مشروع قانون إسرائيلي لضم مستوطنات الضفة

فلسطينية تبكي منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في إحدى قرى محافظة الخليل بالضفة أمس (إ.ب.أ)
فلسطينية تبكي منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في إحدى قرى محافظة الخليل بالضفة أمس (إ.ب.أ)
TT

مشروع قانون إسرائيلي لضم مستوطنات الضفة

فلسطينية تبكي منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في إحدى قرى محافظة الخليل بالضفة أمس (إ.ب.أ)
فلسطينية تبكي منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في إحدى قرى محافظة الخليل بالضفة أمس (إ.ب.أ)

في وقت يبادر فيه المستوطنون اليهود في الضفة الغربية إلى عمليات اعتداء عدة على الفلسطينيين وأراضيهم، طرحت النائبة الجديدة في حزب «ليكود» الإسرائيلي الحاكم ميخال شير مشروع قانون في اليوم الأول لعمل الكنيست (البرلمان)، يقضي بضم المستوطنات اليهودية في الضفة وغور الأردن إلى السيادة الإسرائيلية.
وحاولت شير التعامل مع الموضوع من «الباب الإنساني» وليس السياسي الاحتلالي، فقالت في تفسيرها الاقتراح إن «المستوطنين يعانون من تمييز ضدهم لكونهم يسكنون أو يعملون خارج حدود السيادة الإسرائيلية. فقوانين العمل الإسرائيلية التي تضمن للعاملين حقوقاً كثيرة لا تسري عليهم، وكذلك الأمر في قوانين أخرى».
لكن قادة المستوطنين رحبوا بفكرتها وراحوا يمتدحونها. وقالت «حركة السيادة» التي أقاموها وتعمل في سبيل ضم الضفة الغربية كلها إلى إسرائيل، إن «شير هي نموذج لعضو الكنيست الملتزم بمبادئ أرض إسرائيل الكاملة ونموذج للشباب الذين يتمسكون بالمهمة المبدئية التاريخية للحلم الصهيوني». ودعت جميع نواب اليمين إلى التصويت لصالح هذا القانون حال طرحه للنقاش، علما بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان قد أعلن أنه سيطرح هذا الموضوع بنداً أساسياً في برنامج حكومته الجديدة.
المعروف أن المستوطنين يمارسون عمليات الضم على الأرض من خلال انفلات الألوف منهم على الأراضي الفلسطينية لتخريب المزروعات والاعتداء على الفلسطينيين وهم يفلحون أراضيهم أو وهم نيام في بيوتهم. وسُجلت أمس سلسلة اعتداءات كهذه. ففي حي تل رميدة وسط مدينة الخليل، اعتدى مستوطنون على عائلة راضي أبو عيشة الفلسطينية وقاموا بتدمير سور حماية حول منزلها. وقد تمتع هؤلاء بحماية جنود الجيش الإسرائيلي الذين قاموا بدورهم بقص الأعمدة الحديدية للسور لمنع إعادة بنائه من جديد. واحتجز الجنود أبو عيشة البالغ من العمر 74 عاماً داخل الحاجز العسكري، وبعد تدخل الشؤون المدنية الفلسطينية أخلوا سبيله.
واقتحم آلاف المستوطنين بلدة كفل حارس شمالي مدينة سلفيت، في ساعات الفجر الأولى، أمس، وأدوا طقوساً تلمودية في منطقة المقامات التاريخية، بحماية أمنية مشدّدة من قوات الاحتلال. وذكر فلسطينيون أن مجموعات من المستوطنين اقتحمت البلدة عقب انتشار قوات كبيرة من جيش الاحتلال في أحيائها واعتلاء أسطح عدد من منازلها وإغلاق مداخلها ونصب حواجز عسكرية. ومنعت قوات الاحتلال الأهالي من التحرك في المنطقة، بحجة تأمين المستوطنين الذين وصلوا على متن حافلات عدة لأداء طقوس تلمودية في ثلاثة مقامات دينية بالبلدة.
وأفاد بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن قواته أمّنت الحماية لأكثر من 8 آلاف مستوطن دخلوا بلدة كفل حارس. وادعى أن «هدف الزيارة هو القبور اليهودية فيها»، في حين أن غالبيتها قبور إسلامية تاريخية. واعتبر الفلسطينيون هذه الزيارة «سياسية احتلالية استيطانية مغلفة بغلاف آيديولوجي وديني، تمهيداً لطرد المواطنين الفلسطينيين من المكان». وتعرف بلدة كفل حارس بكثرة الآثار الدينية، وتضم قبور عدد من الأنبياء وسط البلدة مثل ذو الكفل ويوشع بن نون، إضافة إلى مقامات تاريخية مثل قبر ذي اليسع، وبنات يعقوب والمعروف بـ«بنات الزاوية»، فضلاً عن خربة تعرف باسم «دير بجال». وكما في الزيارات السابقة، تعمد المستوطنون اقتحام المقامات الدينية الإسلامية لتأدية طقوس دينية فيها، واستفزاز مشاعر المواطنين الفلسطينيين وإثارة الشغب.
وفي قرية برقة شرقي رام الله، أقدم مستوطنون من عصابات «تدفيع الثمن»، فجر أمس، على قطع أكثر من 150 شجرة زيتون. وأفادت مصادر محلية بأن عشرات المستوطنين من بؤرة عتساف الاستيطانية المقامة على أراضي القرية، هاجموا حقول الزيتون وشرعوا بتقطيع الأشجار بحماية جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وذكر إبراهيم كنعان، وهو أحد المزارعين المتضررين، أن المستوطنين حاولوا قبل يومين الاعتداء عليه وطرده من أرضه بينما كان يحرثها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».