الفرقاء السودانيون يفشلون في الاتفاق على مجلس مشترك للحكم

اتفاق على فتح الطرق والجسور أمام السير رغم تزايد أعداد المعتصمين

جانب من اعتصام السودانيين المطالبين بنقل السلطة إلى المدنيين في الخرطوم أمس (تصوير: مصطفى عمر)
جانب من اعتصام السودانيين المطالبين بنقل السلطة إلى المدنيين في الخرطوم أمس (تصوير: مصطفى عمر)
TT

الفرقاء السودانيون يفشلون في الاتفاق على مجلس مشترك للحكم

جانب من اعتصام السودانيين المطالبين بنقل السلطة إلى المدنيين في الخرطوم أمس (تصوير: مصطفى عمر)
جانب من اعتصام السودانيين المطالبين بنقل السلطة إلى المدنيين في الخرطوم أمس (تصوير: مصطفى عمر)

فشلت جلسة المفاوضات الثالثة بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى «إعلان الحرية والتغيير» السودانية المعارضة، في حسم الخلاف بشأن «التمثيل في المجلس السيادي»، وتوافقا على «تطبيع حياة الناس وانسياب حاجاتهم الضرورية» بفتح الجسور والمعابر ومسارات القطارات والطرق التي يسدها المحتجون، فيما تواصلت وفود مواكب الولايات لدعم المعتصمين أمام قيادة الجيش ووزارة الدفاع.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، الفريق شمس الدين كباشي، في مؤتمر صحافي، أمس، إن «روحاً إيجابية ورغبة أكيدة» سادت جلسة التفاوض، تمهد للوصول لـ«تفاهمات تفضي لاتفاق حول الرؤى المطروحة والمختلفة حولها»، وتابع: «أمَّن الجانبان على المسؤولية المشتركة، وإعلاء قيمة الوطن، واعتبار الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد، يستدعى التوافق على رؤية متكاملة للخروج بالوطن من وهدته، آخذين في الاعتبار أن عامل الوقت ليس في صالح كل الأطراف».
وكان مقرراً، حسب جلسة التفاوض التي عقدت أول من أمس، حسم التمثيل بين المدنيين والعسكريين في المجلس السيادي، على خلفية تباين المواقف بين الطرفين بشأن التمثيل في المجلس السيادي، إذ يقترح العسكريون 7 عسكريين و3 مدنيين، فيما يتمسك المعارضون بمجلس سيادي مكون من 8 مدنيين و7 عسكريين، والتوصل لاتفاق بشأن التمثيل في جلسة أمس.
وقال الكباشي إن مجلسه استكمل دراسة المقترحات، بيد أنه تفاجأ بموقف جديد من قبل قوى «إعلان الحرية والتغيير»، فبعد أن كان الاجتماع مخصصاً لمناقشة قضية «التمثيل السيادي»، قدموا مقترحاً جديداً مغايراً للاتفاق السابق، وأضاف: «تمثلت هذه الرؤية الجديدة باستعراض كل الهياكل على المستويات الثلاث؛ السيادي والتنفيذي والتشريعي، والاختصاصات والسلطات».
وأوضح الكباشي أن الطرح الجديد المقدم من قوى «إعلان الحرية والتغيير»، يستلزم من الطرفين تقديم رؤية متكاملة له، وإنهما اتفقا على عرضها في اجتماع يعقد اليوم، وقال: «طلبنا كذلك من اللجنة تقديم قائمة بمكونات (قوى الحرية والتغيير) كافة، وقائمة بوفدها المفاوض، وتفويض مكتوب منهم».
وتابع الكباشي أن الطرفين اتفقا على فتح الجسور والمعابر والطرق ومسارات القطارات في الخرطوم والولايات، وقال: «تطبيع حياة الناس، وانسياب حاجياتهم الضرورية، يتطلب فتح الكباري والمعابر والطرق، ومسارات القطارات، لرفع الضرر، وعدم التأثير على حياة المواطنين، وانسياب احتياجاتهم الضرورية».
وانتقد المجلس ما سماه «التفلتات الأمنية المضطردة»، التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين، وجنوح البعض لـ«انتهاك حقوق المواطنين، والقيام بواجبات السلطات المختصة، وأخذ القانون باليد، إضافة إلى ظهور بعض الظواهر السالبة كالسرقة والنهب وترويع المواطنين، وتعطيل حركتهم بإنشاء نقاط تفتيش في الطرقات وداخل المؤسسات المختلفة».
وقال الكباشي، إن لجنة التفاوض التابعة للمعارضة «شجبت تلك السلوكيات، وأكدت أنها مرفوضة تماماً من قبلها»، وتبرأت ممن يقومون بها قائلة: «من يقوم بهذه التصرفات والممارسات لا يمثلها، وأنها معنية فقط بمقر الاعتصام».
وتبعاً لذلك تم الاتفاق على فتح مسار القطار ابتداء من أمس، وفتح جسري «القوات المسلحة» و«النيل الأزرق» بأسرع ما يمكن أمام حركة السير، وإزالة المتاريس أمام دار الشرطة بضاحية بري، بعد استكمال بعض التدابير الخاصة بقوى «إعلان الحرية والتغيير».
وحذر المجلس العسكري من «تلك التصرفات»، ووصفها بأنها «تمس أمن الوطن، وتهدد المواطنين والسلامة العامة، وتؤثر بشكل سالب على معاش الناس».
وناشد الكباشي، المواطنين، عدم الجنوح لها، وطالبهم بالتبليغ الفوري عنها متوعداً بحسهما، وقال: «المجلس لن يتوانى في حسم مثل هذه الظواهر، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ويوجه كل الأجهزة المختصة بالتنفيذ بالمركز والولايات للقيام بذلك».
وحول ما إن كانت تلك الإجراءات التي تم الاتفاق عليها ستؤدي لفض الاعتصام بالقوة، قال الكباشي: «نحن شركاء، وأي شيء يضير المواطن ويؤثر على حياة الناس، مسؤولون عنه نحن الطرفين».
وقطع بأن مجلسه لم يدع لفض الاعتصام، بيد أنه قال: «اتفقنا على أن يسهلوا أمر مسارات السكة حديد، والطرق، وإزالة الحواجز من الطرقات، وأن يلتزموا مكان الاعتصام، لكن لم ندع لفض الاعتصام».
من جهتها، قالت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن الاتفاق على النسب في مجلس السيادة بين المدنيين والعسكريين لم يحسم.
وأوضحت أن الطرفين اتفقا على أولوية تحديد «الهياكل الانتقالية»، وصلاحيات كل منها، وأن تقدم مقترحات الطرفين للتفاوض خلال 24 ساعة.
وأكد التحالف المعارض على استمرار الاعتصام والمواكب حتى تحقيق «كل أهداف الثورة والتغيير»، وعلى سلمية الثورة، ببذل الجهود للتصدي لـ«محاولات جر البلاد للعنف والعنف المضاد»، وقال: «سلميتنا وتماسكنا ووحدتنا هي من قهر وتقهر الجبروت والاستبداد»، وتابع: «تؤكد (قوى الحرية والتغيير) أن العمل من أجل إنجاز أهداف الثورة، هو الشغل الشاغل، ونؤمن بأن الشفافية مع جماهير الشعب وتمليكها المعلومات أولاً بأول، هو ما سيماسك مشروع التغيير، فهم أصحاب الحق وأهل القرار الأول والأخير».
وأثناء ذلك تواصلت وفود داعمي الاعتصام القادمين من ولايات البلاد المختلفة، ومن مؤسسات الخدمة المدنية، ووصل مكان الاعتصام بالقرب من القيادة العامة ووزارة الدفاع موكب قادم من دارفور، قطع مسافة تزيد عن 1500 كيلومتر، للمشاركة في الاعتصام والمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وملاحقة عناصر النظام البائد.
فيما نظم آلاف النساء موكباً أطلقن عليه «موكب المشاركة النسوية بالمناصفة»، ويهدف للحفاظ على مشاركة النساء والحفاظ على حقوقهن، ويحمل شعار «نص بالنص... حقنا كامل»، ويطالب بالتساوي بينهن والرجال بنسبة متساوية.
وقدم إلى الخرطوم موكب قادم من شمال البلاد، باسم «سهم الشمال»، ليضاف إلى المعتصمين من الولايات الأخرى الذين وصلوا الخرطوم، إضافة إلى معتصمي ولاية الخرطوم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.