الأمم المتحدة تسلّم 502 منزل إلى الإيزيديين في سنجار مع «وثائق ملكية»

قالت إنها أعادت إعمار 1064 مسكناً خلال عامين

TT

الأمم المتحدة تسلّم 502 منزل إلى الإيزيديين في سنجار مع «وثائق ملكية»

سلّم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 502 منزل مع «وثائق ملكية» للمواطنين الإيزيديين العائدين إلى قضاء سنجار بمحافظة نينوى، بعد إصلاح تلك المنازل التي تضررت بشكل كبير أثناء احتلال «داعش» للقضاء بعد يونيو (حزيران) 2014.
واستناداً إلى بيان أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أمس، فإن عملية إعادة تأهيل المنازل، تأتي ضمن مشروع أكبر مولته الحكومة الألمانية، يتعلق بموضوع الاستجابة للأزمات وبناء القدرة على مواجهتها، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.
وأكد البيان «إصلاح ما مجموعه 1064 منزلاً في سنجار على مدى عامين، مع تقديم 1501 وثيقة ملكية للإيزيديين العائدين».
وموضوع عدم امتلاك المواطنين الإيزيديين لوثائق ملكية المنازل التي يسكنون فيها، من بين أكبر المشكلات التي عانوا منها على امتداد عقود طويلة من الزمن، حتى أن بعضهم عاش في منازل منذ نحو مائة عام؛ لكنه لا يملك وثيقة رسمية «طابو» بملكيتها.
ونقل بيان المنظمة الأممية عن مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في العراق، وكالة، يوكو أوتسوكي، تأكيدها على أهمية منح السكان وثائق ملكية لأول مرة، بالقول إن «الإقرار بحقوق الإيزيديين في السكن والملكية لأول مرة في التاريخ الحديث، يعد إنجازاً رائداً وأداة ضرورية لتشجيعهم على العودة إلى المنطقة». وأشار البيان إلى أن «المشروع الأممي يتبنى نهجاً مجتمعياً يقوم على إشراك العائدين في نشاطات إعادة التأهيل، والتحقق من الملكية، إذ جرى توظيف 684 إيزيدياً، منهم 44 في المائة من النساء في المشروع، لتشجيع التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات التي تأثرت بالصراع». كما أنه ساعد في عودة «أكثر من 13 ألف إيزيدي إلى منازلهم».
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى عن سنجار، وممثل الطائفة الإيزيدية، داود جندي، إن «المشروع يساعد السكان الإيزيديين الذين أجبروا على الفرار أثناء الصراع، على الشعور بالارتباط بأرضهم».
ورغم الجهود الأممية وجهود الحكومة العراقية والمنظمات الدولية المتواصلة، في قضاء سنجار ذات الأغلبية الإيزيدية، فإن نسبة عالية من السكان لم تعد إلى منازلها لأسباب مختلفة، منها الخشية من عودة «داعش» من جديد، إلى جانب صراع القوى والفصائل المختلفة هناك، وضعف الخدمات والبنى التحتية بشكل عام.
وفي هذا الاتجاه، يقول مدير ناحية سنوني في شمال سنجار، خديدة جوكي، إن «نحو 20 في المائة من السكان عادوا لمنازلهم، والبقية لم يعودوا لأسباب مختلفة، منها الخشية من عودة (داعش) أو ضعف الخدمات، أو ممانعة الحزب الديمقراطي الكردستاني». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما نسبتهم 80 في المائة من السكان ما زالوا يعيشون في إقليم كردستان، ونسبة كبيرة من هؤلاء توالي الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي لا يرغب في عودتهم إلا بعد رفع أعلام الإقليم في الناحية وسنجار عموماً».
وعن عمليات إصلاح المنازل وإعادة إعمارها التي تتبناها المنظمة الأممية، كشف خديدة جوكي عن «إصلاح نحو 500 منزل في ناحية الشمال، وعودة الأهالي إليها؛ لأن الأمم المتحدة تضع شرط عودة صاحب المنزل لإصلاحه». واعتبر أن «منح وثائق تمليك للإيزيديين خطوة في الاتجاه الصحيح، وتمهيد لتسجيلها رسمياً بأسماء المواطنين في وقت لاحق. لقد عانى الناس في سنجار ونواحيها الأمرّين من هذا الموضوع. تصور أني أعيش في منزل يعود لأسرتي منذ نحو مائة عام؛ لكنه غير مسجل رسمياً ضمن أملاك الأسرة».
وتميل مصادر محايدة في قضاء سنجار إلى الاعتقاد بتأثير حالة الصراع السياسي بين الجماعات والأحزاب والجهات المتنافسة على إدارتها؛ حيث تقف قوات الجيش و«الحشد الشعبي» والجماعات المتحالفة معها، مثل حزب العمال الكردستاني، في مقابل الجماعات والجهات المحلية الموالية للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني.
وترى تلك المصادر أن من شأن تلك الصراعات المساهمة في تأخير عمليات إعادة الإعمار والاستقرار للقضاء الذي دمره «داعش»، وقتل وسبى الآلاف من رجاله ونسائه.
وكان قائم مقام سنجار، العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، اتهم أول من أمس، حزب العمال، بالهيمنة على سنجار.
بدوره، يتفق الباحث الإيزيدي خلدون سالم النيساني، حول الأضرار التي تخلفها الصراعات السياسية والعسكرية في سنجار، ويرى أن «أغلبية العراقيين لا يعرفون حجم الظلم الذي لحق بالإيزيديين منذ عقود طويلة، ومن ذلك حرمان الأغلبية الساحقة في سنجار من امتلاك منازلهم الخاصة». ويقول النيساني لـ«الشرق الأوسط»، إن «مناطق الإيزيديين في سنجار تعرضت دائماً لحملات التغيير الديموغرافي من الحكومات المتعاقبة قبل 2003، ووثائق التمليك الجديدة ربما تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.