المونوفاجوس: سيدة تتناول 93 ألف عبوة مياه غازية في 64 عاماً

الجدة بيج تناولت بيبسي فقط لمدة 64 عاماً
الجدة بيج تناولت بيبسي فقط لمدة 64 عاماً
TT

المونوفاجوس: سيدة تتناول 93 ألف عبوة مياه غازية في 64 عاماً

الجدة بيج تناولت بيبسي فقط لمدة 64 عاماً
الجدة بيج تناولت بيبسي فقط لمدة 64 عاماً

هل يمكن للمرء أن يتناول الشيء نفسه مرات ومرات بشكل يومي ولسنوات طويلة؟ هل يمكن أن يدمن على طعام أو شراب بعينه فلا يرضى غيره ليكون بديلا من دون ملل؟
نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مؤخرا تقريرا يجيب بـ«نعم»، مستعرضا حالة نادرة تعرف بالاسم العلمي «مونوفاجوس»، والذي في العادة ما يتم استخدامه في وصف العادات الغذائية لبعض الحيوانات والكائنات الحية، والتي تقوم على استهلاك نوع واحد فقط لا غير من الطعام.
لكن تقرير الصحيفة البريطانية يكشف عن وجود ما يشبه حالات الـ«مونوفاجوس» بين أفراد البشر، مثل حالة جاكي بيج التي اعتادت تناول أربع عبوات من مشروب المياه الغازية بيبسي يوميا وطوال 64 عاما.
والجدة بيج (77 عاما)، من كارشلتون سري في المملكة المتحدة، لا تعيش على البيبسي منفرداً، حيث تتناول أيضا مواد غذائية متنوعة، ولكنها لا تستطيع ألا تتناول عبوات المياه الغازية الأربع بشكل يومي منذ أن كانت في الثالثة عشرة من عمرها، ما يعني أنها تناولت نحو 93.500 عبوة على مدار 23.375 يوم متتال.
وعادة ما تحرص بيج على اصطحاب عبوة بيبسي احتياطية في حقيبتها عند الذهاب لأحد المطاعم، كما تحظر حظرا تاماً دخول أنواع المياه الغازية الأخرى مثل كوكاكولا إلى منزلها.
وترفض بيج وصف عادتها بأنها إدمان، وتشرح: «هو مجرد أمر أحبه، ولا يعيبني أنني لا أحب غيره».
ولا تعلم بيج ما إذا كان السبب وراء عادتها الغريبة هو إدمانها للكافيين من عدمه، ولكنها في واقع الأمر لا تهتم كثيرا بالتفسير. ولكن غرابة حالة بيج البريطانية لا تتوقف عند هذا الحد، فالسيدة العجوز لا تشرب المياه الطبيعية، وتقول موضحة: «أنا لا أشرب المياه على الإطلاق، وحتى وإن كنت أموت عطشا فلا أشربها».
لكن يبدو أن بيج ليست وحدها، فرغم أن الإصابة بالـ«مونوفاجوس» ليس بالأمر الشائع، فإنه ليس بهذه الندرة أيضا، فقد اعتاد فنان الرسوم المتحركة أندرو هاوريلوك (23 عاما) تناول ذات الوجبة بشكل يومي بمطعم تشيبوسي للوجبات المكسيكية في لوس أنجليس على مدار 186 يوما متتابعة بلا أي تغيير.
كما أن مايك رومان من هاكينساك، بولاية نيوجيرسي الأميركية، اعتاد تناول بيتزا الأجبان من دون أي إضافات كل ليلة على العشاء طوال 37 عاما ومنذ أن كان في الرابعة من عمره، كما استمر في تناول شطيرة زبدة الفول السوداني كوجبة غذاء طوال المدة نفسها.
لكن المسألة بالنسبة لرومان تبدو مختلفة قليلا عن غيره من حالات الاشتباه بالـ«مونوفاجوس»، فهو بشكل إجمالي يفضل الالتزام بنمط روتيني ثابت حتى أدق التفاصيل، مثل الاستماع للموسيقى ذاتها ومشاهدة نفس البرامج التلفزيونية والأفلام، فهو يحب «الروتين»، كما أوضح.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».