نماذج كومبيوترية تكافح «الملاريا»

كشف المخطط الجيني للطفيلي المسبب لها

باحثو جامعة «كاوست» أصحاب الدراسة
باحثو جامعة «كاوست» أصحاب الدراسة
TT

نماذج كومبيوترية تكافح «الملاريا»

باحثو جامعة «كاوست» أصحاب الدراسة
باحثو جامعة «كاوست» أصحاب الدراسة

طور علماء من «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية» (كاوست)، نموذجاً كومبيوترياً قد يكشف عن نقاط الضعف غير المعروفة لدى طفيل البعوض «المتصوِّرة» (Plasmodium)، بوصفه النوع الأكثر فتكاً من الطفيليات المسببة للملاريا، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى وجود 212 مليون حالة إصابة بها حول العالم. وينتشر طفيل «المتصوِّرة» بلا هوادة من جسم عائل إلى آخر، ولكن مع هذا الكشف، يمكن استغلال نقاط الضعف تلك في سبيل الوصول إلى خيارات جديدة لعلاج هذا المرض.
- كشف المخطط الجيني
يحتاج طفيل «المتصوِّرة» إلى عائلٍ فقاري وبعوضة للتكاثر واستكمال دورة حياته، من دون ذلك يكون فقط عبارة عن لدغات حشرات غير مؤذية. ويتكاثر طفيل «المتصوِّرة»، وينتشر بسرعة من البعوض إلى العائل البشري، مسبباً الإصابة بـ«الملاريا»، ووفاة ما يقرب من نصف مليون شخص حول العالم كل عام.
يصيب طفيل «المتصوِّرة» أحادي الخلية، خلايا الدم الحمراء، ويتكاثر، وينتقل من عائلٍ إلى آخر متخذاً أشكالاً مختلفة. ويتمثل أحد أوجه القصور الرئيسية لأدوية «الملاريا» الحالية في أنها لا تعالج إلا شكل «المتصوِّرة»، الذي يسبب أعراض «الملاريا» النشطة. في حين أن العلاجات إذا كانت تستهدف شكل الطفيل الناقل، أو المسبب للمرض، فقد تقضي على المرض في مهده.
وسعياً لإيجاد أهداف محتملة لعقاقير علاج «الملاريا»، بحثت طالبة الدكتوراه علياء عبد الحليم وزملاؤها في المخطط الجيني لطفيل «المتصوِّرة». وركزوا على الجينات المشاركة في عملية الاستقلاب (التمثيل الغذائي)، وهي التفاعلات الكيميائية التي تسمح للطفيل بالنمو والتكاثر والاستجابة لبيئته.
وتوضح الباحثة عبد الحليم أن الهدف من الدراسة كان تقديم نموذج يوضح الاختلافات الاستقلابية بين الأنواع ومراحل دورة الحياة، وذلك بغرض استكشاف استراتيجيات وأهداف علاجية جديدة.
ولتحقيق تلك الغاية ابتكر العلماء أولاً نماذج كومبيوترية جمعت بين المخطط الجيني لطفيل «المتصوِّرة»، ومعلومات حول كيفية تشغيل الجينات الاستقلابية في خمسة أنواع مختلفة، وخمس مراحل مختلفة من دورة حياتها وإيقافها، ثم حذفوا الجينات في نماذجهم، وأجروا عمليات محاكاة لمعرفة أي الجينات كانت جوهرية لإبقاء الطفيل على قيد الحياة.
- تطوير علاجي
وقد صادف العلماء بالفعل عدة أهداف محتملة. فقد كشفت عمليات المحاكاة أنه في حالة شكل الطفيل المسبب للأعراض يكون فيتامين (بي) «البانتوثينات» فيتاميناً أساسياً يحتاجه نوع «المتصورة المنجلية» (Plamodium falciparum) للتكاثر، في حين أن العامل نفسه لا يمثل أهمية كبيرة في نمو أنواع «الملاريا» التي تصيب القوارض. وحسب الباحثة علياء عبد الحليم، فإن هناك استراتيجية محتملة للتلقيح، تتمثل في منع هذا المسار المهم لنمو الطفيل، والحدِّ من بقائه وانتشاره. وتأمل عبد الحليم والمشرفان عليها تاكاشي جوجوبوري، وشين جاو، باستخدام الدعم الكومبيوتري المقدَّم من الدكتور كاتسوهيكو مينيتا، في أن يساعد نموذجهم المحاكي لطفيل «المتصوِّرة» في الكشف عن مزيد من العلاجات الدوائية. وهم يسلطون الضوء على إمكانية استخدام تلك النماذج في ترجمة النتائج عبر النماذج التجريبية والأنواع التي تصيب الإنسان. في الوقت نفسه، سيستمر الفريق في إضافة مزيد من المعلومات الوراثية حول «المتصوِّرة» عند توافرها. وتقول عبد الحليم: «إن الخطوة الأكثر أهمية هي الاستمرار في تحديث النموذج للاستخدام في المستقبل».

- خدمة «جامعة كاوست»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»