الجزائر: شكوى قضائية لمنع قائد الجيش من منصب نائب وزير الدفاع

قايد صالح يدعو المعارضة إلى الحوار مع الرئيس المؤقت

TT

الجزائر: شكوى قضائية لمنع قائد الجيش من منصب نائب وزير الدفاع

بينما أودع محامون شكوى قضائية لحرمان قائد الجيش قايد صالح من منصب نائب وزير الدفاع، على أساس أنه «يحتفظ به بطريقة غير شرعية»، منذ أن استقال وزير الدفاع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي. هاجمت القيادة العسكرية العليا من جديد مدير المخابرات المعزول الجنرال «توفيق»، بحجة أنه «يزرع النعرات والدسائس».
وقال عبد الله هبول، محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا وأحد المنخرطين في «الحراك» المعادي للنظام، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كلف محضراً قضائياً، أمس، بإيداع شكوى في القضاء لإلغاء منصب نائب وزير الدفاع، الذي يشغله قايد صالح منذ خمس سنوات، مشيراً إلى أن عبد القادر بن صالح «يمارس مهام رئيس الدولة طبقاً للمادة 102 من الدستور فقط (ترتيبات فرضتها استقالة الرئيس بوتفليقة). أما منصب وزير الدفاع، فقد أصبح شاغراً قانوناً بعد استقالة بوتفليقة».
ولا يحق لصالح، حسب هبول الذي كان قاضياً في النيابة واستقال عام 2006، أن يتصرف كنائب وزير الدفاع، ولا أن تنشر وزارة الدفاع بيانات تحمل هذه الصفة. وأضاف هبول: «زيادة على ذلك، فمنصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي يشغله قايد صالح منذ 2004، وظيفة عسكرية سامية، بينما منصب نائب وزير الدفاع يجعل منه عضواً في الحكومة، ما يعني أنه يمارس وظيفة مدنية وسياسية، في حين أن قانون المستخدمين العسكريين يمنع على العسكريين في الخدمة الاشتغال بأي نشاط سياسي».
ووقّع على الشكوى محامون آخرون، وقال هبول إنها مفتوحة لكل الجزائريين، مشيراً إلى أن قائد الجيش «يشتغل بالسياسة بشكل لافت، بعكس ما تقوله وزارة الدفاع، وهو أنها لا تتدخل في السياسة».
في غضون ذلك، أنهى صالح، أمس، زيارة إلى «الناحية العسكرية الخامسة» (جنوب شرق)، دامت ثلاثة أيام، ألقى خلالها كلمة تضمنت هجوماً جديداً على مدير المخابرات السابق محمد مدين، الذي كان وراء عزله عام 2015، وقال عنه ضمناً: «لقد حققت مجمل الترتيبات المتخذة لحد الآن توافقاً وطنياً لمسعاه من خلال الشعارات المرفوعة في المسيرات بمختلف ولايات الوطن، باستثناء بعض الأطراف، التي ترفض كل المبادرات المقترحة، وتعمل على زرع النعرات والدسائس، بما يخدم مصالحها الضيقة، ومصالح مَن يقف وراءها». ويقصد بحديثه عن «ترتيبات اتخذت»، الملاحقات القضائية التي أمر بها هو، والتي أفضت إلى سجن رجال أعمال محسوبين على بوتفليقة.
ويقول معمر شكري، وهو عسكري متقاعد، إن تنديد المتظاهرين كل يوم جمعة بـ«اللصوص والسراق»، «شجع قائد الجيش على متابعة رجال أعمال محل شبهات وفساد، وهو بذلك يعتقد أنه يحقق رغبة الشعب»، بحسب شكري الذي اشتغل تحت أوامر صالح عندما كان قائداً للقوات البرية عام 2001.
وأضاف صالح: «انكشفت النيات السيئة لهذه الأطراف، وفضحتها وأدانتها مختلف فئات الشعب، التي عبرت عن وعي وطني متميز وأصيل، ورفضت طروحاتها التي تهدف إلى ضرب مصداقية وجهود مؤسسات الدولة، في بلورة وإيجاد مخارج آمنة للأزمة، وعليه، وجب توخي الحذر من الوقوع في فخ تعكير صفو المسيرات السلمية، وتغيير مسارها من خلال تلغيمها بتصرفات تكنّ العداء للوطن، وتساوم على الوحدة الترابية للجزائر، واستغلال هذه المسيرات لتعريض الأمن القومي للبلاد ووحدتها الوطنية للخطر».
وردد قائد الجيش هذه الاتهامات ضد مدين عدة مرات، وذكره بالاسم في إحداها، من دون أن يردّ المعني. غير أن صالح لا يذكر ما يملك من أدلة تؤكد أن رئيس الاستخبارات سابقاً «يبحث عن زرع الفتنة في وسط الحراك».
ويؤكد صالح أنه «على قناعة تامة أن اعتماد الحوار البنّاء مع مؤسسات الدولة، هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة، إدراكاً منا أن الحوار هو من أرقى وأنبل أساليب التعامل الإنساني، وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة، وتقريب وجهات النظر، وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة». وهي دعوة غير مباشرة إلى أحزاب المعارضة للتحاور مع رئيس الدولة بن صالح، المرفوض شعبياً ومن الطبقة السياسية، بحجة أنه من رموز النظام. كما تواجه الحكومة برئاسة نور الدين بدوي رفضاً شعبياً وحزبياً.
وتعهد صالح بـ«مواصلة العمل على تجنيب بلادنا مغبة الوقوع في فخ العنف، وما يترتب عنه من مآسٍ وويلات، وعلينا الاستفادة من دروس الماضي، باستحضار التضحيات الجسام والثمن الباهض، الذي قدمه الشعب الجزائري، سواء إبان الثورة التحريرية أو خلال فترة مكافحة الإرهاب».
من جهة أخرى، فرّقت قوات الأمن أمس مئات المتظاهرين بالعاصمة، باستعمال القنابل المسيلة للدموع، لمنعهم من السير إلى البريد المركزي، انطلاقاً من «ساحة أول ماي». ورفع المتظاهرون شعارات ساخطة على قايد صالح، بسبب رفضه مطلب «الحراك» عزل بن صالح وبدوي.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.