قال المدير الفني لنادي ليفربول الإنجليزي، يورغن كلوب، عن مباراة فريقه أمام مانشستر سيتي في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، إن اللعب الدفاعي ومحاولة تحمل الضغط أمام فريق بهذه الإمكانات يشبه محاولة الانتظار لكي «تفوز في اليانصيب».
ويؤمن المدير الفني الألماني بأنه عند مواجهة الفرق القوية لا يمكن أن تكتفي بالتأمين الدفاعي ومحاولة الخروج بأقل الخسائر. وتعهد كلوب بأن يهاجم أمام الفرق القوية، وفعل ذلك بالفعل أمام برشلونة في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على ملعب «كامب نو»، وكانت النتيجة أنه استقبل ثلاثة أهداف، وقلل حظوظ فريقه بشكل كبير في التأهل للمباراة النهائية.
لكن اللعب بهذه الطريقة والاعتماد على نظرية «مواجهة النار بالنار»، إن جاز التعبير، يحمل قدراً كبيراً من المغامرة. ومن الواضح أن ليفربول أصبح أكثر حذراً خلال الموسم الحالي، ولم يعد يضغط على الفرق المنافسة بالشكل الكبير الذي كان عليه الأمر في الماضي، ويبدو أن كلوب قد استوعب الدرس جيداً من حالة الإنهاك التي أصابت فريقه في الأسابيع الأخيرة من الموسم الماضي، وتوصل إلى حل وسط يهدف إلى تقليل العبء من على كاهل الفريق. لكن لا يزال من الواضح أن كلوب لا يزال يؤمن بأنه في المباريات الكبرى ينبغي على لاعبيه أن يضغطوا بشكل متواصل في كل جزء من أجزاء الملعب؛ حتى لا يعطي الفرصة للفريق المنافس أن يضغط عليه من الناحية الهجومية.
أما فيما يتعلق بالتشكيلة التي خاض بها ليفربول المباراة، فكان من الواضح أن كلوب يدرك جيداً أنه يلعب أمام فريق بحجم برشلونة، حيث دفع بجيمس ميلنر في وسط الملعب، وفضل الاعتماد على جورجينيو فينالدوم بدلاً من المهاجم البرازيلي روبرتو فيرمينيو، وبدا الأمر للوهلة الأولى وكأن كلوب سوف يلعب بشكل دفاعي. وقد لعب فينالدوم بشكل جيد للغاية في هذا المركز الجديد وصنع فرصة لميلنر، لكن إذا كان الهدف من الدفع بفينالدوم في هذا المركز هو أن يلعب في العمق بهدف منع سيرجيو روبرتو من تسلم الكرة بحرية والتقدم للأمام، فقد فشلت هذه الخطة، والدليل على ذلك أن معدل التمريرات الناجحة لبوسكيتس قد وصل إلى 91.3 في المائة!
وعلاوة على ذلك، دفع كلوب بجو غوميز في مركز الظهير الأيمن بدلاً من ترينت ألكسندر أرنولد، في اختيار يبدو أكثر تحفظاً، لكن يجب الاعتراف بأنه من غير الجيد أن تدفع بلاعب غائب عن المباريات منذ خمسة أشهر في مباراة كهذه أمام برشلونة في ملعب «كامب نو»! وربما كان كلوب يرى أن الدفع بغوميز في هذا المركز سوف يساعد المدافعين على أن يكونوا أكثر قرباً من النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي؛ بهدف تضييق المساحات من أمامه، وهي الخطة التي نجحت على مدار 75 في المائة من عمر المباراة. لكن المشكلة كانت تكمن في أن هذه الخطة قد تركت الجهة اليمنى مفتوحة تماماً أمام فيليبي كوتينيو وجوردي ألبا، على الأقل حتى شارك جوردان هيندرسون ونجح في إغلاق هذه الفجوة بفضل تحركاته الدؤوبة ومجهوده الوافر. لكن بمجرد مشاركة هيندرسون وبينما كان في حاجة إلى بعض الوقت لكي يدخل في أجواء المباراة، استغل لاعبو برشلونة المساحة الموجودة أمام غوميز وأحرزوا الهدف الأول.
ورغم ذلك، ظل ليفربول يعتمد على الهجوم، وبدا أن الفريق يسير بشكل جيد للغاية حتى بعد مرور 25 دقيقة من شوط المباراة الثاني. وبدا أن برشلونة يعاني بشكل كبير وغير قادر على التحكم في سير المباراة. وخلال الفترة بين الدقيقتين الـ50 والـ70 من عمر المباراة، انخفضت نسبة استحواذ برشلونة على الكرة إلى 34 في المائة، كما انخفض معدل التمريرات الصحيحة للفريق إلى 76 في المائة. وربما يمكن القول إن برشلونة أصبح الآن معتاداً على اللعب بهذا الشكل أكثر مما كان عليه الأمر عندما واجه بايرن ميونيخ بقيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا في مباراة نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على ملعب «كامب نو» في عام 2015، لكن الشيء المؤكد هو أن برشلونة لا يزال يعاني عندما يلعب بهذا الشكل، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال حالة التوتر التي أصابت لاعبي الفريق واعتراضهم على قرارات الحكم الهولندي، الذي أدار المباراة بشكل رائع.
لكن ظهيري الجنب لنادي برشلونة، كليمنت لينغليه، وجيرارد بيكيه، قدّما أداءً رائعاً للغاية، كما ظهر ثلاثي خط الوسط بشكل جيد وكانوا يعودون للخلف بشكل دائم لتقديم الدعم لخط الدفاع، ولم يحصل لاعبو ليفربول على المساحة التي تمكنهم من اللعب بشكل مريح. ولم يتجمد لاعبو برشلونة تماماً، بالشكل الذي ظهروا عليه أمام روما الإيطالي العام الماضي. وحتى عندما نجح ليفربول في صناعة فرص للتهديف، أتيحت هذه الفرص – للأسف – أمام ميلنر، الذي لم يُحسن استغلالها.
وهنا ظهر النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي أحرز هدفين، أحدهما من ركلة حرة مباشرة رائعة، ليساعد فريقه على وضع قدم في المباراة النهائية للبطولة. وربما يكون السؤال الأبرز الآن هو: هل ليفربول لم يكن محظوظاً في هذه المباراة؟ ربما يكون الأمر كذلك، لكن يجب الإشارة إلى أن التعامل مع المساحات الضيقة في منطقة الجزاء يعد جزءاً أساسياً من مهمة أي مدافع، وفي هذه الليلة عوقب المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك – رغم الموسم الرائع الذي يقدمه – مرتين عندما فشل في التعامل بسرعة مع لعبتين داخل منطقة الجزاء.
ونتيجة لذلك؛ دفع ليفربول الثمن – تماماً مثل بايرن ميونيخ – وخسر بثلاثية نظيفة، وسجل ميسي هدفين كما فعل أيضاً أمام النادي الألماني قبل أربع سنوات من الآن. وفي مباراة بايرن ميونيخ أيضاً، أحرز برشلونة الأهداف الثلاثة في الدقائق الـ13 الأخيرة، وفي مباراة ليفربول أحرز برشلونة هدفين في آخر 15 دقيقة، لكن الرسالة كانت واضحة تماماً: اضغط على برشلونة وسوف يواجه الفريق الإسباني مشاكل كبيرة للغاية، لكن أي هفوة سترتكبها سوف تُعاقب عليها بشدة. وفي هذه اللحظات الأخيرة من المباراة، والتي اقترب فيها فيرمينيو ومحمد صلاح من إحراز هدف كان سيعني الكثير لليفربول في حال إحرازه، أهدر برشلونة أيضاً هدفين من فرصتين محققتين.
وهذه هي المخاطرة التي يواجهها أي فريق يلعب أمام برشلونة؛ إذ يمكنك أن تهاجم برشلونة وتسبب له الكثير من المشكلات، لكن هذا لأمر سيعرضك أيضاً للمشاكل. وعندما يكون ميسي في قمة مستواه، كما هو الأمر خلال الموسم الحالي، يكون الأمر صعباً للغاية على الفريق المنافس. هذا لا يعني أن كلوب اعتمد على طريقة لعب سيئة أو أنه لم يقرأ المباراة بشكل جيد، بل على العكس لعب ليفربول بشكل جيد، وكان على وشك أن يحقق نتيجة جيدة، لكن الطريقة التي كان يلعب بها كانت تزيد من احتمالات خسارة فريقه بنتيجة ثقيلة، وهو ما حدث في نهاية المطاف.
وهذه هي الأسباب التي تجعل من الصعب للغاية اللعب أمام برشلونة، وبخاصة في ظل وجود لاعب بإمكانات وقدرات ميسي الذي لا يتوقف عن الإبداع وتقديم كل ما هو جديد من مستودع موهبته الكروية الذي لا ينفد.
كلوب غامر بـ«تكتيكه» أمام برشلونة وميسي جعله يدفع الثمن
اللعب بطريقة هجومية والاعتماد على نظرية «مواجهة النار بالنار» يحملان قدراً كبيراً من المغامرة
كلوب غامر بـ«تكتيكه» أمام برشلونة وميسي جعله يدفع الثمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة