البغدادي يقر بالخسارة في سوريا ويتوعد بالثأر

في أول ظهور له منذ 5 سنوات

البغدادي كما ظهر في شريط الفيديو أمس (إ.ب.أ)
البغدادي كما ظهر في شريط الفيديو أمس (إ.ب.أ)
TT

البغدادي يقر بالخسارة في سوريا ويتوعد بالثأر

البغدادي كما ظهر في شريط الفيديو أمس (إ.ب.أ)
البغدادي كما ظهر في شريط الفيديو أمس (إ.ب.أ)

نشر تنظيم «داعش»، أمس (الاثنين)، شريط فيديو ظهر فيه زعيمه أبو بكر البغدادي الذي توعد بالثأر لقتلى التنظيم وأسراه، مقراً بخسارته بلدة الباغوز آخر معقل له في سوريا. وهذا هو الظهور الأول للبغدادي منذ خمس سنوات حينما اعتلى منبر مسجد «النوري» في الموصل، في يوليو (تموز) 2014، معلناً قيام «دولة» مزعومة لتنظيمه على الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وتحدث البغدادي في الشريط الجديد، ومدته 18 دقيقة، عن تطورات حصلت أخيراً مثل الانتخابات الإسرائيلية التي أعادت بنيامين نتنياهو إلى السلطة، وأيضاً سقوط نظامي الرئيسين عمر البشير وعبد العزيز بوتفليقة في كل من السودان والجزائر. ويدل ذلك بوضوح على أن التسجيل حديث جداً.
وكان البغدادي يجلس مفترشاً الأرض ويتحدث إلى عدد من عناصر تنظيمه، وبدا في إحدى الصور التي وزعها التنظيم وهو يحمل ملفاً عنوانه «ولاية تركيا»، في إشارة إلى وجود فرع لـ«داعش» على الأراضي التركية. وقد يكون الملف مرفوعاً إليه من قادة فرعه هناك. كما ظهر بجانبه رشاش، على غرار ما كان يفعل زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن.
وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن شريط الفيديو وزعته «مؤسسة الفرقان» الإعلامية التابعة لـ«داعش»، موضحة أن البغدادي يتوعد فيه بالثأر لقتلى التنظيم وأسراه. وجلس الرجل على الأرض في التسجيل مخاطباً أعضاء التنظيم على مدى 18 دقيقة. وظهر بعض المساعدين يستمعون إليه ووجوههم مغطاة، حسبما لاحظت «رويترز».
أما وكالة الصحافة الفرنسية فأشارت إلى أن البغدادي يظهر للمرة الأولى منذ خمس سنوات، موضحةً أن الشريط الدعائي نشره التنظيم المتطرف عبر تطبيق «تليغرام». وتابعت أن البغدادي يظهر في الفيديو بلحية طويلة بيضاء ومحناة الأطراف، واضعاً منديلاً أسود على رأسه، ومتحدثاً بنبرة بطيئة.
وقال البغدادي في بداية الشريط إن «معركة الباغوز انتهت»، في إشارة إلى طرد التنظيم من آخر جيوبه في شرق سوريا قبل ما يقارب الشهر، وتطرق إلى الاعتداءات الأخيرة في سريلانكا. وإذ شدد البغدادي على أن «الله أمرنا بالجهاد ولم يأمرنا بالنصر»، أكد أن الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت سريلانكا في عيد الفصح وتبناها تنظيم «داعش» جاءت «ثأراً» للباغوز. وفي هذا الإطار، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن البغدادي قوله في الشريط: «إن إخوانكم في سريلانكا قد أشفوا قلوب الموحدين» من أعضاء «داعش» من خلال التفجيرات «التي قضّت مضاجع الصليبيين خلال عيد الفصح للانتقام لإخوانكم في الباغوز». وأضاف: «هذا جزء من الانتقام الذي ينتظر الصليبيين». وقال إن عناصر «داعش» نفّذوا 92 عملية في ثماني دول «ثأراً لإخوانهم في الشام».
وقال: «في الحقيقة، إن معركة الإسلام وأهله مع الصليب وأهله معركة طويلة، وأن معركة الباغوز انتهت وقد تجلّت فيها همجية ووحشية» المعادين للإسلام، حسب زعمه. وأصر البغدادي على أن المعركة «معركة طويلة (...) وسيكون بعد هذه المعركة ما بعدها»، حسبما أشارت الوكالة الفرنسية. وقال إن مقاتلي التنظيم المتطرف الذي مني بهزائم عسكرية متتالية على مدى السنتين الماضيتين «سيأخذون بثأرهم».
وأشارت ريتا كاتز من موقع «سايت» المعنيّ بمراقبة مواقع المتطرفين، إلى أن البغدادي أعلن في شريط الفيديو قبوله بيعة جاءته من بوركينا فاسو ومالي، مسمياً تحديداً أبو الوليد الصحراوي ومشيداً به وبالهجمات التي يشنها ضد القوات الفرنسية والقوات المتحالفة معها في المنطقة (الساحل الأفريقي).
وخسر أبو بكر البغدادي المدرج على رأس قائمة كبار المطلوبين في العالم، دولة مزعومة أقامها لأكثر من ثلاث سنوات، وبات اليوم يختبئ في كهوف الصحراء السورية، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محللين. وبعدما كان يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراضٍ شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لا يقود البغدادي اليوم إلا مقاتلين مشتتين عاجزين بأنفسهم عن معرفة مكان وجوده، حسبما أضافت الوكالة.
وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إلى البغدادي البالغ من العمر 47 عاماً، والذي سرت منذ عام 2014 إشاعات كثيرة عن مقتله بيّن الشريط الموزع أمس أنها لم تكن صحيحة.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».