الأمم المتحدة: السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي بعيد المنال

دانون يتحدث عن «أسابيع قليلة» لـ«صفقة القرن» ومنصور يراها «غير قابلة للحياة»

السفير الفلسطيني رياض منصور خلال جلسة الأمم المتحدة (أ.ب)
السفير الفلسطيني رياض منصور خلال جلسة الأمم المتحدة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي بعيد المنال

السفير الفلسطيني رياض منصور خلال جلسة الأمم المتحدة (أ.ب)
السفير الفلسطيني رياض منصور خلال جلسة الأمم المتحدة (أ.ب)

رأت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو، أن «آفاق السلام العادل والدائم» بين الفلسطينيين والإسرائيليين «بعيدة المنال»، قبل أسابيع من إعلان «صفقة القرن» التي تعدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفقاً لتأكيدات المندوب الإسرائيلي الدائم لدى المنظمة الدولية داني دانون.
وكانت ديكارلو تتحدث أمام الجلسة الشهرية لمجلس الأمن عن «الحال في الشرق الأوسط»، بما في ذلك القضية الفلسطينية. وأشارت إلى أن «غياب الحل السياسي يقوّض جهود معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية والسياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وقالت: «تحت ضغط العنف والتوسع الاستيطاني والتدابير الأحادية والانقسام الفلسطيني وانعدام الثقة، تبقى آفاق السلام العادل والدائم بعيدة المنال».
وأضافت أن «آمال إحياء حل الدولتين لا تزال تُستبدل بها المخاوف المتنامية من ضم الأراضي في المستقبل». وشددت على أن «احتمال إقامة دولة فلسطينية قادرة على البقاء ومتصلة جغرافياً لا يزال يُقوّض بالحقائق على الأرض»، مبديةً خشيتها من أن «الوضع الراهن لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والتشدد بين الأطراف والمعاناة والصراع».
وأشارت إلى تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، داعيةً كل الفصائل الفلسطينية والقادة السياسيين إلى «العمل معاً بحسن نية لتوحيد غزة والضفة الغربية تحت حكومة فلسطينية شرعية واحدة». وعرجت أيضاً على الانتخابات الإسرائيلية، وتكليف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدة استعداد الأمم المتحدة للعمل مع الحكومة بعد تشكيلها.
وأوضحت ديكارلو أن لدى إسرائيل حالياً خطة لبناء 2100 وحدة استيطانية داخل «المنطقة ج» من الضفة الغربية، ومناقصات لبناء 950 وحدة أخرى، قائلة إنه «ليس للمستوطنات أي أثر قانوني، كما أنها تمثل انتهاكاً للقانون الدولي».
ولفتت إلى استمرار هدم ومصادرة المنشآت الفلسطينية في أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك في القدس الشرقية. وعرضت استمرار أعمال العنف في غزة خلال الذكرى الأولى لـ«مسيرة العودة الكبرى» في 30 مارس (آذار) الماضي، مؤكدة أن «غالبية المظاهرات كانت سلمية، ولكنّ عدداً قليلاً من المتظاهرين تجاهلوا دعوات ضبط النفس وشاركوا في أعمال عنف ضد إسرائيل وحاولوا اختراق الحاجز الحدودي». وذكرت أن «أعمال العنف أدت إلى مقتل سبعة فلسطينيين، بينهم أربعة أطفال برصاص القوات الإسرائيلية في غزة، كما أُصيب أكثر من 1300 بجروح. وفي المقابل، أطلق المسلحون الفلسطينيون 30 صاروخاً وقذيفة هاون من غزة باتجاه إسرائيل»، مذكرة بأن «هذا محظور بموجب القانون الإنساني الدولي ويجب أن يتوقف فوراً». وطالبت حركة «حماس» بضمان بقاء المظاهرات سلمية ومنع التحريض.
وشاركت في الجلسة كل من ندى مجدلاني وغيدون برومبرغ، وهما شريكان مؤسسان لمنظمة «إيكو بيس الشرق الأوسط» التي تجمع خبراء فلسطينيين وإسرائيليين وأردنيين لتعزيز الجهود التعاونية لحماية البيئة. وقالت مجدلاني لأعضاء مجلس الأمن إن 97% من المياه الجوفية في غزة غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وإن 30% من الأمراض في القطاع ناجمة عن جراثيم منقولة عبر المياه. وأشارت إلى أن توافر الكهرباء بمعدل يقدَّر بأربع ساعات يومياً فقط، يعطّل عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي ويسفر عن إلقاء كميات كبيرة منها في البحر المتوسط كل يوم.
وأضافت: «نواجه معاً تهديداً مشتركاً بسبب النزاع وندرة المياه بسبب المناخ»، لافتة إلى أن «تغيّر المناخ لا يفرّق بين الجانب الأقوى أو الأضعف في النزاع». وأكدت أن الآليات الحالية لتوزيع المياه وإدارة الصرف الصحي عبر الحدود «ليست الأفضل لتلبية حاجات التنمية المستدامة، لا للفلسطينيين ولا للإسرائيليين». وشددت على «ضرورة التوصل إلى أسس عادلة لحصص المياه وإعادة تخصيص الموارد المائية بين إسرائيل وفلسطين والأردن».
أما نظيرها الإسرائيلي غيدون برومبرغ فدعا مجلس الأمن إلى مطالبة الحكومات الثلاث بالتعاون في مجالي المياه والبيئة، بما في ذلك ما يتعلق بنهر الأردن والبحر الميت، والوفاء بحقوق الفلسطينيين وحاجاتهم في قطاع المياه، إضافة إلى تبادل الطاقة من أجل المستقبل المشترك في مواجهة تغير المناخ، وفي إطار حل الدولتين. وقال إن «التقدم في تكنولوجيا المياه الذي تقود غالبيته الابتكارات الإسرائيلية، يقدم فرصاً حقيقية وجديدة مثل استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة». وأضاف أن 70% من مياه الشرب تأتي من تحلية المياه، ونصف القطاع الزراعي يستخدم مياه الصرف الصحي بعد معالجتها.
من جهته، ركّز المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور على خطة السلام الأميركية المرتقبة، أو ما تسمى «صفقة القرن»، فأكد أن «أي مبادرة منفصلة عن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ولا تعترف بحقوق الإنسان لا يمكن أن تكون عادلة أو قابلة للحياة، ولن تنجح».
وأضاف أن «مجلس الأمن أكد في قراره 478، بشكل لا لبس فيه أن ضم إسرائيل للقدس الشرقية المحتلة أمر غير قانوني ولاغٍ وليس له أي أثر قانوني. وبالمثل، اعتبر القرار 497 ضم إسرائيل للجولان السوري المحتل غير قانوني ولاغياً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني، وينطبق الشيء نفسه على أي تدابير ضم خطّطت لها إسرائيل أو فرضتها على أي جزء من الأراضي التي احتلتها منذ عام 1967».
وقبيل بدء الجلسة، أعلن المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة أن إدارة ترمب ستقدم خطتها للسلام «خلال أسابيع قليلة»، مضيفاً: «نحن في انتظارها وسنتفاوض بشأنها، بعكس الفلسطينيين الذين اتخذوا موقفاً إزاءها قبل أن يتعرفوا عليها». وأضاف: «سنبني الأشياء من الأسفل إلى الأعلى، ووضعنا حلولاً لكيفية تحسين حياة الفلسطينيين والتعامل مع القضايا السياسية الأساسية للنزاع».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.