تقرير يكشف تفاصيل تمويل الأحزاب السياسية المغربية

نفقاتها السنوية ناهزت 14.6 مليون دولار حسب «المجلس الأعلى للحسابات»

TT

تقرير يكشف تفاصيل تمويل الأحزاب السياسية المغربية

بلغت موارد الأحزاب السياسية المغربية خلال سنة 2017 نحو 128 مليون درهم (13.5 مليون دولار)، حسب تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات حول تمويل الأحزاب، الذي أوضح أن الأمر يتعلق بموارد 30 حزبا سياسيا أفصحوا للمجلس عن بياناتهم المالية، بينما لم تدل أربعة أحزاب أخرى بحساباتها.
وبحسب التقرير ذاته، فقد تشكلت هذه الموارد بنسبة 59 في المائة من الدعم الحكومي للأحزاب، وبنسبة 41 في المائة من الموارد الذاتية، مبرزا أن 27 حزبا استفادوا من الدعم الحكومي، الذي بلغ 75.7 مليون درهم (8 ملايين دولار). فيما لم يستفد حزبان بسبب عدم مشاركتهما في الانتخابات، وحزب ثالث بسبب نزاع حول الأمانة العامة. وتوزع الدعم الحكومي للأحزاب السياسية بين مساهمة الدولة في تكاليف تدبير الأحزاب بنسبة 77.45 في المائة، ومساهمتها في تمويل مصاريف عقد المؤتمرات الحزبية العادية، التي جرت خلال السنة بنسبة 205، وتمويل الحملات الانتخابية بنسبة 1.2 في المائة، علما بأن سنة 2017 لم تكن سنة انتخابية، غير أنها شهدت انتخابات جزئية لملء مقاعد شغرت في المجالس المنتخبة لأسباب مختلفة.
وبلغت قيمة الدعم الحكومي لتمويل تدبير الأحزاب المغربية 58.6 مليون درهم (6.2 مليون دولار) خلال سنة 2017، لكن مبلغ هذا الدعم بقي مستقرا مقارنة بالعام السابق. إلا أن توزيعه على مختلف الأحزاب المستفيدة شهد تفاوتات لصالح الأحزاب الكبرى في الحكومة والمعارضة. وفي هذا السياق، شهدت حصة حزب الأصالة والمعاصرة، أكبر أحزاب المعارضة، زيادة بنسبة 99 في المائة، وشهدت حصة «العدالة والتنمية»، الذي يقود الحكومة زيادة بنحو 26 في المائة، فيما شهدت حصص أحزاب أخرى انخفاضات، كحزب الاتحاد الدستوري (مشارك في الحكومة)، الذي خفض مبلغ الدعم الذي تلقاه من الحكومة بنسبة 72 في المائة. كما تقلص الدعم الممنوح لحزب التقدم والاشتراكية بنسبة 69 في المائة، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بنسبة 42 في المائة، وحزب التجمع الوطني للأحرار بنسبة 18.6 في المائة، وحزب الاستقلال بنسبة 12.6 في المائة، وحزب الحركة الشعبية بنسبة 7.4 في المائة.
وبلغت النفقات التي صرحت بها الأحزاب السياسية 138.4 مليون درهم (14.6 مليون دولار) خلال سنة 2017؛ توزعت بين نفقات التسيير بنسبة 68.4 في المائة، ومصاريف تنظيم المؤتمرات بنسبة 22.07 في المائة، واقتناء أصول ثابتة بمبلغ 9.6 في المائة.
كما قدم التقرير عرضا خاصا حول حسابات كل حزب على حدة، حيث تصدر حزب العدالة والتنمية الأحزاب المغربية من حيث حجم موازنته، بموارد تناهز 41 مليون درهم (4.3 مليون دولار)، تشكلت من واجبات الانخراط بنسبة 53 في المائة، ومن مساهمة الحكومة في مصاريف التدبير بنسبة 38.6 في المائة. كما تلقى الحزب خلال سنة 2017 تسبيقا بقيمة 3.25 مليون درهم دعما حكوميا خاصا لتغطية تكاليف مؤتمره أواخر 2017، وشكل هذا الدعم زهاء 8 في المائة من إجمالي إيرادات الحزب.
أما نفقات حزب العدالة والتنمية فبلغت زهاء 43 مليار درهم (4.6 مليون دولار)، وتوزعت بين تكاليف التسيير بنسبة 61 في المائة، واقتناء أصول ثابتة بنسبة 24 في المائة، ومصاريف تنظيم المؤتمر بنسبة 15 في المائة. فيما احتل حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة) المرتبة الثانية من حيث حجم الميزانية بموارد تناهز 24.2 مليون درهم (2.55 مليون دولار)، جرى تمويلها أساسا من واجبات الانخراط بنسبة 60 في المائة، ومساهمة الدولة بنسبة 36.5 في المائة. وبلغت نفقات الحزب 24.7 مليون درهم (2.6 مليون دولار)، توزعت بين تكاليف التسيير بنسبة 64 في المائة، ومصاريف عقد مؤتمر الحزب بنسبة 34 في المائة، واقتناء أصول ثابتة بنسبة في المائة.
أما حزب الأصالة والمعاصرة فاحتل المرتبة الثالثة من حيث حجم الميزانية، إذ بلغت موارده 16 مليون درهم (1.7 مليون دولار)، ساهمت فيها الحكومة بنحو 79 في المائة، فيما مثلت واجبات الانخراط 8.7 في المائة من الموارد الإجمالية للحزب. أما نفقات حزب الأصالة والمعاصرة فبلغت 15.1 مليون درهم (1.6 مليون دولار)، صرفت بنسبة 97 في المائة في نفقات التسيير، و3.3 في المائة في اقتناء أصول ثابتة.
وجاء حزب الاستقلال (معارضة) في المرتبة الرابعة بموارد تناهز 15.44 مليون درهم (1.63 مليون دولار)، ساهمت فيها الحكومة بنسبة 64.4 في المائة، فيما ساهمت واجبات انخراط الأعضاء في هذه الموارد بنسبة 21 في المائة، وموارد استغلال أصول بنسبة 14.6 في المائة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.