نشاط متزايد لمهربي الوقود من لبنان إلى سوريا

تغير في اتجاه التصدير يغطي ربع حاجة دمشق من البنزين

منطقة الحدود اللبنانية - السورية (الشرق الأوسط)
منطقة الحدود اللبنانية - السورية (الشرق الأوسط)
TT

نشاط متزايد لمهربي الوقود من لبنان إلى سوريا

منطقة الحدود اللبنانية - السورية (الشرق الأوسط)
منطقة الحدود اللبنانية - السورية (الشرق الأوسط)

فتحت أزمة المحروقات في سوريا باب التصدير اللبناني لهذه السلعة الحيوية، إما بطريقة قانونية أو بالتهريب من المعابر غير الشرعية. وفي حين يستورد بعض التجار السوريين مادة البنزين اليوم من لبنان بمعدل مليون لتر يومياً، لتغطية ربع الاستهلاك اليومي، يتم تهريب ما يقارب 100 ألف لتر يومياً، تمر من منطقة المصنع الحدودية عبر طريق عسكري من دون رقابة أو مساءلة، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» نقيب أصحاب محطات الوقود في لبنان سامي براكس.
والمفارقة أن آية التهريب انقلبت رأساً على عقب، ففي يونيو (حزيران) من العام الماضي، أعلن وزير الدولة السابق لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني أن «الوزارة تبلغت من جهات موثوقة عن عملية تهريب كميات من البنزين من سوريا إلى لبنان وتبلغ نحو مليون لتر يومياً، أي ما يوازي 50 ألف صفيحة، الأمر الذي يشير إلى أن 8 آلاف ليرة لبنانية لكل صفيحة تخسرها مالية الدولة وتصبّ في جيوب بعض المهرّبين».
مسؤول أمني تحفظ عن ذكر اسمه، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يهرب بالقرب من المصنع، تُهرب مقابله كميات لا يمكن إحصاؤها. فالمعلومات الدقيقة تشير إلى تهيئة الحدود الفالتة بين لبنان وسوريا وتزفيتها في جنتا وزرغايا ويحفوفا في منطقة بعلبك، حيث لا نقاط للجيش اللبناني ولا مراكز مراقبة أمنية، وحيث سيطرة حزب الله، والصهاريج تعبرها بشكل طبيعي ناقلة البنزين إلى الجانب السوري. كذلك في منطقة القصر في الهرمل حيث الأرض منبسطة، وتتوفر فيها أنابيب كانت تستخدم في الماضي لتهريب المازوت من سوريا إلى لبنان، وهي تستخدم اليوم لتهريب البنزين من لبنان إلى سوريا. والجيش اللبناني لا يعرف أماكن وجود هذه الأنابيب».
ومن عاين المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا في البقاع، يعرف أن بعض المنازل تقع على أراض سورية ولبنانية في الوقت ذاته، ما يسهل التهريب من دون حسيب أو رقيب. كما أن مد الأنابيب يمكن أن يكون قد تم في أملاك خاصة من الجانبين.
ويروي المسؤول أنه صادف قبل أيام في منطقة بحمدون على طريق الشام «أكثر من خمسين صهريجاً لنقل الوقود بلون فضي ولوحات سورية من حمص وحماة وغيرهما، وهي تمر عبر المصنع بشكل نظامي وبموجب عقود بين الشركات اللبنانية والحكومة السورية، أما خط التهريب فله وضع آخر».
ويشير إلى أن «القوانين اللبنانية لا تنص على منع تصدير النفط أو غيره من السلع. وإدارة الجمارك لا علاقة لها إذا مرت أي سلعة لبنانية إلى سوريا، أو حيث تشاء، المهم أن تكون ضمن القانون، ولا تتضمن مخدرات أو تهريب أموال. أما إذا ضبطت عند المعابر غير الشرعية فعلى القوى الأمنية والعسكرية ملاحقتها وتوقيفها».
ويوضح براكس أن «قسماً من البنزين الذي يأتي إلى لبنان عبر مرفأ بيروت، هو في الأساس لشركات سورية، يمر بطريقة الترانزيت إلى سوريا ومن دون جمرك. ولا يزال الأمر على حاله في هذا الشق القانوني». وأضاف أن «لا شيء تغير مع ما يتردد عن وجود تحذير أميركي يمنع إدخال البنزين من لبنان إلى سوريا وفق القوانين، أما التهريب فهو ممنوع بحظر وتحذير أميركي أو من دونه».
مواطن سوري عاد من حلب إلى بيروت قبل أيام يروي لـ«الشرق الأوسط» أن «سيارات وشاحنات صغيرة تعبر يومياً بين سوريا ولبنان صنعت لها خزانات سرية غير منظورة لتمرر فيها الوقود بالتهريب. ويباع لتر البنزين النظامي التابع للدولة بـ450 ليرة سورية، ليصبح ثمن الصفيحة نحو 19 دولاراً. أي أن سعره تضاعف أكثر من خمس مرات».
لكن الحصول على الوقود النظامي قد يستوجب البقاء ثلاثة إلى أربعة أيام بانتظار الدور في محطات التوزيع، ليحصل سائق النقل العمومي على 20 لتراً، في حين يحصل صاحب السيارة الخصوصية على 10 لترات. أما وقود السوق السوداء فيباع بألف ومائة ليرة سورية أو دولارين، لتصبح الصفيحة بأربعين دولاراً، «والمهربون وراءهم رؤوس كبيرة تحميهم». وأضاف أن «سائقي الأجرة السوريين يتوجهون إلى لبنان أكثر من مرة يومياً ولو كان معهم راكب واحد، فقط لملء خزاناتهم بالبنزين حتى يتمكنوا من تحصيل رزقهم».
ويقول مواطن في منطقة البقاع إن «محطات البنزين تفرغ من الوقود كل مساء، الأمر الذي لم يكن يحصل سابقاً».
ويشير براكس إلى أن «المحطات القريبة من الحدود السورية ينفد منها الوقود أكثر من غيرها». ويضيف أن «سوق استيراد الوقود إلى لبنان مفتوح. ونسبته ارتفعت في الفترة الحالية، وبيع البنزين إلى سوريا يزيد أرباح الشركات أكثر مما يزيد أرباح محطات البنزين، كما يزيد أرباح الخزينة اللبنانية لأن الدولة تتقاضى 8 آلاف ليرة (نحو 5 دولات ونصف الدولار) عن كل صفيحة بنزين». لكنه يشكو من أن «المحطات التي تشتري الوقود من الشركات بالدولار وتبيعه بالليرة اللبنانية، تواجه وضعاً صعباً هذه الأيام، لأن المصارف تتحفظ على بيعنا دولارات، ما يضطرنا إلى شراء الدولار من السوق السوداء لنتمكن من الدفع إلى الشركات».



أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».