بري يحاول مصالحة «الاشتراكي» و«حزب الله»

جمعهما في مقره... لكن الطرفين متمسكان بمواقفهما

TT

بري يحاول مصالحة «الاشتراكي» و«حزب الله»

يبذل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري جهوداً لرأب الصدع بين حليفيه «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» بعدما وصلت العلاقة بينهما إلى مرحلة من الخصومة وصفت بالأكثر توتراً، بعد تصعيد «حزب الله» وحلفائه الحملة على زعيم «الاشتراكي» وليد جنبلاط، إثر تشكيكه بلبنانية مزارع شبعا، ورفضه إعادة العمل في معمل الإسمنت في منطقة عين داره في عاليه.
ونجح بري أمس في جمع مسؤولين من الطرفين في مقره بعين التينة، إلا أن نتائج اللقاء لا يبدو أنها كانت على قدر آماله، إذ قالت مصادر مطلعة إنه «لا تبدّل في مسار العلاقة، والأمور بقيت على ما هي عليه»، فيما أعلن وزير المال علي حسن خليل أنه «تم الاتفاق على استكمال النقاشات بروح إيجابية».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الطرفين استجابا لدعوة بري للّقاء، وأعاد كل منهما التأكيد على مواقفه وشرح وجهة نظره في القضايا الخلافية الأخيرة، إنْ حيال مزارع شبعا أو معمل عين داره في عاليه الذي لا يزال الاشتراكي يرفض العمل به، بينما يؤكد (حزب الله) على قانونيته، مستنداً في ذلك إلى قرار الحكومة ومجلس شورى الدولة». من هنا لفتت المصادر إلى أن اللقاء لم يغيرّ في مسار العلاقة شيئاً، ولا تزال الأمور حتى الآن على ما هي عليه.
وكان قد حضر اللقاء الذي ترأسه بري، وزير الصناعة وائل أبو فاعور، والوزير والنائب السابق غازي العريضي عن «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وعن «حزب الله» المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل، ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، وعن حركة «أمل» وزير المالية علي حسن خليل، وأحمد بعلبكي.
وقال خليل بعد الاجتماع: «كانت جلسة نقاش صريحة وواضحة، تناولت كل القضايا بين وفدي الطرفين، واتفقا أن تستكمل هذه النقاشات بروح إيجابية، وصولاً إلى ما تطمح إليه كل الأطراف». ورداً على سؤال حول مزارع شبعا، التي سبق لجنبلاط أن اعتبر أنها ليست لبنانية، قال: «بالنسبة إلينا، مزارع شبعا مسألة محسومة. هي لبنانية، وجرى التأكيد على ذلك بشكل واضح، بالتزام كل الفرقاء اللبنانيين على طاولة الحوار في العام 2006. وهذا موضوع برأيي خارج النقاش كلياً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».