خلافات داخل حركة «تحيا تونس» حول انضمام رموز النظام السابق

TT

خلافات داخل حركة «تحيا تونس» حول انضمام رموز النظام السابق

أثار تمديد حركة «تحيا تونس»، أعمال مؤتمرها الانتخابي الأول حتى غد (الأربعاء)، بينما كان مقرراً أن تنتهي الأحد الماضي، تساؤلات حول مدى تأثير الخلافات الداخلية التي برزت للعيان خلال اليوم الأول من المؤتمر على انطلاقة الحزب الفتيّ الذي يطمح، وفق تصريحات قياداته السياسية، إلى اكتساح الساحة والحصول على غالبية المقاعد البرلمانية (109 أصوات) مما يجعله قادراً على الحكم وحده. وكان هذا التمديد بطلب من رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي كان مفترضاً أن يشرف على الجلسة الختامية ويبيّن مدى العلاقة التي تربطه بهذا الحزب الجديد ويطمئن عدداً من القيادات السياسية حول موضوع ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
والأمر الرائج في تونس هو أن حزب «تحيا تونس» مرتبط بالشاهد، إلا أن الأخير لم يعلن رسمياً صلته بالحزب، وما إذا كان سيترأسه مثلما يتم الترويج لذلك منذ أن كانت هذه الحركة مجرد مشروع سياسي.
وتزامن تأجيل الجلسة الختامية للمؤتمر الانتخابي الأول مع حادث مرور قاتل أودى بحياة 12 عاملاً فلاحياً، وهو ما أدى إلى احتقان اجتماعي في منطقة سيدي بوزيد وإقرار اتحاد الشغل (نقابة العمال) إضراباً عاماً عن العمل يوم أمس، احتجاجاً على الظروف المزرية التي يُنقل فيها العمال في القطاع الفلاحي وعدم إقرار قانون جديد يمكّن من نقلهم في ظروف آمنة.
وأفرزت أعمال اليوم الأول من المؤتمر التأسيسي لحركة «تحيا تونس»، مصادقة المجلس الوطني للحزب على تعيين سليم العزابي أميناً عاماً للحركة، وإعداد اللوائح، حيث ترأس مصطفى بن أحمد اللائحة العامة، وترأست هالة قعلول لائحة النظام الداخلي.
ويتساءل كثيرون في تونس حول سرعة تشكيل هذا الحزب الجديد، وهو ما يشبه إلى حد ما تأسيس حزب حركة «نداء تونس»، على يد الرئيس الباجي قائد السبسي في منتصف عام 2012، وتمكّن بعد فترة وجيزة من اكتساح الساحة السياسية وتجاوز «حركة النهضة»، منافسه الأساسي، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أُجريت سنة 2014، غير أن قيادات حركة «تحيا تونس» ترى أن التجربة مختلفة تماماً، إذ إنها انطلقت من الجهات والقواعد باتجاه القمة التي يمثلها المؤتمر التأسيسي أو الانتخابي، وهذا لم يحصل في «حزب النداء» الذي بقي محافظاً على قيادات بعينها لمدة زمنية طويلة نسبياً.
ولئن آلت الأمانة العامة لحزب «تحيا تونس» إلى سليم العزابي مدير الديوان الرئاسي السابق، فإن خلافات حادة برزت بين القيادات السياسية شملت ملف التحاق رموز النظام السابق بالصفوف الأمامية للحزب. ففي حين رفض مصطفى بن أحمد القيادي المؤسس لحزب حركة «تحيا تونس»، وهو أحد الوجوه النقابية المعروفة، ضم شخصيات كانت دستورية، وأخرى كانت في حزب التجمع الدستوري المنحل إلى حركة «تحيا تونس»، فإن قيادات أخرى على غرار حسين جنيح تمسّكت بضرورة فسح المجال لوجوه التجمع المنحل -حزب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي- والدساترة لتقمص مناصب قيادية في الحزب، وهو موضوع يمكن أن يكون مؤثراً على مستوى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المنتظرة خلال الربع الأخير من السنة الحالية، إذ إن التجمع المنحل خلّف أنصاراً بعدد كبير من الجهات وبات لهم ثقلهم الانتخابي. ولتأكيد عمق الخلاف بين الطرفين، هدّد بن أحمد بمغادرة الحزب وتركه نهائياً في حال فتحت الأبواب أمام أنصار النظام السابق وباتوا يحتلون المناصب القيادية.
وكان سليم العزابي قد أشار إلى أن المسار التأسيسي للحزب يسير بطرق ديمقراطية ونزيهة، مؤكداً أن رئيسي لجنة إعداد المؤتمر ولجنة مراقبة الانتخابات مستقلان عن الحزب، وهو ما يرفع من درجة مصداقيته بين التونسيين، على حد تعبيره.
ومن المنتظر عودة أعمال المؤتمر غداً (الأربعاء)، بعد انقطاع دام يومين، حيث سيتم الإعلان عن المكتب السياسي والمكتب التنفيذي للحزب، الذي سيضم أكثر من 200 عضو، موزعين بين نواب بالبرلمان، ووزراء في حكومة الشاهد، وشخصيات من أعضاء المكاتب التابعة للحزب في الجهات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.