ثبت أن طرابلس تدعم الإرهاب والمجرمين»، مشيراً إلى أن «المجرمين الذين هاجموا المعسكر قطعوا رأس شاب يبلغ من العمر 18 عاماً... وأحرقوا جثة والده بالنار، والبقية قتلوهم ذبحاً». وأوضح أن «المهاجمين قاموا عقب الهجوم بتفخيخ الطريق... وهم يوجدون في ضواحي مدينة سبها. وبدأ الجيش الوطني مهمته الآن لاستعادة السيطرة والقضاء على هؤلاء المجرمين. إنها مسألة وقت فقط».
ونددت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بالهجوم، الذي تبناه تنظيم «داعش».


مقالات ذات صلة

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».