أهداف متضاربة لموسكو وواشنطن في الأزمة الفنزويلية

المشترك في حسابات الطرفين هو أن سقوط نظام كراكاس سيؤدي إلى سقوط النظام في كوبا

أهداف متضاربة لموسكو وواشنطن في الأزمة الفنزويلية
TT

أهداف متضاربة لموسكو وواشنطن في الأزمة الفنزويلية

أهداف متضاربة لموسكو وواشنطن في الأزمة الفنزويلية

تسعى الدبلوماسية الإسبانية منذ ليل الثلاثاء الماضي إلى إقناع المفوّضية الأوروبية وعدد من الشركاء الرئيسيين في الاتحاد، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، للتحرّك بسرعة وعلى أعلى المستويات من أجل وقف تدهور الأوضاع في فنزويلا بعد التصعيد الأخير الذي «وضع البلاد على شفا حرب أهلية من شأنها، إذا اندلعت، أن تؤدي إلى تدخّل عسكري خارجي يستحيل التكّهن بعواقبه»، كما ذكر مسؤول رسمي إسباني مكلّف تنسيق الموقف الأوروبي من الأزمة.
وقال المسؤول إن «حرب الاتهامات المباشرة بين واشنطن وموسكو تصبّ الزيت على النار في الوقت الذي تقترب المواجهات بين النظام والمعارضة من مواجهة دامية مفتوحة»، وأعرب عن شكوكه في أن يساعد استمرار الاتصالات بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي حول الأزمة إلى تنفيس الاحتقان «لأن أهداف الطرفين متضاربة على كل المستويات».
وتفيد معلومات خاصّة «بالشرق الأوسط» بأن المفوّضة الأوروبية السامية لشؤون السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني تبحث مع معاونيها في اقتراح إسباني لعقد قمّة أوروبية مصغّرة حول الأزمة الفنزويلية، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن يُدعى إليها أيضا في مرحلة ثانية ممثلون عن النظام الفنزويلي والمعارضة.

وفي معلومات الأوروبيين وتحليلاتهم أن الإدارة الأميركية، التي تلوّح باللجوء إلى التدخّل العسكري منذ بداية الأزمة أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، تدفع باتجاه تصعيد المواجهة بين الأجهزة الأمنية للنظام والمعارضة واستخدامها كذريعة لتبرير التدخّل الخارجي بعد أن أيقنت بعدم جدوى المراهنة على انشقاق القوات المسلّحة لإسقاط مادورو، على حد قول مسؤول أوروبي قال أيضا إن «موسكو لن تتخلّى بسهولة عن موقع النفوذ الوحيد المتبقّي لها في أميركا اللاتينية إلى جانب كوبا التي تراجع دورها كثيراً بعد نهاية الكاسترية».
ويعتبر الأوروبيّون أن القاسم المشترك الوحيد في حسابات الطرفين الأميركي والروسي، هو أن سقوط النظام الفنزويلي سيؤدي حتماً إلى سقوط النظام في كوبا، نظراً للترابط الاقتصادي والعسكري الوثيق بينهما منذ أيّام فيديل كاسترو وهوغو تشافيز. وتشكّل فنزويلا، رغم الأزمة الطاحنة التي تعاني منها منذ سنوات، الشريان الاقتصادي الرئيسي لكوبا التي بدورها تمدّ النظام الفنزويلي بالدعم التقني والعسكري الذي يوفّر لمادورو عناصر البقاء في السلطة.
وأكدت كوبا مجددا أنها ليست لها قوات في فنزويلا، ووصفت المزاعم الأميركية في هذا الصدد بأنها «أكاذيب». وقالت جوانا تابلادا المسؤولة في الخارجية الكوبية: «لا يمكنك سحب قوات ليست موجودة بالأساس من فنزويلا». ونقل موقع «كوباديبيت» الإلكتروني عن تابلادا «كوبا لها قوات قوامها 20 ألف عسكري في فنزويلا، وإننا نتدخل في شؤونها الداخلية، هو أمر تعلم الحكومة الأميركية تماما أنه غير صحيح». وتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب كوبا مجددا أمس الأربعاء بعقوبات قاسية ما لم تتوقف عن دعم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وفي هذا الصدد ترجّح واشنطن أن القيادات العسكرية التي قالت إنها سبق وأعربت عن استعدادها لتأييد مغادرة مادورو السلطة، قد عادت عن موقفها تحت الضغوط أو التهديدات التي تعرّضت لها على يد أجهزة المخابرات العسكرية التي يسيطر عليها الكوبيون. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قد أعلن يوم الأربعاء أن وزير الدفاع ورئيس المحكمة العليا وقائد الحرس الوطني على استعداد لدعم خطة إزاحة مادورو، لكن وبعد مرور الوقت من غير أن يصدر عنهم أي موقف مؤيد للمعارضة علّق المبعوث الأميركي الخاصة لفنزويلا إليوت برامز بقوله: «حاولنا الاتصال بهم مرّات عدّة، لكن هواتفهم كانت مقفلة».
ويسود إحباط في الأوساط الدبلوماسية الأوروبية من امتناع واشنطن عن التنسيق مع حلفائها الأوروبيين حول الأزمة الفنزويلية، وليس معروفاً بعد ما هي الخطوط الحمر التي وضعتها الإدارة الأميركية للتدخل عسكريّاً كما تلوّح منذ فترة. ويخشى المراقبون في بروكسل أن تكون ساعة الصفر قد اقتربت بعد إعلان وزير الدفاع الأميركي المؤقت باتريك شاناهان إلغاء جولته الأوروبية لمتابعة الأزمة الفنزويلية.
ويعتبر الأوروبيّون أن التدخّل العسكري الخارجي سيؤدي إلى انهيار الجبهة الدولية العريضة التي أيّدت حتى الآن زعيم المعارضة خوان غوايدو الذي يطالب برحيل مادورو.
ويذكر أن الاتحاد الأوروبي وكندا وبلدانا أخرى سبق وأوضحت أنها تعارض كلّياً أي تدخّل عسكري خارجي في الأزمة الفنزويلية، وليس مستبعداً أن ترفض دول مجموعة ليما أيضا هذا التدخّل إذا تعرّضت للضغط من واشنطن.
في غضون ذلك تتضارب الأنباء الواردة من كاراكاس حول الإصابات التي أسفرت عنها المواجهات الدامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة والجيش والميليشيات الشعبية المسلّحة من النظام، فيما تستمرّ المظاهرات التي دعت إليها المعارضة في معظم أنحاء البلاد لإسقاط النظام. وفي تسجيل صوتي خاص «بالشرق الأوسط» وصفت القيادية المعارضة دلسا سولورزانو الوضع الراهن في العاصمة الفنزويلية على النحو التالي «القمع بلغ مرتبة الإرهاب منذ ساعات في العاصمة، ولا سبيل لمعرفة عدد القتلى لأنه لا توجد معلومات رسمية عن ذلك. وفي فنزويلا عدد كبير من الأشخاص الذين يعيشون وحدهم بعد تشتت العائلات والهجرة الكثيفة.
والمستشفيات لا تعطي معلومات عن الإصابات والقتلى، كما أن الأطباء يخشون الاعتقال إذا كشفوا عن مثل هذه المعلومات. ليلة البارحة كانت ليلة رعب طويلة تخللتها مداهمات لمئات المنازل على يد المجموعات الشعبية المسلّحة التي كانت تطلق النيران على المباني والأحياء السكنية، مما أدّى إلى وقوع إصابات كثيرة من بينها صحافيون بعضهم في حالة خطرة... صحيح أن مادورو يفتقر إلى الشرعية والتأييد الشعبي، لكنه يسيطر على السلاح. قلّة هم الذين يؤيدونه، حتى في صفوف القوات المسلّحة، لكنه يستخدم سلاح الدولة ضد المواطنين... والشعب يملأ الشوارع، في كل المدن. بإمكانك أن تتابع على حسابي في (تويتر) صور المظاهرات الحاشدة والمؤثرة، حيث يتدافع الناس بجرأة وإصرار على المطالبة برحيل النظام. لكن المتظاهرين المدنيين، المسالمين والعُزل، يواجهون مجموعات من المجرمين المسلّحين.
ونعرف من مصادر موثوقة أنه بعد انشقاق الكثيرين من أفراد القوات المسلحة سلّم النظام ملابس عسكرية للميليشيات وأطلق يدها في قمع المظاهرات والمعارضة... إنها ساعات رهيبة التي نعيشها منذ الثلاثاء. المجتمع الدولي يؤيدنا، لكن عليه أن يعرف أن البيانات الدبلوماسية لن تنقذ الأرواح، ولا أفهم كيف أن مجلس حقوق الإنسان قد أصدر بياناً بالأمس يطالب الأطراف بخفض مستوى العنف! كيف لي أن أخفّض مستوى العنف وأنا المتظاهرة انتعل حذاء رياضيّاً وأحمل علم بلادي بيدي في مواجهة السيارات المصفّحة والبنادق والرشاشات؟ العنف له مصدر واحد في فنزويلا: الديكتاتورية، ونحن لا نملك سوى الرغبة في الحريّة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.