بدء رحلات الصيد البحرية ضمن مسافة 6 أميال

سوق السمك في غزة شهدت كميات كبيرة ومتنوعة.. وإقبالا جيدا

صورة أرشيفية لصيادي أسماك في سواحل غزة بداية الشهر (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لصيادي أسماك في سواحل غزة بداية الشهر (إ.ب.أ)
TT

بدء رحلات الصيد البحرية ضمن مسافة 6 أميال

صورة أرشيفية لصيادي أسماك في سواحل غزة بداية الشهر (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لصيادي أسماك في سواحل غزة بداية الشهر (إ.ب.أ)

غادر الصياد يوسف، مع 3 من أشقائه و5 آخرين من أبناء عمومته يعملون في مركب صيد واحد، وانطلقوا في سيارة نحو الميناء التي كانت تضج حينها بالمئات من الصيادين الذين استيقظوا في هذا الوقت المبكر بحثا عن قوت يوم لأطفالهم.
لم يصدق يوسف وهو على متن المركب أنهم تجاوزوا مسافة الأميال الخمسة التي حرموا من الوصول إليها وقتا طويلا، فبدأ بإلقاء شباك الصيد في مياه السواحل الشمالية الغربية لقطاع غزة التي تعد أكثر المناطق بالإضافة إلى الجنوبية من تلك السواحل وفرة بالأسماك بحكم تجاوز الصيادين من الجانب الإسرائيلي والمصري مساحات أكبر، مما يتيح للسمك الوصول لمناطق قريبة من تلك المناطق التي يوجد فيها الصيادون الفلسطينيون.
ومع إلقاء الشباك، انتظر يوسف ومن هم على متن المركب حتى بدءوا بإخراج الشباك مرة أخرى وهي مليئة بالأسماك ويطلقون العنان لضحكاتهم، التي كان أنين ووجع الأيام باديا منها بعد أن عاشوا أياما عصيبة حرموا منها من عيش يستر بيوتهم.
وقال يوسف الذي لم تغادر البسمة محياه: «زمان عن هيك حياة، زمان ما اشتغلنا في مسافة كبيرة مثل الآن، أخيرا راح نقدر نصيد سمك من اللي تفضلوا الناس وإحنا كمان في بيوتنا نفضله ونحبه والناس بتشتريه بكميات أكبر وبسعر أرخص، وأخيرا حنعيش مثل الناس ويكون عنا فلوس نسعد فيها أطفالنا ونوفر لهم حاجياتهم بدل الحزن والهم اللي كانوا عايشين فيه سنين وإحنا ننتظر تنتهي هالغمة اللي عشناها من الحرب والحصار وغيره».
أضاف يوسف متحدثا لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد رحلة طويلة استمرت أكثر من 5 ساعات في البحر اصطاد خلالها ومن معه أسماكا مختلفة وبكميات كبيرة، «كانت ليلة لا توصف، منذ فترات طويلة لم نعمل ولم نستطع الصيد بحرية تامة كما جرى الليلة دون أن تجري ملاحقتنا من قبل الاحتلال، كانت ليلة هادئة تماما دون أي معيقات، واصطاد الصيادون كميات كبيرة من الأسماك وحققنا ما كنا نريده».
هذا وامتلأت أسواق قطاع غزة الاول من أمس، بأنواع السمك كافة بعد أن سُمح للصيادين بناء على اتفاق وقف إطلاق النار بالصيد في مسافة 6 أميال، وانتعشت الأسواق بما توفر من أسماك مختلفة وزادت حركة البيع والشراء التي تعود بالفائدة على الباعة وكذلك على الصيادين الذين لطالما عانوا الأمرين بفعل الخروقات الإسرائيلية المستمرة للتهدئة السابقة.
الصياد خليل الهبيل قال لـ«الشرق الأوسط»، إنهم لأول مرة منذ اتفاق التهدئة الذي عقد في أعقاب حرب 2012 يتمكنون من الصيد في هذه المساحة، مشيرا إلى أن ذاك الاتفاق لم يصمد طويلا وبعد أسابيع قليلة جدا منع الصيادون من قبل سلاح البحرية الإسرائيلية من الوصول لتلك المساحة وأجبروا على الصيد في مساحة لا تتعدى الميل ونصف الميل وتكررت الهجمات الإسرائيلية ضدهم بإطلاق النار تجاههم وملاحقة مراكبهم واعتقال بعضهم.
وأضاف الهبيل: «جميع الصيادين تنفسوا الصعداء وشعروا من جديد بالحياة رغم الضرر الكبير الذي لحق بهم جراء تدمير العشرات من المراكب خلال الحرب وقصف ميناء غزة أكثر من مرة»، مشيرا إلى أن «صيد الكميات الكبيرة من الأسماك يتيح بيعها بقيمة أقل مما كانت عليه سابقا خلال عملنا في المساحة الصغيرة التي حددت سابقا».
وقال إبراهيم مقداد، أحد الباعة في سوق مخيم الشاطئ، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإقبال على شراء السمك في اليوم الأول من الصيد في المساحة الجديدة كان جيدا، مشيرا إلى أن كثيرا من أنواع الأسماك كالسردينة الكبيرة والحبارى والدينيس وغيرها قد توافرت بعد أن كانت مفقودة من الأسواق طوال الحرب وقبلها بفترات نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي يطال الصيادين باستمرار.
ولفت إلى أن أسعار الأسماك عادت إلى ما كانت عليه سابقا قبيل الحرب بعدة شهور، حيث وصل سعر كيلو سمك السردينة ذو الحجم الكبير من 8 إلى 10 شواقل فقط (ما يعادل 2.5 دولار)، مشيرا إلى أنها لم تكن تتوافر خلال وقبل الحرب بفترات، ولكن كان يتوافر منها الحجم الصغير ويصل سعره من 18 إلى 20 شيكلا (ما يعادل 5.5 دولار)، وهو سعر كان كبير جدا بالنسبة للأسعار التي اعتادتها أسواق السمك بغزة واعتادها السكان.
من جانبه، قال نقيب الصيادين في غزة، نزار عياش، إنه جرى إبلاغهم من قبل الجانب الإسرائيلي أنه سيسمح للصيادين خلال الفترة المقبلة بالصيد لمساحة تصل 9 أميال يتبعها تدريجيا 12 ميلا.
وأشار في تصريح صحافي إلى أن الصيد في مساحة 6 أميال يتيح لأكثر من ألف مركب و4 آلاف صياد العمل فيها، معربا عن أمله أن يرجي قريبا السماح للصيادين بالعمل في مساحات أوسع ليتمكنوا من تعويض خسائرهم خلال فترة الحرب وقبيلها.
ولفت عياش إلى أن الخسائر المباشرة لقطاع الصيد نتيجة العدوان تقدر بـ6 ملايين دولار، فيما الخسائر غير المباشرة 3 ملايين دولار، مشيرا إلى تدمير الاحتلال 30 مركبا بشكل كلي وتضرر 60 بشكل جزئي أو بسيط، بالإضافة إلى تضرر 50 غرفة للصيادين توجد بها معداتهم وتدمير محتوياتها كافة من شباك وماكينات ووقود، موضحا أن خسائر الغرفة الواحدة قد تصل لـ70 ألف دولار.
وتبلغ مساحة سواحل غزة نحو 45 كم مقتطع منها مسافة ميلين من حدودها مع مصر وميلين آخرين للحدود الشمالية للقطاع ويقتصر وجود الصيادين الغزيين على 6 أميال فقط، فيما يسيطر الاحتلال على باقي الأميال.



غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.