أنقرة تراجع مع موسكو انتشار قواتهما في تل رفعت

TT

أنقرة تراجع مع موسكو انتشار قواتهما في تل رفعت

أعلنت أنقرة أنها تراجع مع موسكو انتشار القوات التركية والروسية في تل رفعت شمال حلب، بعد يوم من مقتل جندي تركي في قصف لمسلحي الوحدات الكردية.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، إن مسؤولين من تركيا وروسيا يراجعون انتشار قوات البلدين في منطقة تل رفعت الحدودية السورية. وأضاف أوكطاي، في مقابلة تلفزيونية أمس (الأحد) أن تركيا وروسيا تناقشان التطورات في المنطقة وإن العمليات العسكرية التركية على طول الحدود ستتواصل حتى يتم القضاء على جميع التهديدات.
وتابع: «الاتفاق هو أن نتوقف هناك (في تل رفعت) لكن إذا استمرت هذه الهجمات فإن الأمر قد يأخذ شكلا مختلفا. ونناقش هذا مع روسيا».
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن 4 جنود أتراك قتلوا وأصيب اثنان آخران في هجومين منفصلين لمسلحي الوحدات الكردية من منطقة تل رفعت على عفرين وحزب العمال الكردستاني من شمال العراق على هكاري جنوب شرقي تركيا، أول من أمس ورد الجيش التركي على الهجومين بقتل 28 مسلحا. وأفادت الوزارة، في بيان، بـ«مقتل ضابط تركي وإصابة آخر بجروح خطيرة في هجوم لمسلحي وحدات حماية الشعب من منطقة تل رفعت، على منطقة عفرين، وتم قصف مواقع لوحدات حماية الشعب ردا على الهجمات في إطار حق الدفاع عن النفس».
وقالت مصادر عسكرية تركية، أمس، إن غارات جوية تركية قتلت 5 مسلحين من عناصر حزب العمال الكردستاني شمال العراق في إطار عملية للرد على هجومي السبت. وأوضحت المصادر أن الغارات الجوية استهدفت المنطقة عبر الحدود مع إقليم هكاري في جنوب شرقي البلاد، وأن عملية الجيش في المنطقة مستمرة.
ودفع الجيش التركي بالمزيد من التعزيزات من الجنود والآليات العسكرية إلى الوحدات المنتشرة بطول الحدود مع سوريا أمس.
وكان وزير الدفاع خلوصي أكار وقادة القوات المسلحة عقدوا اجتماعا في مركز عمليات الجيش التركي فور وقوع الهجومين وتقرر البدء في عمليات منفصلة في شمال سوريا وشمال العراق ردا على هجومي تل رفعت وهكاري. وتحركت المقاتلات التركية على الفور وقصفت بعض مواقع الأكراد في شمال العراق وتم الرد على الهجوم الذي وقع من تل رفعت في شمال سوريا. يشن الجيش التركي بانتظام، غارات جوية على المسلحين الأكراد في شمال العراق. وسبق أن قصف المواقع التي كانت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية السورية في منطقة تل رفعت ردا على إطلاق النار من جانبها. وتخضع منطقة تل رفعت لسيطرة قوات يقودها الأكراد وتقع على بعد نحو 20 كيلومترا شرق عفرين، التي تخضع لسيطرة تركيا وحلفائها من الجيش السوري الحر منذ عملية أُطلقت العام الماضي لطرد وحدات حماية الشعب.
وفي مارس (آذار) الماضي، قالت وزارة الدفاع التركية إن القوات التركية والروسية قامت بأول دوريات «مستقلة ومنسقة» في منطقة تل رفعت.
بالتزامن، أعلنت فصائل سورية مدعومة من تركيا سيطرتها على قريتي مرعناز والمالكية في ريف حلب الشمالي، في عملية مشتركة ضد الوحدات الكردية في تل رفعت، انطلقت بعد الإعلان عن مقتل ضابط تركي وإصابة آخر. وكانت مصادر محلية في أعزاز، الواقعة ضمن مناطق سيطرة تركيا والجيش السوري الحر في منطقة «درع الفرات»، أشارت إلى وقوع اشتباكات بين القوات التركية ووحدات حماية الشعب، وأن المدفعية التركية قصفت قرية مرعناز، وحدود قرى مدينة تل رفعت، وأن الاشتباكات أسفرت عن إصابة 3 جنود أتراك، ولقي أحدهم مصرعه لاحقا. كما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر محلي في حماة أن مروحيات الجيش التركي بدأت إخلاء نقطة المراقبة التركية في جبل شحشبو بريف حماة الغربي. ونفت مصادر أخرى سقوط أي قتلى أو جرحى بصفوف الجنود الأتراك في نقطة المراقبة الواقعة في جبل شحشبو بريف حماة الغربي الذي تتقاسم السيطرة فيه عدة فصائل على رأسها فصيل «حراس الدين» المبايع لتنظيم «القاعدة» الإرهابي وتنظيم «أنصار التوحيد» المبايع لتنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى بعض الفصائل الموالية لتركيا.
وأشارت المصادر إلى أن الطيران المروحي التركي نقل أول من أمس أعدادا من قواته المتمركزة في نقطة المراقبة تمهيدا لإكمال إخلائها، لكن أنقرة لم تؤكد أو تنف هذه المعلومات. وشهدت الأيام الأخيرة تكثيف قوات النظام السوري هجماتها الجوية والصاروخية على محيط نقاط المراقبة التركية وصولاً إلى سقوط صواريخ على إحدى النقاط، أول من أمس، ووقوع عدد من الإصابات بين الجنود الأتراك، وقامت مروحيات تركية بنقل الجرحى تحت غطاء جوي من مقاتلات الجيش. وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن جنديين تركيين أصيبا بجروح، نتيجة هجوم بقذائف هاون جرى تنفيذه انطلاقا من أراض يسيطر عليها النظام السوري، على موقعٍ قريبٍ من نقطة مراقبة تركية في منطقة «خفض التصعيد» في إدلب، فيما قالت وكالة الأناضول الرسمية إن «الموقع جرى استهدافه بالمدفعية من قبل قوات النظام و«الإرهابيين الأجانب» المدعومين من إيران، يقع بالقرب من نقطة المراقبة التركية رقم 10، الواقعة في منطقة الزاوية جنوب إدلب وشمال غربي حماة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.