مع جمود الموقف العسكري... الحرب في ليبيا تتجه إلى ساحة النفط والمال

تحول جديد يعزز كفة أحد الطرفين لحسم المواجهات

قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

مع جمود الموقف العسكري... الحرب في ليبيا تتجه إلى ساحة النفط والمال

قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

مع جمود الموقف العسكري على جبهة القتال في العاصمة الليبية طرابلس، بدأ الطرفان المتنافسان يعملان على نقل المعركة إلى ساحة النفط والمال في حربهما من أجل السلطة.
ويقول دبلوماسيون ومحللون لوكالة «رويترز» إن خليفة حفتر، الذي يقود (الجيش الوطني الليبي)، يضغط على المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية، وعملياتها في المناطق الخاضعة لسيطرته. وكرد على ذلك تعمد الحكومة، المعترف بها دوليا في طرابلس، إلى تقييد قدراته على الحصول على العملة الصعبة. وهذه التحركات تشكل تحولا جديدا في الحرب، التي بدأت في أوائل أبريل (نيسان) الماضي، حينما شن حفتر، المتحالف مع الحكومة الموازية في شرق ليبيا، هجوما للسيطرة على طرابلس.
لكنّ مقاتلي «الجيش الوطني» لم يتمكنوا من التقدم إلى وسط طرابلس. وفي غضون ذلك تتزايد النفقات لجلب ذخائر وإمدادات أخرى من قاعدتهم في بنغازي، الواقعة على بعد ألف كيلومتر. وهو ما دفع حفتر لاستخدام النفط كإحدى الأدوات الاستراتيجية.
حاليا، يسيطر «الجيش الوطني» على مناطق تحيط بمعظم البنية التحتية النفطية في البلاد، لكنه لا يستفيد بشكل مباشر من مبيعات النفط والغاز، التي تتجه من خلال المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس لإدارة أمور الحياة اليومية. فيما تحاول المؤسسة الوطنية للنفط أن تنأى بنفسها عن الصراع، لكنها تحول إيرادات الطاقة إلى البنك المركزي بطرابلس، الذي يعمل فقط مع رئيس الوزراء فائز السراج.
وخلال الأيام الأخيرة، التقى حفتر مع اثنين من المسؤولين التنفيذيين بالمؤسسة الوطنية للنفط بشرق البلاد بمقره خارج بنغازي. وكان المسؤول الأول هو رئيس مجلس إدارة شركة (أجوكو)، وهي إحدى وحدات المؤسسة الوطنية للنفط، وتنتج ثلث إنتاج ليبيا من الخام. أما الثاني فهو جاد الله العوكلي، عضو مجلس إدارة المؤسسة.
وردا على سؤال من «رويترز» عن الاجتماع، قال العوكلي إن عمليات النفط «تستفيد من الأمن الذي يوفره الجيش الوطني الليبي»، وهنأ الجيش على انتصاراته. كما أبدت شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز، إحدى وحدات المؤسسة الوطنية للنفط في شرق ليبيا، أيضا دعمها للهجوم على طرابلس عبر موقعها الإلكتروني.
وجاءت هذه الاجتماعات بعد أيام من قيام «الجيش الوطني» بإرسال سفينة حربية إلى ميناء رأس لانوف، وفي الوقت نفسه، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن جنودا دخلوا ميناء السدرة، وسيطروا على مدرج الطائرات. وأدانت ما سمته «عسكرة» منشآت النفط. لكنها لم تذكر بالاسم «الجيش الوطني» الذي يسيطر على المنطقة. لكن مسؤولين بالجيش الوطني نفوا ذلك، وقالوا إن موانئ النفط تعمل بشكل طبيعي.
ويرى دبلوماسيون ومحللون هذا التحرك كدلالة على أن حفتر يريد أن يُذكر طرابلس بأنه يستطيع وقف صادرات النفط، كوسيلة للضغط على السراج، بهدف التوصل إلى اتفاق لاقتسام إيرادات النفط، إذا لم ينتصر في أرض المعركة، علما بأن «الجيش الوطني» حاول العام الماضي تصدير النفط، متجاوزا المؤسسة الوطنية للنفط، وذلك من خلال كيان مواز يعمل به 500 موظف.
وفيما أكد محللون أن حفتر يواجه ضغوطا مالية نظرا لأن طرابلس تحد من قدرته في الحصول على العملة الصعبة، قالت مصادر دبلوماسية إن «الجيش الوطني» يحتاج إلى استيراد معدات من خلال تجار. موضحة أن قائد الجيش يحاول أن تكون له اليد الطولى في حرب طرابلس قبل بدء شهر رمضان الأسبوع القادم، حيث تتباطأ أنشطة الحياة، والجيش الوطني سيحتاج إلى ضمان خطوط إمداد مكلفة إذا استمر جمود الموقف لفترة طويلة.
في سياق ذلك، قال محللون إن حفتر ربما يحاول دفع طرابلس إلى إبرام اتفاق من خلال وقف صادرات النفط، وهو ما يُنهي تمويل الحكومة، أو ربما يحاول بيع النفط مجددا، بعدما أوقفت واشنطن في السابق محاولات مماثلة، حينما اعترضت ناقلة أبحرت من ميناء كانت تسيطر عليه مجموعة مسلحة في 2014. وفي هذا الصدد قال المجريسي: «نظرا لأنه (حفتر) يتمتع حاليا بدعم الرئيس دونالد ترمب، فربما يشعر الآن بجرأة تدفعه للمحاولة مجددا، وخلق مصدر إيرادات لنفسه»، خاصة بعد أن قال البيت الأبيض إن ترمب أبلغ حفتر خلال مكالمة هاتفية بأنه يُقدر جهوده في تأمين المنشآت النفطية. في المقابل، وكنوع من الحصار المصرفي، ردت طرابلس على تحركات حفتر من خلال قيام مصرف ليبيا المركزي يوم الاثنين بفرض إجراءات العناية الواجبة المعززة عند عملية بيع النقد الأجنبي للأغراض التجارية، بحيث تكون هناك رقابة مصاحبة على 3 مصارف. وقد أشار المركزي في هذا السياق إلى «وجود شبهات فساد». لكن الشرق قال إن ذلك مجرد ذريعة.
يقول رمزي الأغا، رئيس لجنة السيولة بالبنك المركزي الموازي في الشرق: «مصرف ليبيا المركزي... فتح خطا أماميا للحرب، وفرض حصارا على البنوك في برقة».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.