مذكرات احتجاج بين البحرين والعراق على خلفية تصريحات الصدر

TT

مذكرات احتجاج بين البحرين والعراق على خلفية تصريحات الصدر

قدمّت البحرين احتجاجاً رسمياً للعراق على البيان الصادر عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتبرتها المنامة تدخلاً في شؤونها الداخلية، في حين حمل وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الصدر، المسؤولية داعياً إياه لتركيز اهتمامه على التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي.
واستدعت البحرين مساء أول من أمس القائم بأعمال السفارة العراقية في المنامة بالإنابة، نهاد رجب عسكر العاني، الذي قابل وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون في الخارجية البحرينية السفير وحيد مبارك سيّار، وأكد له «استنكار البحرين واحتجاجها الشديدين للبيان الصادر عن مقتدى الصدر، الذي تم الزج فيه باسم البحرين ويمثل إساءة مرفوضة للبحرين وقيادتها، ويعد تدخلاً سافراً في شؤون البحرين، وخرقاً واضحاً للمواثيق ومبادئ القانون الدولي، ويشكل إساءة إلى طبيعة العلاقات بين البحرين والعراق».
وشدد سيار «على أن البحرين تحمل الحكومة العراقية نتيجة لذلك مسؤولية أي تدهور أو تراجع للعلاقات بين البلدين، كما تحملها مسؤولية السماح لمثل هذه الأصوات غير المسؤولة والمسيئة التي تثير الفتنة وتشكل معاول هدم وتهديدا خطيرا على الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة». وأضاف سيار أن «البحرين تحرص دائماً على التزامها نهجاً ثابتاً بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتطالب الحكومة العراقية بضرورة التصدي لهذه الأصوات التحريضية وردع هذه المواقف التأزيمية، كما أنها تؤكد أنه لا يمكن أن تقبل أو تسمح أبداً بأي شكل من أشكال الإساءة أو التدخل في شؤونها من قبل أي شخص أو أي جهة كانت، وستتخذ جميع إجراءات السيادة اللازمة للحفاظ على سيادتها واستقلالها وأمنها واستقرارها».
وأشار السفير سيار إلى أن بلاده تطالب بغداد بالقيام بدورها وتحمل مسؤوليتها في حماية أمن وسلامة سفارتها البحرين في بغداد وقنصليتها في النجف، وفقاً لاتفاقية فيينا وكذلك بالتدخل الفوري لوقف مثل هذه البيانات والتصريحات المعادية للبحرين وغير المسؤولة سواء كانت من المسؤولين أو من أي جهة عراقية كانت، التي هدفها التأزيم وإخلال الأمن والاستقرار في البحرين والمنطقة.
وفي بغداد، أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً بشأن تصريحات وزير خارجية البحرين حول مقتدى الصدر. وقالت في بيان، إنها تُعبر «عن شجبها للتصريحات». وأضافت إن «كلمات وزير الخارجية البحريني - وهو يُمثّل الدبلوماسية البحرينية - تُسِيء للسيد مقتدى الصدر» معتبرة ذلك غير مقبولة في الأعراف الدبلوماسية، بل تُسِيء - أيضاً - للعراق، وسيادته، واستقلاله خُصوصاً عندما يتكلم الوزير البحريني عن خُضُوع العراق لسيطرة الجارة إيران».
وأضاف البيان إن العراق لن يقبل «أي تدخُل في شؤونه، كما لن يقبل أي إساءة له، أو إلى رموزه الوطنية، والدينية مهما تعددت، وتنوعت وجهات نظرهم». وطالبت البحرين «باعتذار رسمي» وقالت إن العراق «الذي تتعدد فيه الرؤى، وتتسع فيه حُرِيّة التعبير للرموز، والشخصيات، والقوى السياسية، ولجميع المُواطِنين، ولا يقبل بأي حال من دولة يعتبرها شقيقة، ويستضيف سفارتها في بغداد أن يكون موقفها الرسمي موقفاً استفزازيّاً ينتقص من سيادة العراق، واستقلاله، ويتهمه بأنه خاضع لسيطرة أي بلد كان».
من جانبها؛ قالت الخارجية الإماراتية، إنها تتابع باهتمام كبير وقلق بالغ البيانات والتصريحات الواردة من العراق تجاه البحرين وقيادتها.
وأضافت في بيان أمس: «إن التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين والتجاوز على حرمة ومكانة قيادتها الكريمة أمر غير مقبول على الإطلاق، وتدخل مرفوض».
وشدد البيان الإماراتي على أن عدم تدارك ما يسيء إلى العلاقات بين الأشقاء «لن يؤدي إلا إلى اتساع الفجوة وزيادة التوتر في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى التعاون والتواصل واحترام السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي». وأضافت: «ندعو الإخوة في العراق إلى الالتزام بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بما يسهم في تعزيز أواصر العلاقات العربية ويعمق هدفنا المشترك المتمثل في ترسيخ الاستقرار في المنطقة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.