الجيش الإسرائيلي يراقب المعبر الوحيد مع سوريا ويتأهب لأي طارئ

مخاوف في تل أبيب من سيطرة جبهة النصرة على الحدود.. ونتنياهو يدعو لهزيمتهم

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو
TT

الجيش الإسرائيلي يراقب المعبر الوحيد مع سوريا ويتأهب لأي طارئ

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

تحولت المخاوف الافتراضية التي طالما اعترت إسرائيل من الحرب الداخلية في سوريا إلى مخاوف ملموسة وجدية، بعد سيطرة مقاتلين من جبهة النصرة على معبر الحدود الدولية في القنيطرة، وهو المعبر المتاخم للحدود الإسرائيلية.
وفي حين عبر مسؤولين عسكريين في إسرائيل عن القلق، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى ضرورة هزيمة «المتطرفين»، في أول تلميح لإمكانية تدخل إسرائيل في الحرب السورية الداخلية.
وقال نتنياهو إنه ينظر إلى التطورات على تخوم إسرائيل بقلق، مضيفا أنه يجب اتخاذ موقف موحد من الجميع لهزيمة فرع القاعدة الذي خطف عشرات من القوات من الأمم المتحدة.
واتصل نتنياهو بمسؤولين غربيين، وقال لهم: «لنا أعداء مشتركون، إرهابيون من الإسلام المتطرف فاقدي الحدود الذين يعدمون الناس ويفرضون الإرهاب، إنهم أعداء إسرائيل والولايات المتحدة وجميع الدول المتحضرة، يجب التوحد ضدهم ويجب هزيمتهم». وحتى الآن لم تتدخل إسرائيل بشكل مباشر في الحرب الدائرة في سوريا، باستثناء شن هجمات لإحباط تهريب أسلحة إلى لبنان أو الرد على مصادر نيران.
ومن غير المعروف ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية ستغير سياستها، بعدما أصبحت جبهة النصرة على أعتاب إسرائيل، لكن مسؤولا أمنيا إسرائيليا كبيرا وصف الوضع على الحدود بأنه مثير جدا للقلق. وانتشرت خلال اليومين الماضيين قوات معززة من الجيش الإسرائيلي على الحدود في الجانب الإسرائيلي، خشية تعرض المستوطنات القريبة لإطلاق النار خلال المعارك المتوقعة في الجانب السوري. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن فور اندلاع معارك المعبر عن منع وصول أي إسرائيلي أو سائح إلى الحدود مع الجولان.
وقالت مصادر عسكرية إن القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي تتابع عن كثب أحدث التطورات على الحدود مع سوريا، وتتأهب لأي طارئ.
ويشكل معبر قنيطرة الحدودي، نقطة العبور الوحيدة بين إسرائيل وسوريا، ويستعمله فقط جنود الأمم المتحدة ومواطنون سوريون يعيشون في الجانب الإسرائيلي من هضبة الجولان. كذلك يستعمل المعبر للتجارة بالتفاح، وكل سنة تمر فيه عشرات الأطنان من التفاح من الجولان إلى سوريا. وكانت مدينة القنيطرة لسنوات محورا للصراع العسكري بين إسرائيل وسوريا قبل حرب 1967 عندما كانت تشكل المدينة قاعدة الجيش السوري في هجماته على إسرائيل، لكن منذ تلك السنة (1967) تحولت المدينة إلى منطقة فاصلة بين إسرائيل وسوريا.
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية أمس على المخاوف الإسرائيلية من سيطرة جبهة النصرة على المعبر. ونشرت الصحف والتلفزيونات والمواقع الإخبارية صورا لمقاتلي الجبهة، بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وكتب المحلل العسكري عاموس هرئيل، في صحيفة «هآرتس»: «الجهاد العالمي على الأبواب». وحذر هرئيل من معلومات حول وصول عناصر «داعش» كذلك إلى قرى عربية قريبة من إسرائيل قائلا: إن التنظيم الديني المتطرف قد يعيد سيناريو ما صنعه في العراق من انتشار كبير وسريع.
وأقر مسؤولون إسرائيليون بوجود معلومات حول وجود عناصر من «داعش» في القرى القريبة من الحدود الإسرائيلية، ووجود حالة نسبية من التأييد لهم في هذه القرى. وقال ضابط إسرائيلي كبير: «كل شيء آخذ بالتغير على الحدود؛ الجيش السوري اختفى، واللون الأسود أصبح يغطي المنطقة على نطاق واسع».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.