«جناح صنعاء» يتناسى دم صالح ويرسخ حوثنة «المؤتمر»

اجتماع اعتيادي للجنة الدائمة الرئيسية يفاقم صراع «الداخل والخارج»

طفلة تحمل صورة الرئيس اليمني السابق خلال تجمع لأنصاره في أغسطس 2017 (غيتي)
طفلة تحمل صورة الرئيس اليمني السابق خلال تجمع لأنصاره في أغسطس 2017 (غيتي)
TT

«جناح صنعاء» يتناسى دم صالح ويرسخ حوثنة «المؤتمر»

طفلة تحمل صورة الرئيس اليمني السابق خلال تجمع لأنصاره في أغسطس 2017 (غيتي)
طفلة تحمل صورة الرئيس اليمني السابق خلال تجمع لأنصاره في أغسطس 2017 (غيتي)

تجاهلت قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الخاضعة للميليشيات الحوثية في صنعاء، دعوات كثير من القيادات في الخارج إلى وقف عمليات التماهي والتمكين للجماعة الحوثية داخل مفاصل الحزب، لتمضي اليوم إلى انعقاد أول اجتماع اعتيادي للجنة الدائمة الرئيسية التي تعدّ أعلى سلطة بعد «المؤتمر العام» للحزب، بترتيب وحماية حوثية.
وأفادت مصادر حزبية مطلعة في صنعاء بأن الاجتماع الحزبي الذي ينوي قادة «المؤتمر» عقده اليوم يفتقد إلى النصاب القانوني للاجتماع، «غير أن إرادة الميليشيات الحوثية لشق الحزب وتشكيل قيادة موالية للجماعة ترث جناح الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح في حزب (المؤتمر)، كانت هي الغالبة».
القيادي في الحزب صادق أمين أبو راس، الذي نصبته الجماعة، خلفاً لصالح في صنعاء بعد مقتل الأخير؛ على رأس الحزب نفى أن يكون الاجتماع استهدافاً لأحد من القيادات، بحسب ما جاء في تصريحات نقلها الموقع الرسمي للحزب الخاضع للميليشيات في صنعاء. غير أن مصادر وثيقة الاطلاع على ما يدور في الكواليس أفادت بأن الميليشيات الحوثية أوعزت إلى القيادات الخاضعة لها «الإطاحة بجميع القيادات الموجودة في الخارج التي تزعم أنها باتت موالية لجناح الحزب الذي يتزعمه الرئيس عبد ربه منصور هادي».
ويبدو أن الاجتماع «يحظى بمباركة بعض القيادات في الخارج، لا سيما من تلك التي تتلقى دعماً إقليمياً في سياق التسابق على تفتيت الحزب، وجعل ولاءاته متعددة في أكثر من اتجاه».
واستبعدت المصادر حضور بعض القيادات الموجودة في الداخل، مثل الشيخ ياسر العواضي المقيم في مسقط رأسه بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، كما رجحت أن يتم الدفع بعدد من عناصر سلالة الحوثي إلى مواقع حساسة داخل الحزب، مثل القيادي حمود عباد المعين من قبل الجماعة أميناً للعاصمة صنعاء.
وفي حين يلف الغموض موقف نجل الرئيس الراحل أحمد علي عبد الله صالح من هذا الاجتماع، ذكرت المصادر أنه يحظى بمباركة ابن عمه يحيى صالح المقيم حالياً في بيروت، رغم الهجوم الضمني الذي شنه أبو راس في تصريحاته على الساعين إلى توريث الحزب لعائلة صالح.
وزعم أبو راس في تصريحاته أن الاجتماع «لن يتجاوز النظام الداخلي، ولن يحدد موقفاً من أحد؛ بما في ذلك الموقف من مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد الميليشيات الحوثية في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2017».
وكانت الجماعة الحوثية قتلت صالح والعشرات من أتباعه ونكلت بأقاربه وصادرت أموال الحزب وممتلكاته وفرضت عدم ذكره في أدبيات الحزب أو وسائل إعلامه بعد تنصيب أبو راس خلفاً له.
ورفض أبو راس الاتهامات بأن اجتماع اللجنة سيعمل على شق الصف «المؤتمري»، ورد معلقاً: «من يقول إن هذا الانعقاد سيشق الصف (المؤتمري) فهو بادعائه يعمل على شق (المؤتمر)، نحن فاتحون صدورنا لكل (المؤتمريين)، ولدينا هيئات قيادية، وهذه الهيئات محددة بالنظام الداخلي».
وفي هجوم ضمني على القيادات التي تريد توريث الحزب لنجل صالح، قال أبو راس، وفق ما نقله عنه موقع الحزب في صنعاء: «نؤكد أن (المؤتمر) لن يموت، لأنه ليس ملكاً لأشخاص؛ بل ملك لأعضائه وملك لكل أبناء الشعب».
ويسعى أبو راس بدعم حوثي إلى تثبيت نفسه رئيساً لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من خلال الحصول على دعم وتأييد الاجتماع الحزبي للجنة الدائمة الرئيسية، كما يسعى إلى تكريس الحضور الحوثي في قوام الحزب ومفاصله.
ويرفض «المؤتمر الشعبي - جناح الرئيس هادي» الاعتراف بمؤتمر الداخل، كما ترفض قيادات أخرى كانت موالية لصالح وموجودة في الخارج الإجراءات التي يقدم عليها قيادات المؤتمر في صنعاء.
ورغم المساعي الإقليمية والحزبية لتوحيد أجنحة الحزب الموجودة خارج البلاد والقابعة في مناطق سيطرة الشرعية، فإنه لم يكتب لها النجاح، خصوصاً بعد أن عجزت القيادات الحزبية عن التقريب بين الرئيس هادي ونجل صالح الأكبر أحمد علي.
وبسبب تحالف صالح مع الحوثيين، كانت قيادات الحزب من أعضاء «اللجنة العامة» اجتمعوا في الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، وأقروا عزل صالح وتنصيب هادي رئيساً لـ«المؤتمر»، وأحمد بن عبيد بن دغر والراحل عبد الكريم الإرياني نائبين له.
وأيد أغلب فروع الحزب في المحافظات المحررة جناح الرئيس هادي، في حين ظل أغلب الفروع في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية على موقفها الرافض لهادي والجناح المؤيد للشرعية.
وكان صالح دعا إلى انتفاضة شاملة ضد الميليشيات الحوثية وفض التحالف معها في آخر خطاب له قبل مقتله وقمع الانتفاضة التي دعا إليها، كما دعا إلى فتح صفحة جديدة مع تحالف دعم الشرعية لإنهاء الحرب واستعادة اليمن إلى محيطه العربي.
ورغم حجم التنكيل الواسع الذي لحق بقيادات الحزب في صنعاء وبقية المحافظات، فإن الجماعة الحوثية نجحت بالترغيب والترهيب في إخضاع كبار القيادات الحزبية الموالية لصالح وجعلهم يستمرون في تأييد الانقلاب الحوثي والإبقاء على الشراكة الصورية مع الجماعة الموالية لإيران.
ويسخر كثير من قيادات الحزب من الإجراءات التي تقوم بها القيادات الحزبية في صنعاء لمصلحة الميليشيات الحوثية، لدرجة أنهم باتوا يطلقون على نسخة الحزب الموجودة في صنعاء «حزب المؤتمر الشيعي العام» وليس «الشعبي العام».
وسعى القيادي في الحزب سلطان البركاني الذي أصبح أخيراً رئيساً للبرلمان اليمني، إلى جانب قيادات أخرى نحو تشكيل قيادة جماعية في الخارج لتسيير أمور الحزب تضم في قوامها نجل صالح، أحمد علي، إلا إن الخلاف بين أقطاب هذه القيادات أدى إلى إفشال تشكيل هذه القيادة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.