في شهر مارس (آذار) من عام 1985. فاز نادي نوريتش سيتي على منافسه المحلي إبسويتش تاون في الدور نصف النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، ثم فاز في المباراة النهائية على نادي سندرلاند لكي يتأهل للمشاركة في البطولات الأوروبية لأول مرة في تاريخه. لكن كل هذا المجد وكل هذه الآمال الكبيرة انتهت تماما بحلول شهر مايو (أيار) التالي!
فقط هبط مستوى نوريتش سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز بشكل ملحوظ بعد الفوز الكبير في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة على ملعب «ويمبلي»، حيث تلقى الفريق الخسارة ثماني مرات في تسع مباريات، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الفريق إلى منطقة الهبوط. وكان الفريق على وشك الهبوط بالفعل لولا فوزه في الجولة الأخيرة على تشيلسي ليرفع رصيده من النقاط إلى 49 نقطة، وهو عدد النقاط الذي كان من المفترض أن يضمن للفريق البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن كان يتعين على نوريتش سيتي أن ينتظر تعثر كوفنتري سيتي في الثلاث مباريات المؤجلة له حتى يضمن البقاء رسميا في المسابقة.
وعند هذه النقطة، أخذت القصة تطورا خطيرا، فرغم أن كوفنتري سيتي كان قد فشل في تحقيق أي فوز في آخر أربع مباريات له، فإنه استعاد عافيته وعاد إلى المسار الصحيح وفي غضون تسعة أيام فقط تمكن من تحقيق الفوز على ستوك سيتي ولوتون، بالإضافة إلى الفوز على إيفرتون المتوج بلقب الدوري آنذاك، لكي ينجح في الهروب من الهبوط ويدفع نوريتش سيتي للهبوط إلى دوري الدرجة الأولى.
واستمرت المعاناة، فبعد خمسة أيام فقط من الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد نوريتش سيتي مكانه في مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية. ففي هذا الأسبوع وقعت كارثة ملعب هيسل (عندما انهار جدار بملعب هيسل في بروكسل نتيجة لأعمال الشغب قبل بداية مباراة نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة عام 1985 بين ليفربول الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي وراح ضحيتها 39 شخصا)، ونتيجة لذلك مُنعت الأندية الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية لـ«فترة غير محددة من الوقت».
وانضم نوريتش سيتي إلى كل من إيفرتون ومانشستر يونايتد وساوثهامبتون وتقدموا جميعا باستئناف أمام المحكمة العليا، لكن تم تأييد قرار منع الأندية الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية. وبعد أن كان المدير الفني لنوريتش سيتي، كين براون، يستعد لأول مواجهة للفريق في البطولات الأوروبية، وجد نفسه يستعد لموسم قاس في دوري الدرجة الأولى! وأصبح مستقبل براون مع الفريق في مهب الريح، لكن النادي وقع معه عقدا جديدا لمدة عام وطلب منه أن يعمل على إعادة الفريق إلى الدوري الإنجليزي الممتاز مرة أخرى. وفي الحقيقة، كان نوريتش سيتي يمتلك المقومات والإمكانيات التي تؤهله للترقي مرة أخرى. واستمر حارس مرمى المنتخب الإنجليزي، كريس وودس، مع الفريق بعد أن رفض مسؤولو النادي طلبه بالرحيل، كما نجح الفريق في الحفاظ على خدمات مدافعيه القويين ديف واتسون وستيف بروس، رغم رغبة العديد من الأندية في التعاقد معهما.
ورحل عن الفريق كل من مايك شانون وآسا هارتفورد، لكن براون نجح في إيجاد البديل لهما بشكل أكثر من رائع، حيث تعاقد مع مايك فيلان وديف ويليامز، واللذين أضافا قوة كبيرة لخط وسط الفريق، كما تعاقد الفريق مع كل من إيان كولفيرهاوس وواين بيغينز في الخريف، وهو ما كان بمثابة قوة إضافة للفريق. ورغم عدم تسجيل كيفين درينكيل لأي هدف في أول ست مباريات له مع الفريق، إلا أن أهدافه الحاسمة بعد ذلك ساهمت في صعود نوريتش سيتي للدوري الإنجليزي الممتاز.
وتزامنت معاناة درينكيل في المباريات الأولى مع معاناة نوريتش سيتي بالكامل في هذه الفترة من بداية الموسم، حيث خسر الفريق ثلاث مرات في أول خمس جولات من المسابقة، لكن الفريق أنهى الموسم بشكل جيد وتمكن من الصعود بعدما سحق شيفلد يونايتد برباعية نظيفة. وتعثرت مسيرة الفريق لفترة وجيزة عندما خسر أمام ويمبلدون في أكتوبر (تشرين الأول) بهدفين مقابل هدف وحيد، لكن سرعان ما استعاد الفريق توازنه وعاد إلى المسار الصحيح، حيث لم يخسر أي مباراة أخرى في الدوري حتى مواجهة ويمبلدون مرة أخرى بعد خمسة أشهر.
وخلال الفترة بين الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) والثامن من مارس (آذار)، لم يتمكن أي فريق في دوري الدرجة الأولى من الفوز على نوريتش سيتي، حيث لعب الفريق 18 مباراة بدون أي خسارة، فاز خلالها في 14 مباراة وسجل 43 هدفا واستقبل 11 هدفا فقط، كما حقق الفوز في عشر مباريات متتالية لأول مرة في تاريخه.
وحتى المديرون الفنيون للأندية الأخرى عبروا عن إعجابهم الشديد بما كان يقدمه نوريتش سيتي، حيث قال المدير الفني لنادي أولدهام آنذاك، جوي رويل، إن نوريتش سيتي «هو أفضل فريق لعبنا أمامه بفارق كبير عن بقية الفرق الأخرى». وأدلى رويل بهذه التصريحات بعد هزيمة فريقه على ملعبه أمام نوريتش سيتي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في ديسمبر (كانون الأول). وأشاد المدير الفني لنادي شروسبيري، تيك بيتس، بنادي نوريتش سيتي أيضا بعد خسارة فريقه بثلاثية نظيفة على ملعب «غاي ميدو»، حيث قال: «لا يمكنني إلا أن أؤكد ما قاله الآخرون، وهو أن نوريتش سيتي يقدم مستوى مختلف تماما عما تقدمه الأندية الأخرى في دوري الدرجة الأولى».
لكن مسيرة المباريات بدون أي خسارة انتهت بالهزيمة مرة أخرى أمام ويمبلدون بهدفين مقابل هدف وحيد. لكن سرعان ما استعاد الفريق عافيته، حيث حقق الفوز في أربع مباريات متتالية بعد هذه الخسارة، وسجل بيغينس هدفين في المباراة التي انتهت بفوز نوريتش سيتي على هيدرسفيلد تاون بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وسجل ويليامز هدفين في المباراة التي انتهت بالفوز على كارليسل بهدفين مقابل هدف وحيد. وبعد ذلك، فاز نوريتش سيتي بخماسية نظيفة على شيفيلد يونايتد، في حين سجل جون ديهان، الذي عاد للمشاركة في المباريات بعد غياب دام ثلاثة أشهر بداعي الإصابة، هدف الفوز أمام فولهام.
وعند هذه المرحلة كان السؤال الذي يدور هو: متى يحسم نوريتش سيتي الصعود رسميا للدوري الإنجليزي الممتاز؟ وبعدما فاز الفريق ببطولة كأس الصداقة، نجح في الصعود رسميا للدوري الإنجليزي الممتاز بعد الفوز على برادفورد بهدفين دون رد من توقع درينكيل وبيغينس. وقال براون: «لقد كان موسما طويلا وقويا، لكن كل شيء كان يستحق هذا العناء».
وأنهى نوريتش سيتي الموسم بالتعادل أمام ستوك سيتي بهدف لكل فريق، ثم الفوز برباعية نظيفة على ليدز يونايتد على ملعب «كارو روود». وشعر جمهور نوريتش سيتي بسعادة أكبر بسبب التفوق على المنافس المحلي للنادي، إبسويتش تاون. وقال واتسون قبل المباراة الأخيرة في ذلك الموسم: «نشعر بسعادة غامرة لأننا نجحنا في التأهل. لكن أن تتأهل وأنت بطل دوري الدرجة الأولى وبهذه النتائج والعروض الممتازة فإن ذلك يجعلنا نشعر بسعادة أكبر. لقد لعبنا بطريقتنا المعتادة في دوري الدرجة الأولى، وهذا شيء مهم للغاية».
عندما حلم نوريتش بالمشاركة في البطولات الأوروبية اكتفى بالعودة إلى الأضواء!
رجع الفريق إلى الدوري الممتاز هذا الموسم... لكن صعوده عام 1986 شهد بعض الأحداث الدرامية
عندما حلم نوريتش بالمشاركة في البطولات الأوروبية اكتفى بالعودة إلى الأضواء!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة