مطالب المتظاهرين الجزائريين «تراوح مكانها» في الأسبوع الـ11 للحراك

شعاراتهم حملت سخطاً وخيبة أمل من عدم تحقيق مطلب «رحيل كل رموز النظام» السابق

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
TT

مطالب المتظاهرين الجزائريين «تراوح مكانها» في الأسبوع الـ11 للحراك

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)

بعد أن دخل الحراك الجزائري أمس جمعته الحادية عشرة، أصبح يعتري ملايين الجزائريين المتظاهرين ضد النظام شعور عام بأنه لم يتحقق الشيء الكثير بخصوص مطالبهم، رغم مرور شهر على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفي غضون ذلك يرى مراقبون أن قائد الجيش الفريق قايد صالح يراهن لا محالة على تلاشي الحراك الشعبي لتنفيذ خطته، المتمثلة في تنظيم رئاسية في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، بالكادر الحكومي الذي خلفه بوتفليقة نفسه.
وما يلفت الانتباه في الشعارات، التي رفعها المتظاهرون أمس في جل ساحات المدن الكبيرة، أنها حملت سخطاً وخيبة أمل في نفس الوقت من عدم تحقيق مطلب التغيير الرئيسي، الذي يقوم على «رحيل كل رموز النظام». وهم بالأساس الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) معاذ بوشارب، ويطلق على هؤلاء، الذين يعتبرهم الشعب من «بقايا نظام بوتفليقة»، «الباءات الأربعة»، وسقط من هؤلاء الأربعة «باء» واحد، هو بلعيز.
يقول عبد الله هبول، وهو محامي شارك في كل المظاهرات الأسبوعية «من الواضح أن هناك مقاومة من بقايا نظام بوتفليقة للتغيير، الذي يطالب به غالبية الجزائريين. وأكثر من يبدي مقاومة هو الجنرال قايد صالح، الذي دعم الولاية الخامسة للرئيس السابق. لكن بعد أن انتفض الشعب ضد بوتفليقة وعائلته، ركب موجة الحراك لينقذ نفسه، ثم انقلب على الحراك، وهاجمه ورفض تحقيق مطالبه».
وأمس كان موقف الجيش وقيادته من قضية «رحيل رموز النظام» على ألسنة عدد كبير من المتظاهرين، الذين جددوا مطالبتهم لقايد صالح بـ«الوفاء بتعهداته»، بخصوص تطبيق المادتين 07 و08 من الدستور، اللتان تذكران بأن الشعب «هو مصدر السلطة»، و«مصدر السلطة التأسيسية».
وفي آخر خطاب له، دعا رئيس أركان الجيش إلى الحوار مع بن صالح، تحسبا للرئاسية، وذكر في نفس الوقت أنه «ينخرط بشكل كامل في مطالب الشعب». وهو ما جعل عددا من المتظاهرين يعتبرون «هذا التقلب في الموقف، مؤشرا على مراهنة على ضعف الحراك بمرور الوقت»، خاصة أن شهر رمضان سيكون بعد يومين فقط.
ورفع أحد المتظاهرين لافتة تعبر عن هذا الرأي بوضوح؛ حيث كتب عليها «مستعدون أن نصوم ونفطر في الساحات العامة، ومستعدون أن نصلي التراويح فيها، ومستعدون أن نوزع حلويات العيد فيها. لكننا لن نتخلى عن مطالب الحراك».
وحول هذا التعارض بين مطالب المتظاهرين وموقف الجيش، كتب المحلل والصحافي نجيب بلحيمر أن «الجزائر لا تواجه أزمة سياسية عابرة، يمكن تجاوزها بحل فني يركب من مواد دستورية. فنحن أمام فرصة تاريخية لإطلاق عملية بناء الدولة، وهدر هذه الفرصة يعني ترحيل الأزمة إلى مرحلة، يزداد فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعوبة، وهذا يفتح علينا أبواب الجحيم».
وبحسب بلحيمر، فإن «كل حل لا يناسب حجم التطلعات التي رسمتها الثورة السلمية للشعب الجزائري، سيكون هروبا إلى الأمام، سندفع ثمنه غاليا من وحدة الجزائر، وأمنها وانسجام المجتمع. والانتخابات التي يراد فرضها تحت عنوان الخيار الدستوري، ستكون محاولة يائسة لوقف حركة التاريخ».
وأضاف بلحيمر أن «الحل الدستوري فشل حتى في توفير واجهة مدنية للحكم، بدليل أن رئيس الأركان يتوجه بصفة مباشرة إلى الشعب، وهذا يسقط الادعاء بأن هدف التشبث بالدستور هو عدم توريط الجيش في السياسة، لأن الجيش صار يحكم علنا. الحل السياسي يفرضه الواقع، وهو الطريق الوحيد المؤدي إلى تجسيد الإرادة الشعبية، المعبر عنها بوضوح منذ 22 فبراير (شباط)».
من جهته، ذكر رئيس الوزراء السابق علي بن فليس في بيان أمس، بعد دعوة قائد الجيش إلى الحوار مع بن صالح «مما لا خلاف حوله هو أن الحوار یمثل جوهر العمل السیاسي المسؤول والبناء؛ كما یشكل أیضا الوسیلة المفضلة التي یتوجب توظیفها في حل الأزمات. إن حتمیة الحوار فكرة وقناعة یتقاسمها الجمیع، ولا أحد یشك في طابعها الاستعجالي المطلق في وجه الأزمة ذات الخطورة الاستثنائیة، التي یعیشها بلدنا؛ وعلیه فإن رهان الساعة المفصلي یكمن في تفعیل هذا الحوار بتهيئة كل الظروف الملائمة لحسن».
ورأى بن فليس أن الجزائر «تواجه أزمة سیاسیة ودستوریة ومؤسساتیة؛ لكن ما هو أكثر خطورة هو الانسداد الكامل، الذي یعترض سبیل البحث عن حل الأزمة؛ ومن هذا المنظور فإن أولویة الأولویات في هذه الساعات الحرجة تكمن في تجاوز هذا الانسداد، وفسح المجال لتوافق حول مضمون هذا الحل.. هذا الانسداد هو نتاج تعارض عمیق وتباعد صریح بین مسار مبني على أساس تطبیق حرفي وحصري للمادة 102 من الدستور (تولي رئيس مجلس الأمة بن صالح قيادة البلاد بعد استقالة الرئيس)، والمطالب المشروعة المعبر عنها من طرف الثورة الدیمقراطیة السلمیة، التي یعیشها البلد». غير أن بن فليس لا يقول إن كان موافقا على دعوة قايد صالح أم لا.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.