الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية تغلق أبواب تقديم الترشيحات

خلافات داخل حزب النهضة بسبب إعادة اختيار المنصف المرزوقي

تونسيتان تغادران أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة خلال حملة تسجيل أسماء الناخبين التي جرت في يونيو الماضي (أ.ف.ب)
تونسيتان تغادران أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة خلال حملة تسجيل أسماء الناخبين التي جرت في يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية تغلق أبواب تقديم الترشيحات

تونسيتان تغادران أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة خلال حملة تسجيل أسماء الناخبين التي جرت في يونيو الماضي (أ.ف.ب)
تونسيتان تغادران أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة خلال حملة تسجيل أسماء الناخبين التي جرت في يونيو الماضي (أ.ف.ب)

أغلقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أبواب تقديم اللوائح الانتخابية المرشحة لخوض الانتخابات البرلمانية، المزمع إجراؤها يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، أمام الأحزاب السياسية، وذلك بعد نحو أسبوع من استمرار تسلم اللوائح وفق التواريخ التي حددها القانون الانتخابي. ومن المتوقع ألا تحقق الانتخابات المقبلة نفس العدد القياسي من اللوائح التي ترشحت في انتخابات 2011 والتي تجاوزت 1500 لائحة انتخابية.
وأعلنت عدة أحزاب عن نياتها الانتخابية، واستبقت نتائج الانتخابات البرلمانية قبل أشهر من خوضها، من خلال إفصاحها عن عدد المقاعد البرلمانية التي تنوي الفوز بها، حيث أعلن الحزب الجمهوري، بزعامة أحمد نجيب الشابي، عن مراهنته على ما بين 10 و12 مقعدا برلمانيا، فيما توقع الاتحاد من أجل تونس، الذي يقوده حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حركة التجديد سابقا) عن نيته الوصول إلى 30 مقعدا برلمانيا. وراهن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، بزعامة مصطفى بن جعفر، رئيس البرلمان التونسي الحالي، على نيل 25 مقعدا. كما أعلن حزب التحالف الديمقراطي، بزعامة محمد الحامدي، عن مراهنته على ما بين 15 و20 مقعدا برلمانيا، وهو تقريبا نفس العدد الذي توقعه عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد (تأسس بعد الثورة).
وخلافا لهذه التوقعات، فإن الأحزاب السياسية الكبرى، على غرار حركتي النهضة ونداء تونس لم تعلن عن أي أرقام محتملة، إذ تضع في حساباتها، أنها ستفوز بأغلبية المقاعد البرلمانية، لكنها تخوض في المقابل تنافسا سياسيا متواصلا منذ تأسيس حركة نداء تونس في 16 يونيو (حزيران) 2013. وبشأن الإعداد الانتخابات البرلمانية المقبلة، اتضح بعد أسابيع من التزاحم السياسي على رئاسة اللوائح الانتخابية التي تمنح حظوظا أوفر للفوز بالمقاعد البرلمانية، أن الكثير من الأحزاب السياسية أنهت حروب الزعامة بين قياداتها، بالتسليم لوائحها الانتخابية النهائية إلى فروع الهيئة العليا للانتخابات المنتشرة في كل الولايات (المحافظات).
وعاينت «الشرق الأوسط» في مدينة أريانة، القريبة من العاصمة التونسية، الاستعدادات الأخيرة قبل انتهاء آجال إيداع اللوائح الانتخابية المرشحة (المدة انتهت في حدود الساعة السادسة من مساء أمس)، إذ سعى أكثر من حزب سياسي إلى تعديل الأسماء والبحث عن مرشحي اللحظات الأخيرة في ظل منافسة مفتوحة بين عدة عائلات سياسية.
ووفق مصادر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن عدة أحزاب سياسية فشلت في تشكيل لوائح انتخابية بسبب قلة إشعاعها وضعف تمثيليتها على المستوى الجهوي، ولأسباب موضوعية، باعتبار أنها غير قادرة على مزاحمة الأحزاب الكبرى المنتشرة في كل المدن والأرياف التونسية. كما أن إشكالات قانونية رافقت بعض الأحزاب المشاركة في انتخابات أكتوبر 2011 بعد فشلها في الحصول على نسبة 3 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يجبرها على إرجاع الأموال التي حصلت عليها لتمويل حملتها الانتخابية السابقة.
وكانت الهيئة الانتخابات قد أعلنت عن مبلغ مالي يقدر بنحو 6 ملايين دينار تونسي (نحو 3.75 مليون دولار) لا يزال بذمة القيادات السياسية لتلك الأحزاب، ومن المنتظر أن يشارك قرابة 5 ملايين و236 ألف ناخب تونسي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وكانت حركة النهضة وحركة نداء تونس وتحالف الجبهة الشعبية على وجه الخصوص، من الأحزاب الأولى التي تمكنت من تجاوز مشكلات اختيار المرشحين في لوائحها الانتخابية. أما حزب الحركة الدستورية الذي أسسه حامد القروي (رئيس الحكومة السابق في نظام بن علي) فقد يعيد المفاجأة الانتخابية التي أحدثها حزب العريضة الشعبية بزعامة الهاشمي الحامدي في انتخابات 2011، وذلك من خلال تمكنه من تشكيل لوائح انتخابية في جل المدن التونسية، بالاعتماد على وجوه سياسية يصفها المتابعون للمشهد السياسي التونسي بأنها «أسماء من الوزن الثقيل ولها علاقات متشعبة».
واعتمد حامد القروي علي عباس محسن، الرئيس السابق لبلدية تونس العاصمة، الذي سيرأس قائمة دستورية مرتقبة بين حربي المبادرة والحركة الدستورية في الدائرة الانتخابية لتونس الأولى، وعلي التيجاني الحداد، وزير السياحة السابق الذي يرأس لائحة ولاية (محافظة) أريانة، وعبير موسى، الأمينة العامة المساعدة السابقة بحزب التجمع المنحل المكلفة ملف المرأة، وكذلك عبد الجليل الصدام، الذي تولى في أكثر من مرة منصب والي (محافظ) في نظام بن علي.
من ناحية أخرى، ذكرت مصادر مقربة من حركة النهضة، أن خلافا داخليا بدأت تتشكل ملامحه بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية، إذ دعم معظم أعضاء مجلس شورى الحركة فكرة إعادة ترشيح المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي، فيما دعت قيادات الحركة إلى البحث عن مرشح آخر سواء من داخل الحركة أو خارجها. وكانت حركة النهضة قد اقترحت في السابق فكرة الرئيس التوافقي بين الأحزاب خلال الانتخابات الرئاسية التي تجري يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقالت إن هذا الاقتراح يفرز رئيسا شرعيا قويا لرئاسة البلاد خلال الـ5 سنوات المقبلة، إلا أن الأحزاب اليسارية والليبرالية عارضت هذا المقترح وقالت إنه «التفاف ذكي على إرادة الناخبين والاستغناء التدريجي على صناديق الاقتراع».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.