استعدادات خجولة لاستقبال شهر رمضان جنوب سوريا

TT

استعدادات خجولة لاستقبال شهر رمضان جنوب سوريا

«لم يعد كما تعوّدت عليه أهالي درعا سابقاً»، بهذه الكلمات بدأت «أم زياد» من مدينة درعا حديثها عن قدوم شهر رمضان الكريم والاستعدادات له. وقالت ذات الستين من العمر وتجاعيد العمر اخترقت وجهها الأسمر: «بعدما كان شهر رمضان وقتاً لمجمع أفراد العائلة وعودة المغتربين ولقاء الأحبة، أصبحت طقوس شهر رمضان غائبة عن معظم العائلات السورية، إذ لا تخلو عائلة من فقيد أو معتقلٍ أو لاجئٍ خارج سوريا أو نقص مادي».
وشكت «أم زياد» من عدم قدرتها على توفير متطلبات الشهر لعائلتها من تخزين المواد الأساسية والغذائية من الطعام والشراب، وقالت: «سنكون مُجبرين على ترك أطعمة كثيرة اعتدناها على موائد رمضان، مؤكدة أن معظم الأهالي يتشاركون هذا الواقع الاقتصادي السيّئ، وتمنت لو جاء هذا الشهر بحال أفضل على سوريا كما كان سابقاً».
بينما يمشي «أبو وسيم» وفي يده بضع حاجيات استعداداً لاستقبال شهر رمضان، وقال: «نحاول الاستعداد بالمواد الغذائية والتموينية لاستقبال شهر رمضان، لكن معظم العائلات تعاني النقص في تأمين المستلزمات الرمضانية كتخزين الأرز والطحين واللحوم والخضراوات، فمعظم العائلات تعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة، نتيجة ارتفاع الأسعار وقلة الدخل وندرة فرص العمل، وأصبح شاغل الأهالي حساب قيمة الإنفاق الكبير على الطعام والشراب؛ بسبب الغلاء الكبير في أسعار جميع المواد وخاصة الغذائية التي ارتفعت أسعارها قبيل قدوم شهر رمضان، دون رقابة أو محاسبة.
وتابع: «معدل الحاجيات اليومية في شهر رمضان لكل أسرة يصل إلى 5 آلاف ليرة يومياً، ومعظم سكان المنطقة يعتمدون على رواتب الموظفين وأجور اليد العاملة، التي لا تكفي لسد احتياجات الأسرة لأول أيام شهر رمضان فقط».
وقال أحد السكان المحليين في درعا إن «أسواق جنوب سوريا شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية والتموينية، بعد ازدياد طلب الأهالي عليها لتخزينها في شهر رمضان»، وأشار إلى أن تفاوت الأسعار بدأ منذ أسبوع حيث ارتفعت أسعار الخضراوات بشكل عام بنسبة 25 في المائة عما كانت عليه قبل أسبوع، حيث وصل سعر الكيلو غرام الواحد من البندورة إلى 400 ليرة سورية، بينما المواد التموينية الأساسية كالأرز والسكر والزيوت النباتية ارتفعت أسعارها بنسبة 20 في المائة فقد وصل سعر كيلو السكر إلى 300 ليرة سورية، أما اللحوم فقد وصل سعر الكيلو الواحد من اللحوم البقرية إلى 4500 ليرة سورية، والكيلو من لحم الأغنام وصل إلى 5500 ليرة، وسعر الكيلو غرام من الفروج وصل إلى 1200 ليرة سورية، ومع ارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية للأهالي تراجعت القوة الشرائية في الأسواق، وباتت الأهالي تفتقد للكثير من المواد في استعدادها لقدوم شهر رمضان».
الأسواق في جنوب سوريا (درعا - القنيطرة) تشهد ركوداً، بحسب «أبو إياد» صاحب أحد المحال التجارية في ريف درعا الغربي حيث كانت مثل هذه الأيام سابقاً تشهد حركة إقبال وشراء كبيرة على المواد الغذائية والتموينية وكانت الأسواق تغص بالناس والبضاعة، «لكن الغلاء الذي شمل كافة المجالات الحياتية أنهك العائلات وبات هم مسؤول الأسرة سد رمق عائلته وتدبير أمور كل يوم دون التخزين والاحتياط لأيام أو شهر، فكل شيء غال على العائلات محدودة الدخل».
وتقتصر الحركة الشرائية على فئة بسيطة في المجتمع هي الجمعيات الخيرية التي باتت محدودة أيضاً وعلى العائلات التي لديها مغتربون من أبنائها خارج البلاد، حيث إن فرق صرف العملة الأجنبية عن الليرة السورية ساعد مثل هذه العائلات لأن تكون حالها أفضل، وأكد شاهد عيان أن أسعار المواد الغذائية تضاعفت عن العام السابق من مصادرها بالتزامن مع قلة المحروقات كالمازوت والبنزين والغاز في البلاد؛ وشرائها من السوق السوداء بسعر يساوي ثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي إذ وصل سعر اللتر الواحدة من البنزين إلى 800 ليرة سورية، واللتر الواحد من مادة المازوت وصل إلى 700 ليرة سورية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البضاعة في المعامل وارتفاع أجرة نقلها، وبالتالي ارتفاع سعر المواد على المستهلك، وخاصة التي تدخل في الموائد الرمضانية لتزايد الطلب عليها كالتمور، والعصائر، والأجبان، والمربات، والحلوى، واللحوم وغيرها ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ قبيل قدوم شهر رمضان.
وأوضح الناشط المعارض مهند العبد الله من جنوب سوريا: «رغم سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية منذ صيف العام الماضي فإن الحصار الجزئي طويل المدى الذي كان يفرضه على المنطقة قبل السيطرة عليها استنزف مدخرات الأهالي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.