الأردن يراجع اتفاقية الغاز مع إسرائيل

في ظل ضغط نيابي رافض لها

TT

الأردن يراجع اتفاقية الغاز مع إسرائيل

كشفت مصادر سياسية أردنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وجّه رسمياً بمراجعة بنود اتفاقية الغاز مع الجانب الإسرائيلي من خلال تقرير فني يبحث في المصلحة الوطنية المتأتية من الاستمرار بالعمل بالاتفاقية أو تجميدها. ويُتوقع أن عمّان ستستخدم النتائج في إطار الضغط السياسي على تل أبيب، ولمواجهة الضغط النيابي الرافض لها.
وكان توقيع اتفاقية الغاز بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وشركة «نوبل إنيرجي» الأميركية لنقل الغاز الإسرائيلي، قد شهد جدالاً واسعاً على الساحة المحلية خلال الأشهر الماضية، بعد أن نظمت حراكات شعبية سلسلة فعاليات تندد بالتطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، رافعة شعار «غاز العدو احتلال». إلا أن حكومتي رئيسي الوزراء السابقين، عبد الله النسور وهاني الملقي، أعلنتا استمرار العمل في الاتفاقية، وتجاوزتا الشبهة الدستورية في عرض الاتفاقية كمشروع قانون على البرلمان الأردني للتصويت عليه، إذ لا يزال الأخير يلوّح بين الحين والآخر بطرح الثقة بحكومة عمر الرزاز الحالية، التي تفرض طوقاً على الاتفاقية وتدرجها ضمن الوثائق السرية، رافضة كشف بنودها للبرلمان، تحت ذريعة الالتزام بشرط جزائي يرتب أكثر من مليار دولار أميركي على الأردن في حال الكشف عن بنودها، وهو ما أكده الرزاز في تصريحات عديدة، وسط تشكيك نيابي.
بالمقابل، يرى برلمانيون أردنيون أن شرط سرية الاتفاقية والشرط الجزائي في حال فسخها، يمثلان مساساً بالسيادة الأردنية. وشهدت جلسة نيابية لمناقشة اتفاقية الغاز الأردنية - الإسرائيلية، في 26 مارس (آذار) الماضي، نقاشاً حاداً، حيث هدد نواب باستخدام حقهم الدستوري في التصويت على طرح الثقة بالحكومة في نهاية الجلسة، قبل أن يتدخل نائب رئيس الوزراء الأردني رجائي المعشر بطلب استفتاء من المحكمة الدستورية عبر سؤال حكومي حول دستورية تصويت البرلمان من عدمه. ووافقت الحكومة على المقترح رغم إعلان المجلس بطلان الاتفاقية مهما كانت نتائج الاستفتاء، بحسب تصريح رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة.
وتتذرع الحكومة الأردنية في دفاعها عن التزامها بالاتفاقية بوجود شرط جزائي يحمّل الطرف المنسحب غرامة تتجاوز قيمتها مليار دولار أميركي، وذلك أمام تقدم مراحل المشروع وبدء مد أنابيب الغاز فعلياً، خاصة عبر عدد من قرى الأردن الشمالية المحاذية للحدود مع الأراضي المحتلة، وتحديداً قرى محافظة إربد (شمال البلاد).
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، خالد بكار، في تصريحات إلى «الشرق الأوسط»، إن الاتفاقية علاوة على رفضها سياسياً بوصفها «تطبيعاً فاضحاً» مع إسرائيل، فإنها «ساقطة اقتصادياً» بحسب منطق دراسات الجدوى في مجال الطاقة، خصوصاً أن الأردن ينتج ما يزيد عن حاجته من الطاقة. وأضاف البكار: «لماذا البحث عن مصدر جديد لاستيراد الغاز؟ وأضع علامات استفهام أمام الحكومات التي تصر على المضي في تنفيذ الاتفاق رغم جبهة الرفض الشعبي». واعتبر البكار أن استيراد الغاز الإسرائيلي، من خلال الأردن، هو مصلحة اقتصادية لإسرائيل، وأن الأردن هو الطرف الخاسر في الاتفاقية، حيث تلزمه بشراء كميات بحد أدنى من الغاز سنوياً، بصرف النظر عن حاجته.
وقال البكار إن الصفقة اعترتها «شبهات دستورية» من خلال استملاك الحكومة الأردنية لأراضي أفراد من قرى شمال المملكة، منوهاً بأن ثمن الاستملاكات دفع من الخزينة العامة، مما يجبر الحكومة على تقديم مشروع قانون ينص على ما يترتب من التزامات مالية على الدولة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».