رمزية «البرتقالي» في إعدامات «داعش» رسائل تضامن مع سجناء غوانتانامو

3 إعدامات لأميركيين من قبل التنظيم باستخدام اللون ذاته

رمزية «البرتقالي» في إعدامات «داعش» رسائل تضامن مع سجناء غوانتانامو
TT

رمزية «البرتقالي» في إعدامات «داعش» رسائل تضامن مع سجناء غوانتانامو

رمزية «البرتقالي» في إعدامات «داعش» رسائل تضامن مع سجناء غوانتانامو

واصل تنظيم «داعش» استخدامه وتوجيهه للرسائل الرمزية لمن يعدهم خصوما له، ومن ذلك استخدام التنظيم للزي البرتقالي حين يقرر نشر مقاطع مرئية لرهائن غربيين، وتحديدا من الجنسية الأميركية، أو القيام بقتلهم كما فعل مع الصحافي الأميركي جيمس فولي، والذي خطف في سوريا نهاية عام 2012 وقبل ذلك خطف من ليبيا، وبعد إعدامه مرتديا اللون البرتقالي، أظهر التنظيم مقطعا مرئيا وبعده نشر مقطعا آخر للصحافي ستيفن جويل سوتلوف، مهددا أن مصير هذا الصحافي سيتوقف على القرار القادم لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه «داعش»، وذلك بعد إعلان التنظيم قطع رأس جيمس فولي ردا على الغارات الأميركية التي استهدفت مواقع لـ«داعش» في العراق.
قبل «داعش»، استخدم تنظيم القاعدة الزي البرتقالي عام 2004م حين نشط في السعودية في الفترة من 2003 - 2006 وقضي عليه، وكان ظهور اللون البرتقالي في تلك الفترة حين بث التنظيم مقطعا مرئيا للمهندس الأميركي بول جونسون، الذي اختطفه أفراد ما يعرف بـ«تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» وجزوا رأسه، وكان استخدام التنظيم للون البرتقالي كرد على زي السجناء في سجون غوانتانامو، والتي يرتدي فيها السجناء – غالبيتهم من تنظيم القاعدة والجماعات المقاتلة سابقا في أفغانستان – اللون البرتقالي، واللون الأبيض بعد انتهاء فترة التحقيقات الأولية.
وحول هذا يقول فؤاد شامية الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» بأن «داعش» و«القاعدة» لم يصدرا أي شيء حول استخدام اللون البرتقالي لدى إعدامهم لمن يقع تحت أيديهم من الأميركيين أو الغربيين، إلا أن هذا السلوك فيه رمزية ومحاكاة وهو مثار اهتمام الباحثين ويضيف: «هناك ما يشبه المحاكاة فهم يقومون بإلباس هؤلاء المختطفين الرداء البرتقالي كاملا كنوع من الرد والتضامن مع أفراد (القاعدة) المسجونين في غوانتانامو، وكما رأينا في سلوك داعش في مسألة انتهاج سياسة الثأر والانتقام وهذا يعزز كذلك استخدام اللون البرتقالي في إعداماتهم للأميركيين المحتجزين لديهم».
اللون البرتقالي له رمزية أخرى، وهي رداء المحكومين بالإعدام في الولايات المتحدة الأميركية، أو المعروضين للمحاكمة، وهو ما يشير إليه الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية شامية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المتطرفين قد يستخدمون هذا اللون نظرا لما يشاهده بعضهم من استخدام الجهات العدلية الأميركية لهذا اللون في المحاكمات والسجون، في الوقت الذي يعيد مرة أخرى ترجيح مسألة «الرمزية والمحاكاة» في استخدام اللون البرتقالي تعاطفا وردا على سلوك الحكومة الأميركية مع معتقلي غوانتانامو.
ومن الجانب النفسي، يقول الدكتور إبراهيم الخضير استشاري أول في الطب النفسي بمدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية في الرياض بأن التنظيم يعزف على الجانب النفسي كثيرا، إما في استخدامه لهذا اللون البرتقالي لإعدام الجنسيات الغربية وتحديدا الأميركان، واصفا من يقومون بهذه الأعمال الإجرامية من انتقام وقطع للرؤوس أنهم غير أسوياء ويضيف: «اللون البرتقالي شهير في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من غيرها، ونشاهده في الأفلام وقبل سنوات ظهر هذا الزي وارتبط بسجناء غوانتانامو وبالتأكيد قد تكون هناك دوافع لاستخدام داعش لهذا اللون أثناء تصفية بعض الأميركان سواء عام 2004 في السعودية أو الآن في سوريا كما حدث مع الصحافي الأميركي وهي ما تشبه ردود الفعل النفسية».
ويضيف الخضير أن التنظيم يحاول إرسال رسالة أنه يستطيع أن يحكم وينفذ الإعدامات تماما كما لو أن لديه أنظمته المتكاملة. ويؤكد في حديثه الهاتفي مع «الشرق الأوسط» أن دوافع الثأر والانتقام التي ينطلق منها أفراد «داعش» لم يشهد لها مثيلا وهي تدل على عدم استقرار نفسي، أو كما أطلق عليهم «غير أسوياء».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.