أوباما وميركل يهددان بعقوبات جديدة ضد روسيا.. ولافروف يؤكد قدرة بلاده على الرد

رئيس المفوضية الأوروبية: الوضع في أوكرانيا يؤثر على أوروبا والمجتمع الدولي

مسؤول من وزارة الدفاع الأوكرانية يستعرض مجموعة من الأسلحة التي تم ضبطها مع عدد من الانفصاليين والتي تقول السلطات الأوكرانية إنها مصنوعة في مصانع روسية (إ.ب.أ)
مسؤول من وزارة الدفاع الأوكرانية يستعرض مجموعة من الأسلحة التي تم ضبطها مع عدد من الانفصاليين والتي تقول السلطات الأوكرانية إنها مصنوعة في مصانع روسية (إ.ب.أ)
TT

أوباما وميركل يهددان بعقوبات جديدة ضد روسيا.. ولافروف يؤكد قدرة بلاده على الرد

مسؤول من وزارة الدفاع الأوكرانية يستعرض مجموعة من الأسلحة التي تم ضبطها مع عدد من الانفصاليين والتي تقول السلطات الأوكرانية إنها مصنوعة في مصانع روسية (إ.ب.أ)
مسؤول من وزارة الدفاع الأوكرانية يستعرض مجموعة من الأسلحة التي تم ضبطها مع عدد من الانفصاليين والتي تقول السلطات الأوكرانية إنها مصنوعة في مصانع روسية (إ.ب.أ)

ناشد الرئيس فلاديمير بوتين فصائل المقاومة في جنوب شرقي أوكرانيا فتح ممر إنساني أمام القوات الحكومية التي وقعت أسيرة حصار المقاومة، متجاهلا في الوقت ذاته شكوى الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بشأن ما وصفه بغزو القوات الروسية لأراضي بلاده. وكان وزير خارجيته سيرغي لافروف قد أكد أن بلاده لا تريد خوض أي مواجهة مع الغرب، لكنها قادرة على الرد المتكافئ على أي عقوبات في حال استمراره في انتهاج سياسة العقوبات، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التهديد بعقوبات جديدة ضد روسيا.
وكان الرئيس بوتين كشف عما حققه المقاتلون في شرق أوكرانيا من نجاح ملموس في عملياتهم الأخيرة التي استهدفت الحد من هجمات القوات الحكومية، وناشد القيادة الأوكرانية سرعة اتخاذ قرار وقف إطلاق النار، والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي منطقة الدونباس من أجل حل المشاكل المتراكمة بالطرق السلمية. ولم يشر الرئيس الروسي إلى ما أعلنه نظيره الأوكراني بوروشينكو حول «غزو القوات الروسية لأراضي بلاده»، وتجاهل أيضا ما هدد به نظيره الأميركي أوباما والمستشارة الألمانية ميركل من احتمالات فرض عقوبات جديدة ضد روسيا بسبب استمرار تدهور الأوضاع في أوكرانيا.
وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية استبق التهديدات الغربية بفرض عقوبات جديدة بإعلانه أن الغرب في حاجة إلى إعادة النظر في مفرداته التي يحاول من خلالها تأجيج توجهات الرأي العام.
من جانبها، أعلنت الحكومة الأوكرانية عن توغل عسكريين روس في الأراضي الأوكرانية على نحو يشير إلى الرغبة في توفير الممر الآمن من الأراضي الروسية نحو شبه جزيرة القرم، في محاولة لاستنهاض الناتو للتدخل أو تقديم المساعدات العسكرية المباشرة للقوات الحكومية الأوكرانية. وفي الوقت الذي تكرر فيه موسكو الرسمية نفيها مشاركة أي قوات روسية إلى جانب الانفصاليين في جنوب شرقي أوكرانيا، أذاعت قناة «روسيا 24» الإخبارية الرسمية الروسية حديثا مع ألكسندر زاخارتشينكو رئيس حكومة «جمهورية دونيتسك» غير المعترف بها، أكد فيه وجود متطوعين روس ضمن قوات المقاتلين ومنهم عسكريون محترفون. وكشف عن أن عددهم كان في حدود 3000 - 4000 مقاتل، وقال دينيس بوشيلين أحد قادة الانفصاليين: «إنه لو كانت روسيا تقاتل إلى جانبنا لكنا وصلنا كييف منذ مدة طويلة».
ويبدو أن ما حققه المقاتلون من انتصارات قد نال من هيبة النظام والدولة في أوكرانيا، ما جعل قيادتها تطالب بعقد اجتماع مجلس الأمن الدولي وتطالب بسرعة العون العسكري من جانب حلفائها الغربيين. وفيما دعا فيتالي تشوركين، المندوب الدائم لروسيا في مجلس الأمن، إلى سرعة وقف إطلاق النار، قال بعدم صحة ما يتردد حول تدخل روسيا في النزاع الدائر في أوكرانيا، وإن لم ينف وجود متطوعين من بلاده هناك. وألقى تشوركين باللائمة على القيادة الأوكرانية وما وصفه بسياستها غير العقلانية التي «تتمثل في ملاحقة أصحاب الرأي المخالف، وحظر أحزاب سياسية معارضة، وإغلاق وسائل إعلام لا ترضي السلطة»، وأضاف تشوركين أن «خطة السلام» التي طرحها الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو لم تكن سوى خطوة جديدة باتجاه التصعيد في جنوب شرقي البلاد، داعيا مجلس الأمن إلى اتخاذ ما يمكن من إجراءات من أجل دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى التخلي عن تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بهدف تقويض أمن الأنظمة التي لا تسير في ركابها واستقرارها.
وطالب آرسيني ياتسينيوك، رئيس الحكومة الأوكرانية، الحكومات الغربية بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي للنظر في تصرفات روسيا في منطقة جنوب شرقي أوكرانيا. وجاءت هذه الدعوة في أعقاب إعلان زوريان شكيرياك، مستشار رئيس الحكومة الأوكرانية، توغل القوات الروسية داخل الأراضي الأوكرانية بعد تصريحات فلاديمير شيلوف قائد كتيبة «دنيبر - 1» حول استيلاء هذه القوات على مدينة نوفوازوفسك في منطقة الدونباس ومحاصرتها بالدبابات. وطالب ياتسينيوك بتجميد الأصول الروسية في بنوك الخارج إلى حين انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
من جهته، قال مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن الوضع في أوكرانيا يؤثر على أوروبا والمجتمع الدولي على حد سواء، ويستحق الاهتمام العالمي، وأضاف في بيان عشية انعقاد قمة في بروكسل لبحث هذا الملف: «إن هدف الاتحاد الأوروبي هو إيجاد حل للأزمة في أوكرانيا على أساس احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها، فضلا عن الالتزام الصارم بالمعايير الدولية».
وحسب بيان أوروبي صدر أمس أكد باروسو أن موقف الاتحاد الأوروبي واضح، وأنه يرى أن السلوك الروسي أخيرا يتعارض مع المعايير والمبادئ الدولية، مشددا على أنه «يجب أن تظهر روسيا موقفها التعاوني ووقف دعمها للانفصاليين بالسلاح والأفراد». وأكد باروسو على التزام الجانب الأوروبي ببقاء القنوات الدبلوماسية واستمرار ممارسة الضغوط على موسكو.
وأمس دعا حلف شمال الأطلسي روسيا إلى «وقف أعمالها العسكرية غير المشروعة» في أوكرانيا، منددا «بتصعيد خطير للعدوان العسكري الروسي».
وقال الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن في ختام اجتماع طارئ لسفراء الدول الأعضاء: «ندين بأشد العبارات ازدراء روسيا الدائم بالتزاماتها الدولية، وندعو روسيا إلى وقف أعمالها العسكرية غير المشروعة ووقف دعمها للانفصاليين المسلحين، واتخاذ الإجراءات الفورية التي يمكن التحقق منها بهدف وقف تصعيد هذه الأزمة».
ومن المقرر أن يلتقي باروسو اليوم مع الرئيس الأوكراني بيترو بورشينكو الذي سيجري محادثات مع عدد من القادة الأوروبيين حول التطورات الأخيرة في بلاده والدعم الأوروبي لأوكرانيا حاليا ومستقبلا، وقال المجلس الأوروبي ببروكسل إن القمة المقررة لقادة دول الاتحاد الأوروبي المقررة عصر اليوم ستبحث في اختيار قيادات جديدة بالمؤسسات الاتحادية، ومنها قضية من سيخلف كاثرين أشتون في قيادة السياسة الخارجية الأوروبية، وهرمان فان رومبوي في رئاسة مجلس الاتحاد، وفي الوقت نفسه مناقشة عدة ملفات دولية بحضور أشتون، ومنها ما يتعلق بالوضع في أوكرانيا والعراق وغزة، وحسب مصادر في بروكسل سيجري تجديد مواقف أوروبية صدرت في منتصف الشهر الجاري عن اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية في الملفات الثلاثة مع التعبير عن القلق جراء التطورات الأخيرة في أوكرانيا ودراسة الخطوة المقبلة للتحرك الأوروبي.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».