طرق جديدة للدفاع عن الأرض في وجه الكويكبات الضاربة

نظم للرصد الحراري والتصوير الدقيق لها

طرق جديدة للدفاع عن الأرض في وجه الكويكبات الضاربة
TT

طرق جديدة للدفاع عن الأرض في وجه الكويكبات الضاربة

طرق جديدة للدفاع عن الأرض في وجه الكويكبات الضاربة

عندما انفجر نيزك «تشيليابينسك» في غلاف الأرض الجوّي في روسيا عام 2013 تسبب بضرر أرضي كبير وأدّى إلى عدد كبير من الإصابات بين الناس.
ولتفادي تأثير انفجار مشابه آخر، استخدمت الباحثة إيمي ماينزر وزملاؤها في وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» طريقة بسيطة ولكن مبتكرة لرصد هذه الأجسام الصغيرة القريبة من الأرض في طريقها باتجاه كوكبنا.
- رصد الأجسام السماوية
تعمل ماينزر كباحثة رئيسية في برنامج ناسا لملاحقة المذنبات في مختبر «جيت بروبولجن» في باسادينا، كاليفورنيا، واستعرضت أعمال «مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي» التابع لـ«ناسا» في اجتماع أبريل (نيسان) للجمعية الأميركية للفيزياء الذي عقد في دنيفر. وتضمّن العرض، الطريقة الجديدة التي ابتكرتها لرصد الكويكبات ومساهمتها في الجهود المستمرّة لحماية الأرض من حوادث انفجار مستقبلية مشابهة.
وقالت ماينزر في حديث نقلته مجلة جمعية الفيزياء الأميركية إن «رصد جسم معيّن قبل أيام قليلة من الاصطدام، سيحدّ من خياراتنا في التعامل معه. لهذا السبب، ركزنا في جهودنا البحثية على رصد هذه الأجسام الصغيرة وهي لا تزال بعيدة عن الأرض، للحصول على الوقت الكافي لصدّها والاستفادة من احتمالات أكثر لتخفيف وقع الاصطدام».
ولكنّها أيضاً شرحت أنّ هذا الأمر صعب جداً ويشبه البحث عن قطعة فحم في سماء ليلية، إذ «تتميّز هذه الأجسام الصغيرة القريبة من الأرض بطبيعة باهتة لأنّها غالباً ما تكون صغيرة جداً وبعيدة جداً عنّا في الفضاء. ويجب ألّا ننسى أيضاً حقيقة أنّ بعض هذه الأجسام قاتمة جداً مثل حبر الطباعة، مما يصعّب رصدها في سواد الفضاء».
ولهذا السبب، وبدل الاعتماد على الضوء المرئي لهذه الأجسام في رصدها، ركّزت ماينزر وفريقها على ميزة خاصة أخرى بهذه الأجسام وهي حرارتها. إذ تتلقّى الكويكبات والمذنبات حرارتها من الشمس، الأمر الذي يجعلها تضيء مشعّة في طيف الموجات الحرارية (الأشعة دون الحمراء)، ويسهّل بالتالي رصدها بواسطة مستكشف الأشعة الحمراء عريض المجال والذي يعرف بـ«NEOWISE».
وأكدّت ماينزر أنّه وبواسطة «بعثة مستكشف الأشعة الحمراء عريض المجال، سنتمكّن من رصد الأجسام بصرف النظر عن لونها، واستخدامه لقياس أحجامها وغيرها من خصائص السطح».
إن استكشاف أسطح الأجسام الصغيرة القريبة من الأرض سيزوّد ماينزر وزملاءها بمعلومات حول حجم هذه الأجسام والمواد التي تكوّنها، والتي تعتبر ضرورية جداً لتطوير استراتيجية دفاعية لمواجهة تهديدها.
- تركيبة الكويكبات
مثلاً، ترتكز إحدى الاستراتيجيات الدفاعية على «دفع» الجسم الصغير القريب من الأرض بعيداً عن مسار التصادم مع كوكبنا. ولكن لاحتساب الطاقة المطلوبة لتلك الدفعة، لا بدّ من الحصول على معلومات كوزن الجسم وحجمه وتركيبته.
يعتقد علماء الفلك أيضاً أن فحص تركيبة الكويكبات سيساعد في فهم كيفية تكوّن النظام الشمسي. وكشفت ماينزر أنّ «هذه الأجسام تتمتّع بأهمية كبيرة، إذ يُعتقد أن البعض منها قديم جداً ويعود إلى عمر المواد الأولى التي كوّنت النظام الشمسي. ومن الأشياء التي اكتشفناها عن هذه الأجسام هي أنّها مختلفة جداً ناحية تركيبتها».
تحرص ماينزر اليوم على تطوير تقنيات الكاميرا للمساعدة في البحث عن الأجسام الصغيرة القريبة من الأرض. وتضيف «نحن بصدد طرح مستكشف جديد على ناسا وهو (كاميرا الأجسام القريبة من الأرض) الذي سيساعدنا في تقديم عمل أكثر شمولية لناحية رسم خرائط مواقع الكويكبات وقياس أحجامها».
و«ناسا» ليست الوكالة الفضائية الوحيدة التي تعمل اليوم على فهم الأجسام الصغيرة القريبة من الأرض. إذ تخطط بعثة «هايابوسا» التابعة لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) لجمع عينات من الكويكبات. وتعتزم تطوير تعاون ناسا مع المجتمع الفضائي العالمي في إطار الجهود الفضائية العالمية للدفاع عن كوكبنا في وجه صدمات الأجسام الصغيرة القريبة منه.


مقالات ذات صلة

التعاون بين روسيا وأميركا في مجال الفضاء مستمر

العالم محطة الفضاء الدولية (ناسا)

التعاون بين روسيا وأميركا في مجال الفضاء مستمر

تواصل روسيا والولايات المتحدة تعاونهما في مجال الفضاء في السنوات المقبلة، على الرغم من التوترات على الأرض.

يوميات الشرق إنجاز مذهل (ناسا)

مسبار «ناسا»... «يقهر» الشمس مُسجِّلاً إنجازاً مذهلاً

أكّدت «ناسا» أنّ المسبار «باركر» الشمسي «سليم» ويعمل «بشكل طبيعي» بعدما نجح في الوصول إلى أقرب نقطة من الشمس يصل إليها أي جسم من صنع الإنسان.

«الشرق الأوسط» (ماريلاند الولايات المتحدة)
يوميات الشرق صورة توضيحية للمسبار «باركر» وهو يقترب من الشمس (أ.ب)

«ناسا»: المسبار «باركر» يُسجل اقتراباً قياسياً من الشمس

أفادت وكالة «ناسا» الأميركية للفضاء بتسجيل مسبار فضائي في عيد الميلاد اقتراباً قياسياً من الشمس على نحو لم يحققه أي جسم من صنع الإنسان حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم مسبار «باركر» التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وهو يقترب من الشمس (أ.ب)

مسبار لـ«ناسا» يصل إلى أقرب مسافة له على الإطلاق من الشمس

يستعد مسبار «باركر» التابع لوكالة «ناسا» للوصول عشية عيد الميلاد، إلى أقرب مسافة له من الشمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.