ضغوط إسرائيلية ـ أميركية تخنق الفلسطينيين اقتصادياً

فلسطينيون في مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة احتجاجاً على توقفها عن دفع إيجارات منازلهم (رويترز)
فلسطينيون في مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة احتجاجاً على توقفها عن دفع إيجارات منازلهم (رويترز)
TT

ضغوط إسرائيلية ـ أميركية تخنق الفلسطينيين اقتصادياً

فلسطينيون في مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة احتجاجاً على توقفها عن دفع إيجارات منازلهم (رويترز)
فلسطينيون في مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة احتجاجاً على توقفها عن دفع إيجارات منازلهم (رويترز)

يعاني الفلسطينيون من أزمة اقتصادية إثر الضغوط المالية التي تفرضها إسرائيل والولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية التي ما تزال المعارضة قوية في صفوفها لخطة السلام الأميركية المنتظرة.
ويرى محللون، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، أن التخفيضات الحادة التي اقتطعتها الإدارة الأميركية من المساعدات للفلسطينيين في 2018 كانت تهدف لدفعهم لقبول خطة تعد واشنطن بأن تتضمن فوائد اقتصادية غير أن السلطة الفلسطينية تتنبأ بأنها لن ترقى إلى حد إقرار الدولة الفلسطينية المستقلة.
ورغم سياسة لي الذراع، فإن الفلسطينيين يشككون في المقترحات الأميركية، والتي ما تزال طي الكتمان، والمقرر إعلانها في يونيو (حزيران)، بينما أن تحديهم للعقوبات الإسرائيلية مترسخ.
وتلقى الفلسطينيون ضربة كبيرة من جراء قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قطع مساعدات بمئات ملايين الدولارات في العام الماضي، وإعلان الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في فبراير (شباط)، أنها أوقفت كل المساعدات للضفة الغربية وقطاع غزة.
وبالتوازي مع القرارات الأميركية، فرضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية، خلال حملة الدعاية في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، التي فاز بها الأخير، عقوبات دفعت بالسلطة إلى الأزمة المالية.
وأثار نتنياهو جوا ًمن الغموض حول مسألة الدولة الفلسطينية عندما قال خلال السباق الانتخابي إنه سيضم مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية إلى إسرائيل إذا ما فاز في الانتخابات، وهي خطوة قالت قيادات فلسطينية إنها ستقضي على أي احتمالات للسلام.
وأعلنت إسرائيل، في فبراير (شباط)، أنها ستخفض 5 في المائة من عائدات الضرائب البالغة 190 مليون دولار التي تحولها للسلطة الفلسطينية كل شهر عن واردات تصل عن طريق المنافذ الإسرائيلية إلى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة الذي تديره حركة «حماس».
وتمثل النسبة التي خفضتها إسرائيل المبلغ الذي تدفعه السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في الضفة الغربية، لعائلات الفلسطينيين الذين أصدرت إسرائيل عليهم أحكاماً وسجنتهم بما في ذلك منفذو الهجمات التي يسقط فيها قتلى إسرائيليون.
وفيما تصف إسرائيل هذه الرواتب بأنها تمثل سياسة دفع «أجور للقتل»، يعتبر الفلسطينيون إخوانهم المسجونين أبطالاً في كفاح من أجل الدولة المستقلة ويرون أن عائلاتهم تستحق الدعم المالي.
ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبول التحويلات الضريبية الجزئية من إسرائيل، وقال إن من حق السلطة الفلسطينية الحصول على كامل الأموال بمقتضى اتفاقات السلام المرحلية.
ويقول البنك الدولي إنه ما لم تتم تسوية هذه المشكلة فإن العجز التمويلي لدى الفلسطينيين قد يتجاوز مليار دولار في 2019 الأمر الذي يفرض المزيد من الضغوط على اقتصاد يعاني من معدل بطالة يبلغ 52 في المائة.
وقال وزير الاقتصاد الوطني في السلطة الفلسطينية، خالد العسيلي، الأسبوع الماضي، إن السلطة تكافح لمواصلة أداء مهامها بإيرادات تمثل 36 في المائة فقط من الإيرادات الواردة في الميزانية.
وخفضت السلطة مرتبات موظفي الحكومة في شهور فبراير (شباط) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) للتكيف مع أزمة الميزانية كما تم خفض رواتب بعض الموظفين الفلسطينيين بمقدار النصف، وقال العسيلي: «إذا لم يجدوا حلاً فستكون كارثة على الاقتصاد الفلسطيني».
ورفض عباس ومسؤولوه التعامل على المستوى السياسي مع إدارة ترمب منذ اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017 ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة في مايو (أيار).
ورفض رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، تماماً دخول الفلسطينيين «في عملية سياسية لا تلبي الحد الأدنى من حقوقهم والمتمثلة في دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 1967. مع القدس عاصمة لها وحل عادل لقضية اللاجئين».
وقد تدخلت دول ومؤسسات مانحة لمحاولة سد العجز المتزايد في الميزانية الفلسطينية، وبطلب من عباس عقدت الجامعة العربية اجتماعاً في القاهرة الأسبوع الماضي حصلت فيه السلطة الفلسطينية على وعد بالحصول على 100 مليون دولار شهرياً.
وستضاف تلك الوعود إلى زيادة في الأموال المحولة من دول الخليج العربية في أعقاب التخفيضات الأميركية.
وقال البنك الدولي إن السعودية قدمت 222 مليون دولار للسلطة في العام الماضي ارتفاعاً من 92 مليوناً في 2017، وقدمت الكويت 53 مليون دولار في العام الماضي.
ومع ذلك فقد واجهت السلطة الفلسطينية فجوة تمويلية كبيرة في 2018 تبلغ نحو 400 مليون دولار، أي نحو 10 في المائة من ميزانيتها، الأمر الذي فرض عليها متأخرات عن قروض من البنوك المحلية وغيرها من ممولي القطاع الخاص.
ومع اقتراب الكشف عن «صفقة القرن» التي يعدها الرئيس الأميركي، شكك المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية، طارق باقوني، في الحكمة من ضغوط واشنطن المالية على الفلسطينيين.
وقال إن هذه الاستراتيجية تنبع من «الاعتقاد الخاطئ أن الفوائد الاقتصادية قد تكون جذابة بما يكفي لدفع الفلسطينيين إلى التخلي عن مطالبهم السياسية».
وامتنع أحد مهندسي خطة ترمب، وهو جاريد كوشنر مستشار الرئيس وصهره، عن التأكيد، في تصريحات عامة في واشنطن الأسبوع الماضي، ما إذا كانت الخطة تدعو لحل الدولتين، وهو الحل الذي استهدفته الجهود السابقة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الطرفان المقترحات الأميركية فمن المحتمل أن تكون العقوبات المالية على السلطة الفلسطينية سلاحاً ذا حدين، الأمر الذي يمثل مخاطر على استقرارها وعلى إسرائيل أيضاً.
وقال باقوني: «في ضوء أن مصدر الشرعية الرئيسي لدى السلطة الفلسطينية هو قدرتها على توظيف نسبة كبيرة من قوة العمل الفلسطينية فإن الاستياء الداخلي قد يمثل تحدياً لقدرتها على الحكم بشكل فعال».
وبالنسبة لإسرائيل ربما يكون لإضعاف السلطة الفلسطينية أثر على قوات الأمن الفلسطينية التي تتعاون مع الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وقال الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية بالجامعة العبرية في القدس، أبراهام سيلا: «إسرائيل تعتبر أنها لم تشهد أي هجمات كبرى منذ سنوات أمراً من المسلمات»، وأضاف: «التنسيق مع السلطة الفلسطينية لا يقدر بثمن لأمن إسرائيل».
وقال وزير الاقتصاد الإسرائيلي، إيلي كوهين، عضو مجلس الوزراء الأمني المصغر في حكومة نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل ليس لها «أي مصلحة» في انهيار السلطة، لكنه قال لتلفزيون ريشيت الإسرائيلي إن ما حُجب من إيرادات الضرائب «يعادل الرواتب والمعاشات التي تدفع للإرهابيين بما يجعله مبرراً»، حسب قوله.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.